عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Mar-2023

بني هاني يكتب: ربيع إسرائيل .. نتنياهو يشعل النار في ثوبه

عمون -

حسين بني هاني
 
بدت إقالة وزير الدفاع الاسرائيلي ، مثل القشة التي قصمت ظهر بعير نتنياهو السياسي ، وأظهرت بشكلٍ سافر هشاشة حكومته ، وضعف قبضته على أعضائها ، رغم ان الوزير المقال يعد أحد أعمدة حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو ، بل باتت الإقالة تهدد تماسك الحزب ، في وقت يكيل فيه يسار إسرائيل اللكمات له، ويشككون في أهليته وقدرته على قيادة دفة الحكم في إسرائيل ، نحو بر الامان في هذا الوقت العصيب الذي تمر به إسرائيل. بل بلغ الحد بهم للقول بانه (نتنياهو) لم يعد مؤهلًا نفسيًا لادارة ألدولة ، وأنه بات منفصلا عن الواقع ، ويعيش على حقائق غير موجودة على أرض الواقع ، تماما مثل صديقه ترامب.
 
المشهد السياسي العام في إسرائيل ، يشير بأن لاأحد باستثناء غلاة المتطرفين واليمين الاسرائيلي عموما ، يريد الاستماع لحجج نتنياهو التي يسوقها لتبرير حزمة اصلاح القضاء ، هذا الرفض لم يعبر عنه يسار إسرائيل وحسب ، وإنما طواقم الصحة والجامعات ونقابات العمال وغيرهم الكثير ، ناهيك عن تحذيرات المنظومة الامنية من مغبة فقدان السيطرة ، واندلاع فوضى لا طائل لاسرائيل فيها ، قالت عنها الصحف العبرية انها ستكون عارمة وغير مسبوقة ، ربما تطيح بأمن ألدولة برمته ، وتنذر بحرب اهلية شاملة ، سبق وان حذر منها رئيس ألدولة أسحق هيرتزوغ.
 
ليس هذا وحسب ، بل ان المحلل الاسرائيلي يوسي فارتر في صحيفة هاارتس كان اكثر تشاؤما ، وأشد قسوة على نتنياهو حين وصفه بانه الأشد خطرًا على إسرائيل من حسن نصرالله ، واخطر من ألرئيس الايرانى ومن قادة حماس والجهاد الاسلامي ، فيما قالت عنه الواشنطن بوست ، بأن سحره السياسي بات يفلت منه في وقت تسود فيه الفوضى عموم إسرائيل.
 
المشكلة لدى نتنياهو ،ان تراجعه عن التعديلات سيؤدي الى انفراط عقد حكومته ، خاصة في ظل تشدد وزير العدل ، بوصفه عراب ومهندس هذه التعديلات ، والمقرب أصلا من نتنياهو . صحيح ان نتنياهو سياسي عنيد، كما تصفه صحافة إسرائيل ، ولكن مشكلته الاكبر انه عنيد واقع بين يدي متطرفين ، يواصلون دفعه داخل نفق أزمة سياسية عميقة ، يعرف نتنياهو أنها ستكون فاصلة ، وتهدد بالانزلاق إلى مساحات خطرة ، اقلّها تصدع المجتمع الاسرائيلي مضافا اليه عزم جنود الاحتياط بمقاطعة الخدمة العسكرية ، ودخول قطاعات جديدة للمشاركة في الأضراب مع اليسار الاسرائيلي ، وبدت إقالة وزير الدفاع معها،الذي حذر نتنياهو من مغبة عدم الانصات لمخاوف المستوى الأمني ، وكأنه (اي نتنياهو) قد دخل في صراع مفتوح مع المنظومة الامنية ، بسبب تجاهل تحذيراتها ، وجعل المحلل في صحيفة هاارتس "يوسي فارتر" يقول ، انه" لو كان يوجد تقليد الانقلاب العسكري في إسرائيل ، لكانت أمس ( الاحد) قوات الأمن قد أعتقلت نتنياهو ووزير القضاء ياريف لفين والنجل الاكبر لنتنياهو يائير ".
 
لقد اراد نتنياهو بخطة اصلاح القضاء ، أن ينقذ نفسه من حكم القضاء ، ولكنه لم يتوقع ان تفتح عليه أبواب جهنم ، وبشكل تكاد نيرانها ان تحرق كل إرثه السياسي ، بعد ان أدخل إسرائيل برمتها في آتون فوضى عارمة ، ونفق مظلم اثار فيه غضب الاسرائيليين ، بعد ان شخصن السياسة وقدم مصالحه على حساب مصالح ألدولة، وعرّض خطته وحتى حزبه للنقد والرفض في الداخل والخارج ، وأقحم إسرائيل في دوامة سياسية صعبة ، تشبه ذاك الربيع الذي اجتاح المنطقة ذات حين ، ربيع بدا لي ان نتنياهو هو من أوقد جمره ، واشعل معه النار في ثوبه، دون ان يقصد ، وأحدث معه انقسامًا عميقا داخل المجتمع الاسرائيلي ، سيمضي وقت طويل حتى يتعافى منه ،يدرك نتنياهو خطورته ،في وقت هو أحوج ما يكون فيه لتماسك إسرائيل ، كي يتمكن من التصدي لمخاوف إسرائيل الأمنية ، بعد تلك التحولات السياسية الكبيرة ، التي شهدها الاقليم ، بعد الإتفاق السعودي الايرانى الاخير .