عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jul-2025

هل يتمكن لبنان من حسم ملف سلاح حزب الله؟

  الغد

لبنان -  يقف لبنان اليوم عند مفترق طرق تاريخي، بعد عقود من الصمت أو التسويات المرحلية تجاه سلاح "حزب الله"، الذي بات يُنظر إليه من بعض القوى الداخلية، وبعض الدول خارجيًا كعقبة أمام استقرار الدولة اللبنانية واستعادة سيادتها الكاملة.
 
 
إلا أن حزب الله يرى في قدراته العسكرية سدا بمواجهة الأطماع الصهيونية التوسعية في الأراضي اللبنانية، وعلى هذا الاساس يبذل الحزب جهودا كبيرة في سبيل الاحتفاظ بمقدراته العسكرية، التي باتت تواجه معضلة كبيرة بعد إنقطاع شريان السلاح الايراني عبر سورية بعد سقطو نظام الاسد.
 
زيارة المبعوث الأميركي توماس باراك إلى بيروت، وتسليم ورقة خريطة طريق واضحة لنزع سلاح الحزب، وضعت الجميع أمام لحظة حسم غير قابلة للتأجيل أو التسويف.
لكن في المقابل، لا تزال المعادلة الداخلية مرتبكة، والدولة اللبنانية عاجزة حتى اللحظة عن اتخاذ قرار جامع، بينما الحزب يلوح بخيارات بديلة لبقاء سلاحه، من بينها التحول نحو الحدود الشرقية مع سورية بدلا من الجنوب، في خطوة تقرأها واشنطن وبعض الأطراف بأنها محاولة لتثبيت موقعه في المشهد اللبناني بالقوة.
الورقة الأميركية التي حملها توماس باراك إلى بيروت، لا تترك مجالا للغموض، فهي تتضمن خطة من مراحل زمنية متدرجة لتسليم حزب الله سلاحه بالكامل، على أن يُستكمل ذلك في كانون الأول (نوفمبر) المقبل.
مقابل ذلك، تتوقف إسرائيل عن استهداف عناصر الحزب عسكريًا، وتُفرج واشنطن عن أموال إعادة إعمار المناطق المدمّرة جنوبًا، وتُشرف على إطلاق الأسرى المرتبطين بالحزب.
كما تدعو الخريطة إلى تحسين العلاقات مع سورية، وإجراء إصلاحات مالية لبنانية جذرية، الأمر الذي يشير إلى ربط المسار العسكري السياسي في الداخل اللبناني بمصير شبكة علاقاته الإقليمية.
الاجتماعات في قصر بعبدا بين ممثلي الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية جوزيف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام)، لم تثمر حتى الآن عن موقف واضح.
سلام أكد ضرورة "حصر السلاح بيد الدولة"، لكنه اصطدم بجدار مواقف غير حاسمة، إن لم تكن معرقلة، من قِبل قوى سياسية تتحالف أو تتقاطع مع "حزب الله".
ولخص الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد خالد حمادة، هذا التخبط بقوله: "القرار لا يجب أن يبقى رهينة لجنة ثلاثية؛ إنه من اختصاص الحكومة، وإذا لم تُتخذ خطوات تنفيذية الآن، سنبقى ندور في حلقة مفرغة".
ويحذر حمادة من أن "العدّ التنازلي بدأ فعلا منذ توقيع وقف إطلاق النار الأخير"، مشيرًا إلى أن واشنطن لن تنتظر طويلًا قبل اتخاذ خطوات منفردة.
واحدة من أبرز المعضلات التي تواجه "حزب الله" هي فقدانه المتسارع للشرعية الرمزية التي طالما استند إليها لتبرير احتفاظه بسلاحه، آخر هذه الضربات جاءت من داخل البيت الدرزي، حين أعلن وليد جنبلاط أن "مزارع شبعا سورية"، ناسفًا بذلك حجر الزاوية في خطاب الحزب المقاوم.
وتؤكد تقارير من الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها من القناة الثانية عشرة، أن هناك اتجاها لدى تل أبيب للاعتراف رسميًا بأن مزارع شبعا سورية، ضمن اتفاق متوقع مع سورية يتضمن تنسيقا استخباراتيا أمنيا بين الجانبين، في إطار معركة مشتركة ضد الحزب وإيران. هذا يعني باختصار، أن مبرر "المقاومة لتحرير الأرض المحتلة" يفقد آخر أنفاسه.
وفي ظل هذه المتغيرات، تروج مصادر عن احتمال أن يعيد "حزب الله" تموضعه نحو الحدود الشرقية مع سورية، بذريعة مواجهة "أي تطرف يأتي من الأراضي السورية". وهو ما اعتبره العميد حمادة محاولة فاشلة لكسب وقت إضافي: "الجيش اللبناني لديه القدرة على الانتشار وضبط الحدود. حزب الله ليس مفوضًا بالدفاع عن لبنان أو مراقبة حدوده، هذا دور الدولة فقط".
حمادة، الذي خدم أكثر من 37 عامًا في المؤسسة العسكرية اللبنانية، يؤكد أن مقولة "الجيش لا يستطيع نزع سلاح حزب الله لأن ذلك قد يؤدي إلى حرب أهلية" هي "كلام بلا قيمة".
ويضيف: "الحكومة تمثل كل اللبنانيين، والجيش يمتلك شرعية دولية ودستورية. ليس على الجيش أن يشتبك، بل أن يفرض الأمن عبر مناطق عسكرية مقفلة بالتنسيق مع الدولة، وهذا ما لن يجرؤ الحزب على منعه".
ويشدد العميد حمادة على أن الوقت قد حان لنقل هذا الملف الحاسم من دهاليز اللجان والتسويات إلى مجلس الوزراء: "ليس هناك لجنة ثلاثية يمكنها أن تحل محل السلطة التنفيذية. مجلس الوزراء هو صاحب القرار، وما يصدر عنه يوقّعه رئيس الجمهورية ويصبح قرارًا سياديا".
ويؤكد أن الدستور اللبناني يضع مسألة السلم والحرب تحت سلطة الحكومة، وليس بيد أي جهة سياسية أو مسلحة.
ويرى محللون أن "أي محاولة لنزع سلاح الحزب بالقوة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وربما تفجر مواجهات داخلية، خاصة إذا شعر حزب الله أنه مستهدف بشكل جماعي.
وأوصى محللون بأن يتم التعامل مع ملف سلاح حزب الله بحذر شديد من خلال مفاوضات تدريجية تضمن تقليص قدرات الحزب العسكرية من دون دفعه لاتخاذ موقف تصعيدي قد يعيد لبنان إلى أزمات داخلية خطيرة.
وفيما يتعلق بمدى الضغوط الذي قد يستجيب لها حزب الله، يقول محللون أن حزب الله يرى أن سلاحه وقدراته العسكرية جزء من منظومة الردع التي تحمي لبنان من تهديدات الاحتلال الإسرائيلي. "فرغم التزامه ببعض بنود الهدنة -مثل سحب قواته من جنوب نهر الليطاني- فإنه لم يظهر استعدادًا لتسليم سلاحه بشكل كامل، خاصة في شمال الليطاني".
ويقول مسؤولو حزب الله إن الاحتلال الإسرائيلي لن يحصل عبر الاتفاق على ما فشلت في تحقيقه بالحرب"، وهذا ما يعكس موقف الحزب القائم على اعتبار السلاح ضمانة أساسية له ولمؤيديه وللبنان. - (وكالات)