عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Feb-2019

زواج الأقارب.. علاقة "تفسدھا" وصایة الأھل

 

ربى الریاحي
 
عمان- الغد- حلم الثلاثیني سعد مصطفى بالاستقرار وتكوین عائلة سعیدة مترابطة، تلاشى واختفى بعد تدخلات الأھل الزائدة بسبب زواجھ بابنة عمھ الذي لم یستمر سوى ستة أشھر.
مشكلات كثیرة كانت السبب وراء طلاقھ، وتشتت ابنھ الوحید، بسبب زوجتھ السابقة وإصرارھا
على إشراك أھلھا في أدق التفاصیل، مما أفقدھما حق الخصوصیة وجعل علاقتھما مشاعا للصغیر قبل الكبیر.
یقول إنھ ورغم القرابة الشدیدة التي كانت تجمع بینھما، إلا أن ذلك لم یشفع لھ بل على العكس
ضاعف من ھمومھ وقیده أكثر فھو من جھة یخشى خسارة عمھ، ومن جھة أخرى یرید أن یحتفظ بحقھ في إدارة شؤونھ الأسریة بعیدا عن أي تأثیرات خارجیة تقود في أغلب الأحیان إلى التفكك وزیادة الخلافات.
ویبین أن شعور الأھل الدائم بالوصایة على أبنائھم حتى بعد أن یتزوجوا ویستقلوا، یدفعھم إلى
التدخل في كل صغیرة وكبیرة متجاوزین كل الخطوط، فضلا عن تجاھلھم حقیقة أن ھؤلاء الأبناء بحاجة لأن یختبروا تجارب الحیاة بمفردھم، وتكون لھم السلطة الكاملة على تلك التفاصیل الخاصة التي تجمع بینھم كأزواج.
ویؤكد أن تدخل الأھل غیر المبرر في حیاة الأبناء الأسریة یتسبب غالبا في خلق مشاعر الجفاء والعداوة بین الأقارب، وبالتالي التفكك والفرقة وتھدید الأمان الأسري وھدم الكثیر من الأحلام.
ویخضع زواج الأقارب لاختبارات وتأویلات كثیرة، وتبرز حقیقة التأثیر بتلك الوصایة القسریة من قبل أھل الزوجین. لذا فإن التدخل غیر المبرر والمبالغ فیھ ھو في صریح العبارة اعتداء مباشر على خصوصیة الزوجین وربما أیضا مصادرة لحریتھما ومنعھما من أن یعیشا الحیاة بطریقتھما كما یریدان.
ماجدة علي وھي أم لأربعة أبناء، تستغرب جدا إقحام بعض الأقارب أنفسھم في تفاصیل الحیاة الزوجیة، مبینة أنھ خطأ كبیر ترتكبھ عائلات تعتبر أن من حقھا التدخل في حیاة أبنائھا وتشرع ذلك لمجرد أن ھناك قرابة ما تجمع بین الزوجین.
ھي، ولأنھا تؤمن بقدسیة الحیاة الزوجیة وبضرورة حمایة تلك الخصوصیة التي تمیزھا، ترفض أن تكون سببا في تدمیر سعادة ابنتھا، مبینة أن زواج الأقارب فرصة لتوطید العلاقات وبناء جسور المحبة والثقة والأمان، وھذا تماما ما تلمسھ في علاقتھا مع ابن أختھا وخاصة بعد زواجھ من ابنتھا.
تقول إن خوفي على مصلحة ابنتي وحرصي على أن تكون أسعد واحدة دفعاني لوضع حدود ترتقي بھذه العلاقة المھمة، وتحمیھا من أي أحقاد أو خلافات قد تعبث باستقرارھا، مضیفة أنھا كثیرا ما تشكو إلیھا ابنتھا طالبة منھا التدخل بینھا وبین زوجھا بحكم أنھا خالتھ، ولھا كلمة علیھ، لكنھا ترفض وبشدة أن تقتحم تلك الخصوصیة. وتبرر ذلك بأن الأسرار الزوجیة ینبغي ألا تتخطى جدران البیت حفاظا على استقلالیة الكیان الأسري.
وتمیل الكثیر من العائلات إلى حصر علاقة الزواج بالأقارب، لأسباب عدة من بینھا الحفاظ على إرث العائلة من الغرباء وأیضا لاعتقادھم بأن العلاقة كلما كانت أقرب بین الزوجین كان التفاھم أكبر، وفق الأخصائي الاجتماعي الدكتور حسین محادین.
ویبین أن زواج الأقارب یلغي في الغالب حریة الاختیار لدى الأبناء، وخاصة إذا كان الأھل متشددین یرفضون قطعا فكرة زواج ابن لھم بأحد من خارج العائلة، معتبرین زواجھم من بعضھم بعضا عرفا لا یقبل التغییر أو التجاوز.
ویقول ”ھناك مشكلات اجتماعیة تنتج عن زواج الأقارب وتدخل الأھل في الحیاة الزوجیة كحدوث الفرقة وتلك الانشقاقات التي یخلقھا تحیز طرف ضد الطرف الآخر، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الطلاق بین المتزوجین الأقارب“.
ویشیر محادین إلى أن تدخل الأھل المبالغ فیھ یرتبط بأنانیة الآباء والأمھات، وتجاھلھم لأھمیة تربیة أبنائھم على الاستقلالیة والثقة بقدراتھم في تحمل المسؤولیة كاملة. ویشدد على أن الزواج
علاقة مھمة ینبغي حمایتھا بمساعدة جمیع الأطراف مع مراعاة اختیارات الأبناء العاطفیة وعدم السماح من البدایة للأھل بالتدخل بخصوصیات الزوجین بحجة القرابة.
ولأن الزواج الناجح ینبغي أن یكون قائما على الاحترام والتفاھم وإبقاء الحیاة الخاصة بمنأى عن تدخلات الأھل الزائدة، وفق الاختصاصیة والاستشاریة التربویة والأسریة سناء أبو لیل، فإنھا تشدد على أھمیة تغریب النكاح تجنبا للأمراض الوراثیة وحتى تظل العلاقات الأسریة مستقرة یقتصر دورھا على توجیھ الزوجین وتوعیتھما بدون أن یكون ھناك انتھاك لحریة أي من الأطراف.
وتذھب إلى أن علاقات المصاھرة، الأصل فیھا تأكید أھمیة ذلك الرابط وما ینتج عنھ من توطید لمبادئ إنسانیة تحث على الحب والسكینة والتقدیر والاحتواء وابتعاد الأھل كلیا عن إثارة الخلافات بین الزوجین وتحمیلھما عبء أحقاد قدیمة لیس لھما ذنب فیھا. وتؤكد ضرورة إعطاء الأبناء الحق في الاختیار وعدم تقییدھم إلا إذا استدعى الأمر التدخل وكان في ذلك الزواج إساءة لسمعة العائلة.