عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Oct-2019

ضغوط الحیاة والمشاعر السلبیة.. کیف تولدان الأمراض الجسدیة؟

 

دیمة محبوبة
عمان–الغد-  ”حیاتنا العصریة مربكة تتعب النفس والفكر كثیرا“.. بھذه الكلمات تصف خولة أبو الھیجاء ما تشعر بھ في خضم تفاصیل لا تنتھي، وتنعكس علیھا نفسیا وجسدیا.
الحیاة الیومیة، وفق خولة عبارة عن مسؤولیات وأعمال تتطلب الكثیر من الوقت، عدا عن التفكیر المرھق طوال الوقت، في وقت یسعى بھ الشخص لإثبات ذاتھ في محیط قد یحاربھ، ما یضاعف من شعور الفرد بالإكتئاب، وتزاید نسبة الأمراض.
وتلفت إلى أنھا تبلغ من العمر (38 عاما)، وتصاب بأوجاع بدنیة متتالیة، وتشعر بالإرھاق دائما، وتحدیدا عندما تصحو من النوم، وكأنھا تخطت سنوات عدیدة في وقت قصیر، وھذه الحالة لا تقاس علیھا وحدھا، فالكثیر من فتیات جیلھا یشعرن بذلك أیضا، وفق قولھا.
ویرى اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة بأن الحیاة المتسارعة زادت من نسبة المتاعب النفسیة، خصوصا مع استخدام التكنولوجیا بشكل مستمر، وتقید الفكر والحیاة الشخصیة بھا، وحتى الحیاة الأسریة، وكل ما یدور في حیاة الفرد، أصبح أمرا مرھقا للجسد والفكر والعقل، ما یؤثر على النفس.
ویؤكد أن طبیعة الحیاة السریعة والعصریة تتطلب الكثیر من الجھد والوقت، واستنفدت الطاقات بالكثیر من الجھد الفكري، ما شكل عبئا على الصحة النفسیة.
ویلفت مطارنة إلى أن الحیاة المتسارعة بمتطلباتھا المتزایدة جمیعھا تؤثر على النفس بشكل سلبي، ما یجعل ضررھا على سیر الحیاة صعبا ومؤثرا على الصحة العامة للجسد.
ویعرف مطارنة بأن الضغط النفسي عادة ما یكون من مشاعر سلبیة، ناتجة عن عدم التوازن بین النفس والجسد، أو بین المھمات المطلوبة والقدرة على أدائھا، أو الوقت الكافي لأدائھا أو عدم القدرة على التكیف مع الأحداث الحیاتیة، وینتج ھذا تفاعلا جسدیا نفسیا یظھر بشكل أعراض مزعجة أو مشكلات نفسیة أو جسمیة.
ویستذكر عون محمود حیاتھ في المرحلة الجامعیة، إذ كانت أكبر ھمومھ علاماتھ نھایة الفصل، وكیفیة تیسیر حیاتھ الاجتماعیة بالطریقة المثلى لشاب مثلھ في الجامعة.
أما الیوم، فیرى أن متاعبھ النفسیة جراء ضغوط الحیاة التي یعیشھا، تؤثر علیھ سلبا، فالعمل والضغط النفسي الذي یتعرض لھ، وانعدام الأمان الوظیفي، والاختلاط بأشخاص سلبیین، كذلك شؤون أسرتھ واحتیاجات أبویھ، ومشاكل اشقائھ والظروف المالیة الصعبة، ومدارس الأولاد، وأحلامھ التي لم تتحقق، كلھا باتت تشكل عبئا مضاعفا علیھ یمنعھ من الاستمتاع بأوقاتھ.
ویكمل، ”الحیاة سریعة، حتى متطلباتھا، فما أن یأتي اللیل علي حتى أشعر بأن قواي منھكة تماما“، ولا أحتمل شیئا جدیدا.
ویصف مطارنة أن الضغوط النفسیة من الممكن أن تكون إیجابیة، وھي عادة ما تكون قبل النجاح الدراسي أو العملي أو حتى في العلاقات الأسریة والاجتماعیة، وھناك الضغوط النفسیة السلبیة، وھي الأكثر تأثیرا على الصحة، إما لحدوثھا بعد صدمة أو ضغط حیاتي أو مصائب أو نتیجة لعدم التحكم بھا.
ویلفت، إلى أن ھناك ضغوطا سلبیة ھي من بناة أفكار الفرد ذاتھ، فالشخص الذي یعیش في كآبة أو قلق معین ھو الذي یبادر لذھنھ الأمور السیئة.
ویؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جریبیع أن الفرد علیھ أن یستوعب أن الحیاة متذبذة یوم جمیل، ویوم سیئ، ویوم لا معنى لھ، لكن علیھ أن یكون القائد قدر الإمكان لتلك الأیام جمیعھا، ویحاول تحقیق التوازن بھا، لیحقق التوازن النفسي، ویعیش بشكل أفضل، ویبني مستقبلا أفضل لھ ولعائلتھ ولمجتمعھ.
ویؤكد أن بعض القلق والمشاعر السلبیة عادة یكون حافزا وشرارة أمل لحاضر ومستقبل أجمل.
ویشیر إلى أن الكثیر من الدراسات الطبیة تظھر أن المشكلات السلبیة والتفكیر السلبي یمكن أن تؤثر على صحة الجسد وترھقھ حقیقیة، ولذلك على الفرد أن یتحكم بذاتھ ویقوم بتسویة الأمور قدر المستطاع لیحقق الصفاء والتوازن.
حالة أبو أیمن وما وصل لھ بعد تعرضھ لأزمة قلبیة حادة شفي منھا بصعوبة، بعد أن كان ”یعطي الأمور أكثر من حجمھا“ على حد تعبیره، مؤكدا، أن الأھم ھي صحة الفرد، ولا شيء قبلھا.
وبحكم تجربة أبو أیمن یشیر إلى ضرورة أن یعلم الفرد بأن الضغوط موجودة وبكثرة، ولا یمكن التحكم بالكثیر منھا، لكن من الممكن التحكم بالنفس وإدارة انفعالاتھا وتحسین نوعیة الأفكار لمواجھة الضغوط بدون متاعب تذكر، وھذه النصیحة على حد تعبیره یومیا یذكر نفسھ بھا، ویتحدث بھا أمام الآخرین.
ویؤكد اختصاصي الطب العام د. مخلص مزاھرة بأن الضغوطات النفسیة والتفكیر السلبي نقطة جذب للكثیر من الأمراض وأھما الضغط والسكري، وھما یؤثران بشكل كبیر على حیاة الفرد وسلوكیاتھ الیومیة، ولھما مضاعفات أخرى كحدوث التجلطات.
والتفكیر السلبي یجعل الجسد مرھقا لا طاقة فیھ، وفق مزاھرة، مما یقلل من المناعة ویجعل الجسد معرضا لأي مرض بسیط إلا أنھ یفتك بصاحبھ من شدة التعاسة والصورة السلبیة.
وینصح مزاھرة بأن الكثیر من التصرفات یمكن أن تبدد الرؤیة السوداء، منھا تغییر نمط الفكر وذلك یأتي مع التدریب. بالإضافة إلى استخدام بعض المھارات السلوكیة، التي یمكن من خلالھا السیطرة على ما یواجھ من ضغوط كممارسة الاسترخاء والتأمل فذلك مفید في كل أنواع الضغوط.
إلى ذلك، ممارسة الریاضة فھي تعود بالنفع وطرد الطاقة السلبیة من حیاة الفرد، وجعلھ أكثر صحة ونشاطا ومناعة. وفق مزاھرة.
وینصح بالاھتمام بالجانب الاجتماعي، لما لھ من أثر في الاحتواء والدعم، من خلال مجالسة الأشخاص الإیجابیین الذین یمدون الفرد بالطاقة الإیجابیة للمواصلة، وكذلك بالتواصل مع الأصدقاء.