عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Mar-2020

محكمة لاهاي فقط تستطيع وقف الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين - حجاي العاد
 
في صيف العام 2014 قتلنا في قطاع غزة، بقصف جراحي وتجميلي، أكثر من 500 طفل فلسطيني. رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، ورئيس الاركان في تلك الفترة، بني غانتس، يقفان، الآن، على رأس الحزبين الكبيرين في الدولة.
 
في خريف العام 2017 أعلن وزير الدفاع في حينه، افيغدور ليبرمان، نيته بأن يدمر كليا تجمع الخان الأحمر، بما في ذلك المدرسة التي توجد في المكان، وأكواخ الصفيح التي تشكل بيوت اكثر من ثلاثين عائلة، جميعها فلسطينية بالطبع. ايضا ليبرمان هو رئيس حزب إسرائيل بيتنا. قضاة محكمة العدل العليا عادوا وأكدوا شرعية «الهدم».
 
في شتاء 2020 نشر الرئيس دونالد ترامب خطته للاعتراف الأميركي بـ «إسرائيل الكبرى»، التي ستمتد على جميع الاراضي التي تقع بين النهر والبحر، دون اعطاء الجنسية لملايين الفلسطينيين أو حقوق إنسان أو حق التصويت. تملي الخطة الخضوع المطلق على الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته تكشف بشكل واضح طموح إسرائيل لمواصلة هندسة الوضع الديمغرافي في هذا الفضاء كما تشاء، من وادي عارة مروراً بالأحياء العربية في القدس التي تقع خلف جدار الفصل وانتهاء بآخر القرى في منطقة ج. وماذا بشأن ليبرمان وغانتس؟ لقد باركا هذه الخطوة.
 
كم هو عدد الأطفال الذين سيقتلون في غزة في الصيف القادم؟ وكم هو عدد التجمعات الفلسطينية الأخرى التي سندمرها في السنوات القريبة القادمة؟ وكيف ستظهر الحياة في ظل نظام يسعى الى تخليد التفوق على شعب آخر؟ وما الذي نحن مستعدون لفعله من أجل القول لكل ذلك: كفى؟.
 
الأطفال في غزة «لم يموتوا». فشخص ما خطط كيف سيتم قصف المنازل من الجو، وشخص ما قرر بأن هذا «قانوني»، وشخص ما أعطى الأمر، وبعد محو عائلة اخرى مع أطفالها من العالم فإن شخصاً ما طمس وأخفى الأمر حتى قدوم القصف القادم. والجرافات، التي تقوم بهدم المنازل في «ارجاء المناطق السيادية»، لا تسير من تلقاء نفسها. فشخص ما خلق جهاز تخطيط هدفه عدم المصادقة على بناء الفلسطينيين، وشخص ما قرر أن هذا «قانوني»، وشخص ما أصدر أوامر الهدم، وشخص ما أمر بتنفيذها. ونظام الحكم، الذي هدفه تقدم شعب على حساب سحق شعب آخر، لم يقم بخلق نفسه. فهناك من يقف على رأسه ويقوده ويخرجه من حيز القوة الى حيز الفعل.
 
ومن أجل التمكين من حدوث ذلك من الجدير إسكات من يعارض. لذلك، سمّى سفير إسرائيل في الأمم المتحدة جهود الفلسطينيين للعمل ضد خطة ترامب «ارهابا دبلوماسيا»؛ لأن أي محاولة فلسطينية للمطالبة بالحقوق أو الحرية يجب أن تكون مؤطرة كـ «ارهاب». لذلك، سارع نتنياهو الى الاعلان عن «أحكام لاسامية» للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. لأن أي خطوة دولية يجب أن تكون معرفة كلاسامية. لذلك، منظمات حقوق الانسان الإسرائيلية، التي تعمل ضد الاحتلال، يجب أن يتم إظهارها كخائنة وغير مخلصة.
 
نحن مخلصون لحقوق الإنسان والمساواة والعدل والحرية. مخلصون لمحاولة بناء مستقبل بين النهر والبحر يقوم على هذه القيم. هذا الاخلاص قادنا الى مناشدة مجلس الامن من أجل القيام بعملية دولية تؤدي الى انهاء الاحتلال. وهذا الاخلاص ذاته جعلنا نطلب من الجنود الإسرائيليين رفض الأوامر غير القانونية لإطلاق النار من بعيد على آلاف المتظاهرين الفلسطينيين على حدود القطاع. 
 
وإذا لم تتم محاكمة أحد عن ذلك فلن يتغير أي شيء. وهذا ما تسعى إليه الحكومة بالضبط. ولكن اذا تقرر أن هناك سلطة ستبدأ في التحقيق في لاهاي، عندها ربما ستضطر الدولة أخيرا الى البدء في الأخذ في الحسبان إمكانية أنه سيكون للجرائم التي ترتكبها ضد الفلسطينيين ثمن.
 
نعيش في عالم فيه الاحتمالات الفعالة للدفاع عن حقوق الإنسان آخذة في التقلص. لا توجد لدينا أوهام. 
 
في المحكمة في لاهاي سيقررون في الأشهر القريبة القادمة هل توجد للمحكمة صلاحيات اقليمية على الوضع في المناطق، وهذه الصلاحية توجد منذ انضمام فلسطين لميثاق روما (وسلسلة طويلة من المواثيق الاخرى) كما قررت المدعية العامة. ولا يمكن التقليل من اهمية هذا القرار الذي يبدو أنه إجرائي فقط. اذا قرر القضاة تبني موقف المدعية العامة فسيتم فتح تحقيق. ولكن إذا تقرر شيء آخر فسيتم إغلاق التحقيق قبل أن يبدأ. هذا الأمر سيكون بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل في العالم الذي تقريبا لم تبق فيه أضواء حمراء. وبقي فقط الأمل بأن تتبنى المحكمة موقف المدعية العامة والقول «توجد صلاحيات وسيكون هناك تحقيق».
 
 «هآرتس»