عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Aug-2019

الإعلام المصري يواجه أزمات الاعتقال والبلاغات وتسريح العاملين

 

القاهرة ـ «القدس العربي»: ما بين اعتقال وتسريح عمالة، وبلاغات تلاحق المعارضين والمؤيدين لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يعيش الإعلام المصري، حالة من التضييق، لم يشهدها من قبل. وكشف عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، عمرو بدر، عن اعتقال الإعلامي في التلفزيون المصري، مدحت عيسى، من منزله، يوم الثلاثاء، وعرضه على النيابة العامة، التي قررت حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات، من دون إطلاع المحامين على الاتهامات الموجهة إليه، أو معرفة مكان نظر تجديد قرار الحبس.
وفي مطلع فبراير/شباط 2017، مُنع عيسى من الظهور على شاشة القناة الرابعة المحلية، التي كان يقدم فيها أحد البرامج، بتعليمات عليا، بحجة انتقاده للأوضاع السياسية التي تمر بها مصر على حسابه الرسمي عبر موقع «فيسبوك»، مع العلم أن الرجل مذيع سابق في قناتي «الغد العربي» و«إم بي سي مصر».
وسبق أن اعتقل عيسى في ديسمبر/كانون الأول عام 2011، أثناء تغطيته قرعة للإسكان في مبنى محافظة السويس في حضور قائد الجيش الثالث الميداني، حيث منع من الدخول لتغطية أحداث القرعة، ما دفعه للهتاف بسقوط المجلس العسكري أمام مبنى المحافظة، ليحتجز داخل مدرعة تابعة للجيش. وقدم عيسى في تلفزيون القناة برامج «حكايات الغريب»، و«السوايسة»، فضلاً عن نشرة الأخبار.
اتهامات الانضمام لجماعة الإخوان، أو حتى مشاركتهم أفكارهم، وهي الاتهامات الجاهزة التي اعتادت السلطات المصرية توجيهها للمعارضين خلال السنوات الماضية، طالت حتى إعلاميين مؤيدين لنظام السيسي.
إذ تقدمت نادية هنري، عضو مجلس النواب، ببلاغ إلى النائب العام، اتهمت فيه الإعلامي الموالي للنظام، تامر أمين، «بتطبيق فكر ومنطق جماعة الإخوان المسلمين».
وقالت النائبة في بلاغها إن أمين «تحدث عن منفذ تفجير معهد الأورام الذي وقع قبل أسابيع في القاهرة، وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا، أثناء تقديم برنامجه (آخر النهار) المذاع على قناة النهار الفضائية، وذكّر في كلماته فرضية جدلية غير مقبول أن تقال من الأساس، بحجة إنه يتحدث بفكر وبمنطق جماعة الإخوان».
وتابعت أن «الإعلامي وجه حديثه لمنفذ الهجوم قائلا: وأنت متوجه لقتل الكفار في الشارع لم تتخيل أن هناك كافرا ومسلما وسيدة مسلمة تصلي وتصوم موحدة بالله وتنطق بالشهادة».
واعتبرت أن «تصريحه فيه تحريض على التمييز بين المواطنين في الشارع، وأن كل المصريين أبرياء آمنين على حياتهم لهم جميع الحقوق وعليهم كل الالتزامات، ونعلن حرمة الدم المصري، وأنت أمين لا يعفيه من المسؤولية أنه يفترض الحديث بفكر وما يدور في ذهن الجماعات الإرهابية، وأنه يجب أن يقول على المصريين مواطنين وليس وصفا آخر».
وتابعت في البلاغ أن «الإرهاب الأسود في كل هذه الأحداث الإرهابية الآثمة يستهدف في المقام الأول الدولة المصرية ويريدون زعزعة الأمن والاستقرار وترويع الآمنين ولا يفرق الإرهاب الآثم بين أبناء الشعب المصري، لأن مخططاتهم الإجرامية تدمير الوطن، وتتحالف قوى الشر في الداخل والخارج لأنهم يريدون إسقاط الدولة المصرية».
وزادت: «هذا الإعلامي لم يدرك بيان حركة (حسم) الإرهابية بشأن الواقعة جيدًا، ومن ثم فهذه الفرضية الجدلية في غير محلها وجانبه الصواب فيها، ومرفوضة، وتضعه تحت طائلة القانون».
وكانت النائبة تقدمت بطلب إحاطة إلى مجلس النواب، طالبت فيه، المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتطبيق قواعد العمل الإعلامي على أمين، والحفاظ على مقتضيات الأمن القومي المصري، باعتباره شجع على ثقافة العنصرية والتمييز في المجتمع المصري الأمر الذي من شأنه تدمير الدولة وهدم الأوطان.
في السياق، الإعلامية المصرية ريهام سعيد التي عادة ما تثير جدل في برنامجها، تحدثت عن السمنة وأوزان المصريين، معتبرة أن ذلك سيرفع شأنها وسيجعلها مقربة من النظام، خاصة أن هذا الأمر سبق وتحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منتقدا أوزان المصريين أكثر من مرة.
ولم تعلم سعيد أن محاولتها التقرب من النظام، ستدفع ثمنه، منعا من الظهور على الشاشات. فقد أصدر المجلس الأعلى المصري لتنظيم الإعلام، قرارا بمنع ظهور سعيد لمدة عام، على كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والإلكترونية؛ بناءً على توصية لجنة الشكاوى في المجلس والتي تولت التحقيق مع ريهام سعيد، بعد شكوى تقدم بها المجلس القومي للمرأة بعد حلقة رأى المجلس أنها أساءت للمرأة المصرية.
واستعرضت لجنة الشكاوى، نتائج التحقيقات التي أجرتها في الشكوى المقدمة من المجلس القومي للمرأة ضد سعيد، وناقشت الأقوال التي أدلى بها الممثل القانوني لقناة الحياة وأقوال المذيعة المشكو في حقها كما تابعت آراء الجمهور على مواقع التواصل وتعليقات المنظمات النسائية وكتاب الرأي.
وخلصت إلى أن «المذيعة المشكو في حقها ارتكبت جريمة إعلامية بالإساءة إلى سيدات مصر وخلطت بين رأيها الشخصي وبين واجبها الإعلامي وخالفت المعايير المهنية باستخدام عبارات وألفاظ وأوصاف تمثل إهانة واضحة وصريحة وبشكل عام لسيدات مصر، وإنها تفتقر إلى الحس الإعلامي والإنساني، وخلطت بين مرضى السمنة وبين أصحاب الأجسام الممتلئة».
وفي الأثناء، فصلت شركة إعلام المصريين، التابعة للمخابرات المصرية، نحو 150 موظفا، بينهم محررون، ومراسلون، ومذيعون، ومنتجون، وفنيون، ومخرجون، في قناة «دي إم سي نيوز»، التي ما تزال تحت التأسيس، والتي علّق عليها السيسي، آماله، لتكون «ذات مستوى عالمي».
وجاءت خطوة فصل موظّفي القناة، الذين تعاقدت معهم الشركة قبل عامين، والذين كانوا موزّعين على القناة ذاتها، وعلى القنوات الأخرى التابعة لشركة إعلام المصريين، وعلى شركة دي ميديا، بدعوى إعادة الهيكلة.
وكان السيسي، قد أعلن خلال لقائه مع مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام على هامش منتدى شباب العالم، في شرم الشيخ، عام 2017، أن الاستعدادات جارية لإطلاق قناة تلفزيونية إخبارية مصرية ذات مستوى عالمي، مُشيرا إلى أن إطلاق القناة سيتمّ «قريبا»، إلا أن القناة تعثّرت منذ ذلك الوقت.
وأشار السيسي إلى القناة، التي من البديهيّ أنها كانت ستكون أحد أبواق السلطات، خلال مؤتمر الشباب في يوليو / تموز الماضي، حينما وجّه نقدا للإعلام المصري، قائلا إن «المحتوى غير مرض لنا جميعا»، مُقدّمًا الوعود بإصلاح ذلك.
ولمعرفة قبضة السلطات المصرية على الإعلام بشكل عام، يكفي ذِكرُ أن عدد المواقع الإخبارية والحقوقية المحجوبة في مصر، حسب مراصد صحافية وحقوقية، قد تجاوز 500 موقع، بدون معرفة الجهة الرسمية التي تصدر تلك القرارات وعلى أي أساس، وهذه المواقع بعضها عاد إلى العمل بشكل طبيعي وبعضها يُرفع عنه الحجب ثم يعود مرة أخرى، وبعضها ما يزال محجوبا.
وفيما يقر الدستور المصري حظر أي وجه يفرض رقابة على الصحف أو مصادرتها أو وقفها باستثناء زمن الحرب إلا أن قانون «تنظيم الصحافة والإعلام» الذي صدر العام الماضي وتحفظت عليه الجماعة الصحافية، توسّع في منح «المجلس اﻷعلى للإعلام» صلاحيات الحجب والمنع والمصادرة.
وتعتمد قرارات المجلس، وفق مراقبين، على «معايير فضفاضة» لتأويل الحجب الإلكتروني أو منع طباعة الصحف، وترتبط بأمور مثل «الأمن القومي والآداب العامة ومخالفة القانون والدستور».