عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Oct-2021

المقال الفخ*مجيد عصفور

 الراي 

المقال الذي كُتِبَ باسم شخص ظهر فجأة من عالم الجهل والمجهول، يحمل فكراً تآمرياً على الأردن كدولة وعلى الأردنيين كأصحاب أرض منذ آلاف السنين، كما يحمل فكراً لا يقل تآمراً على الشعب الفلسطيني وقضيته وحقه في استرداد أرضه ليقيم عليها وطنه المنشود.
 
الهجوم الذي اعقب نشر المقال لم يكن موجهاً على من كُتِبَ المقال باسمه لانه كشخص دون مستوى النظر والحسابات، بل دفاعاً عن الوجود بعد ان استشعر الاردنيون انهم ووطنهم الخطوة التالية في مخطط الاستهداف الصهيوني بعد انفاذ الخطوة الأولى باحتلال فلسطين كلها على مرحلتين وبعد حربين يفصل بينهما أقل من عقدين بسنة واحدة (1948-1967)، فالمسألة واضحة لا تحتاج إلى تفسير ولا يجوز فيها الاهمال وعدم الاكتراث.
 
واضع المقال يعرف أنه مليء بالثقوب والفراغات وربما يكون قد تعمد تركها دون ذكر من أجل جر العرب للتفاوض عليها والبحث عن اجابات عن الأسئلة التي ستثار كمصير فلسطينيي لبنان وسورية والشتات وغير ذلك من الحقوق التي ظل الشعب الفلسطيني مُتمسِّكاً بها منذ احتلال أرضه بعد حربي 1948 و1967.
 
إذن خطورة المقال تكمن في أنه فخ لجر العرب إلى تفاوض تكون الفكرة الأساسية فيه هي أرضية التفاوض والمفاصلة ونقلهم إلى مربع جديد تماما كما تمت جرجرتهم عبر سنوات الصراع من تنازل الى تنازل ليظل مسلسل التراجع والتنازل من الجانب العربي مستمراً فيما التقدم وتحقيق الأهداف من الجانب الإسرائيلي مستمر أيضاً فمنذ أن اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين لكل من العرب واليهود وجعل القدس تحت الوصاية الدولية، ثم دعوة إسرائيل العرب لعقد مفاوضات مباشرة من أجل التوصل إلى سلام بعد إعلان قيام الدولة عام 1948، ثم وبعد احتلال بقية فلسطين عام 1967وبعد حرب عام 1973، تم اقناعهم وبضغط دولي برئاسة الولايات المتحدة لعقد مباحثات سلام بدأت في مدريد وانتهت بكامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة دون أن يتحقق السلام أو يحصل الشعب الفلسطيني على دولته التي رضي أن تكون على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية مُعترفاً ومُقِراً لليهود بحق قيام دولة إسرائيل على فلسطين التي احتلت عام 1948 وتنازل مرغماً عن أي مطالبة وأي حق بفلسطين التي احتلت في ذلك العام.
 
لم يكتف العدو الإسرائيلي بكل هذه التنازلات فما زال يطمع بالمزيد من الأرض العربية فبالنسبة إليه فلسطين صارت بالجيب ولا تراجع عن أي شبر من أرضها من النهر إلى البحر، ولا قبول لأي حل يعطي الفلسطينيين أي نوع من الحقوق، حتى الحكم الذاتي الشكلي القائم الآن والذي يسمونه دولة أو سلطة سيتم الغاؤه بعد حين عند اكتمال ضم كل أراضي الضفة الغربية إلى جسم دولة إسرائيل وجعل كامل الدولة حصراً لليهود دون غيرهم.
 
من هنا جاء المقال كخطوة أولى نحو تأسيس ونشر مفهوم جديد يقوم على أساس خلط الأوراق وترحيل القضية مكاناً ووضعها في حضن الأردن ومن ثم اقناع العالم بأن الأردن هو وطن الفلسطينيين استناداً إلى ذرائع وحجج من بينها المسألة الديموغرافية، ومن غير المستغرب أن تتقدم إسرائيل بالتنازل عن المطالبة بالأرض الأردنية التي يعتبرونها وفق تفسيرهم لوعد بلفور كجزء من الأرض التي منحت لليهود لاقامة وطنهم القومي عليها، وبذلك تكون إسرائيل قد ابدت حسن نية أمام العالم لإنهاء هذا الصراع المزمن ووضع حد لمظلومية الشعب الفلسطيني، وليس مهماً بعد ذلك ما سيكون عليه مصير الشعب الأردني الذي سيدافع عن أرضه ونفسه بكل أشكال الدفاع بما في ذلك القتال حتى الاستشهاد، وبنفس القدر من عدم الاهتمام سيتعامل العالم مع تداعيات أية فتنة أو حتى اقتتال قد ينشب بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
 
إن العودة إلى الثوابت والتمسك بها هو فقط ما يحمي الأردن ويعيد للفلسطينيين حقوقهم، وأهم تلك الثوابت ابقاء خيار الحرب والمقاومة قائماً، فما دام هناك احتلال لا بد من مقاومة واستعداد وبناء قوة تقابله فلم يعرف التاريخ ان محتلاً غادر أرضاً كرماً أو اعترافاً بحق أصحابها، بل القوة فقط هي من يكنس العدو من الأرض.
 
آن للعرب أن يفهموا أن إسرائيل عدوهم الأساسي والدائم وانهم سواء كانوا بعيدين أو قريبين فهم ضمن دائرة الأطماع والاستهداف وأن السعي لجعل شعار إسرائيل المرسوم على علم الدولة لن يتوقف حتى تبسط الصهيونية سلطتها على أرض العرب الواقعة بين النهرين النيل والفرات.