مأسسة الاستجابة الإنسانية.. الظرف والأهمية*د. عبدالحكيم القرالة
الراي
يواصل الأردن جهوده الإنسانية لنصرة الاشقاء في غزة بشكل دؤوب ومنظم منذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع ضمن منهجية عمل متصاعدة وشمولية للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية التي خلفتها ماكنة الحرب الاسرائيلية.
واستكمالا لهذا الجهد الفاعل والمنظم يستضيف الأردن في الحادي عشر من الشهر الجاري مؤتمرا دوليا للاستجابة الانسانية الطارئة في غزة بالشراكة مع مصر الشقيقة والأمم المتحدة بمشاركة عدد من القادة ورؤساء منظمات دولية انسانية وإغاثية لمأسسة هذا الجهد وتنظيمه بشكل يعين الاشقاء في محنتهم في ظل ما يعانوه من قطع لكل سبل الحياة وبالتوازي اعاقة ممنهجة لوصول المساعدات.
هذا المؤتمر مهم الدلالات والتوقيت في ظل صلف إسرائيلي وتعنت وعنف وإجرام تضطرد معها الأكلاف الإنسانية الباهظة يوما بعد يوم، الأمر الذي نبه له الأردن مبكراً وحذر من مغبة السكوت عنه دون تحرك دولي منظم..
أهمية هذا المؤتمر في ظل هذه الظروف أنه ملتقى يجمع قادة ومسؤولين يمثلون الاطراف الاكثر اشتباكاً في شق الاستجابة الأنسانية ما يعني التقاء ذوي العلاقة والاختصاص سيسهم بالضرورة الى خارطة طريق ناجعة للتعاطي مع هذا الحدث الطارئ والاستثنائي خلال هذه الظروف وبعد توقف الحرب.
من هنا فإن مأسسة وحشد جهد دولي إنساني بالتنظيم والتنسيق ووضع تصور دقيق عن حجم الكارثة والدمار الذي لحق بقطاع غزة، وما المطلوب تقديمه يمكن لهكذا ملتقى دولي أن يضع اللبنة الاولى والخطوة الضرورية للبدء في الاشتباك الحقيقي مع هذه الكارثة..
وضع سلم الاحتياجات والأولويات والخطط اللوجستية والعملياتية من قبل قادة ورؤساء ومؤسسات أممية ذات علاقة كل ذلك يضفي اهمية نوعية في طريق وقف كل هذه الكارثة والبدء فورا في علاج تداعياتها الانسانية بكل الامكانيات المتاحة.
وفي هذا فأن نهج التشاركية وتكاملية الأدوار كخطة عمل فاعلة في تجاوز هذه المحنة، كان سعي الأردن الدائم لحشد جهد دولي إنساني وهذا ما يحققه هذا المؤتمر المهم في إطار تحقيق الغايات المرجوة..
لن تقف مخرجات هذا المؤتمر عند حد التعاطي مع الأزمة الانية، بل سيؤسس لمرحلة مهمة ترتبط بإعادة إعمار غزة، والتي تحتاج لتكاتف الجهود دولياً لتجاوز كل تبعات هذا العدوان وما خلفه من دمار كبير لحق بكل قطاع غزة.
الدبلوماسية الاردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، سعت بجد واجتهاد إلى حشد وتنظيم جهد دولي مؤسسي للاستجابة الفورية للتعاطي مع هذه الظروف الكارثية التي يعانيها الاشقاء، عبر التشبيك والتنسيق مع كافة المؤسسات الأممية ذات العلاقة والاشقاء والاصدقاء لتحقيق المأمول...
وبرغم أن ما أنجز في شق الاستجابة الإنسانية لم يحقق الغاية المرجوة، وهذا يدعو للإحباط، لكن الأردن بقي بذات العزم والعزيمة مستمرا في اجتراح الحلول والأفكار الخلاقة ومنها استضافة مؤتمر دولي بهذا الحجم والزخم بغية تجاوز العقبات والعراقيل التي تقف في وجه تعزيز استجابة إنسانية فعلية وناجزة..
جملة القول انعقاد هذا المؤتمر سيؤسس لجهد دولي جوهري ومهم في انتشال الاشقاء من براثن العنف والإجرام، ما يمثل مكسبا مهما في معركة الحق الفلسطيني على الصعيد الإنساني وتتويجاً للجهد الدبلوماسي والسياسي الأردني الفاعل في دعم صمود الاشقاء منذ بداية العدوان.