عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Apr-2024

المهارات الرقمية.. متى تصبح أساسية بالمناهج؟

 الغد-آلاء مظهر

 فيما استوقفت عبارة "التعليم في وصفه الحالي، لا يناسب متطلبات (الثورة الصناعية الرابعة)"، التي وردت في تقرير "حالة البلاد للعام 2023"، العديد من المراقبين، كشفت العبارة أيضا عن سؤال مهم حول كفاية الوعي فقط بمفهوم المعلوماتية الرقمية أو الرغبة في الاطلاع على المهارات في تمكين الطلبة لاحقا من المهارات الرقمية ومحو أميتهم في هذا المجال. 
 
 
وكان أوصى تقرير "حالة البلاد"، بضرورة تحديث المناهج لتشمل "محو الأميّة الرقمية والترميز وتحليل البيانات، ومهارات أخرى ضرورية للثورة الصناعية الرابعة"، بينما يؤكد خبراء تربويون أن التطورات التكنولوجية تستوجب من قادة التعليم إعداد جيل متمكن من معطيات المعرفة العلمية والمهارات الرقمية وتوظيفها في حياتهم كمتطلب أساس للمستقبل ومهاراته ووظائفه واحتياجاته للتفاعل معه.
 
وبين هؤلاء الخبراء لـ"الغد"، أن ما فرضته الثورة الصناعية الرابعة وأدواتها تتطلب العمل الآن على محو الأمية الرقمية والأبجدية، لافتين إلى أن العالم يعيش اليوم في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا والتحول الرقمي، ولذا ينبغي أن يكون تعلم المهارات الرقمية جزءا أساسيا في مناهجنا الدراسية لتمكين الطلبة من التفاعل مع العالم الرقمي وتحقيق التفوق في مختلف المجالات.
ودعوا القائمين على الأنظمة التعليمية إلى مراجعة منظوماتهم التعليمية، لا سيما وأنهم يدركون أن العصر الحالي الرقمي السريع الذي فرضته التطورات التكنولوجية والثورة الصناعية الرابعة يتطلب القدرة على الوصول إلى المعلومات وتنظيمها وتقييمها واستخدام الأدوات والوسائط الذكية لحل المشكلات.
وفي هذا الصدد، قال الخبير التربوي مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقا الدكتور محمود المساد، إن مجرد الوعي بمفهوم المعلوماتية الرقمية أو مجرد الرغبة في الاطلاع على المهارات الأساسية لاستخدام تقنيات الحاسب الآلي والشبكات الإلكترونية لا يعني أن الفرد أدرك وتمكن من المعرفة والمهارات الرقمية.
وبين المساد أن مفهوم محو الأمية الرقمية يتعدى ذلك إلى بناء الإمكانيات والقدرات لاكتشاف المعلومات عند الحاجة إليها، وتحديد مكانها وكيفية الوصول إليها، وتقييمها واستعمالها بشكل فعال، والوعي بالجوانب الأمنية في العالم الرقمي، ومعرفة الحقوق والحدود لتجنب الوقوع فيها، فضلا عن فهم الخوارزميات الرياضية منذ سنوات الدراسة الأولى وما ينبني عليها من معرفة ومهارات بشكل بنائي، وصولا إلى التمكن من التوظيف الفعال لها في الواقع الحياتي.
وأوضح أن نسبة الأمية الرقمية في المجتمع الأردني تعد عالية جدا، فعلى مستوى التعليم ما زلنا في "مجال التخطيط والتردد" في تنفيذ أي خطوة باتجاة توظيف الذكاء الاصطناعي بحجج عدم توفر المخصصات المالية، وضعف إمكانات البنى التحتية المدرسية، والابتعاد بالمناهج والكتب المدرسية عن مهارات التفكير، وتدني مهارات المعلمين واهتمامهم بمجال الذكاء الاصطناعي بسبب غياب التدريب.
وتابع: "عند التدقيق في مفهوم الرقمنة في المناهج المدرسية والحياة العملية، نكون قد وقفنا على حجم الجهود المطلوب بذلها في تحقيق هذه المعاني، فالمفهوم يعني تحويل المعلومات والمفاهيم العلمية والتعميمات والنظريات والقوانين والنصوص والأشكال والأصوات والتجارب وغيرها من مكونات أي منهج دراسي إلى سلاسل الصفر والواحد (وفقا لنظام الأعداد الثنائي الذي يعمل على أساسه الكمبيوتر ونظم المعلومات) حتى تصبح قابلة للمعالجة الآلية والانصهار والدمج في الوسائط المتعددة".
وأضاف: "وأما الجهود، فما زالت متواضعة جدا، سواء في التعليم العام أو في التعليم العالي، أو في توجهات سوق العمل نحو دعم أي مشروعات ابتكارية وأفكار إبداعية".
وأشار إلى "أننا إذا أردنا فعلا محو الأمية الرقمية والاستثمار الصحيح في مجال الذكاء الاصطناعي، واللحاق بركب الدول المتقدمة، فيجب البدء بعمليات التنفيذ للخطط التي تعثرت لأسباب متعددة".
من جهته، عرف أستاذ تكنولوجيا التعلم والتعليم المشارك في الجامعة الأردنية الدكتور يوسف العاروري الأمية الرقمية بأنها "عدم قدرة الفرد على الوصول إلى المستحدثات الرقمية للتواصل والتعاون بفاعلية في البيئات الوجاهية والافتراضية مع أفراد المجتمع"، وتتضمن هذه المستحدثات جميع الأدوات والتطبيقات التكنولوجية المتطورة، بما فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، كمتطلبات للانغماس في عصر الثورة الصناعية الرابعة.
وقال العاروري إن العالم يعيش اليوم في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا والتحول الرقمي، لذا ينبغي أن يكون تعلم المهارات الرقمية جزءا أساسيا في مناهجنا الدراسية لتمكين الطلبة من التفاعل مع العالم الرقمي وتحقيق التفوق في مختلف المجالات.
وأشار إلى ضرورة تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين المتمثلة بالتفكير الناقد والتفكير الإبداعي والتواصل والتعاون، في مختلف المباحث الدراسية، سواء كانت علمية أو إنسانية، من خلال استثمار الإمكانات الهائلة للمستحدثات الرقمية.
وشدد على ضرورة تمكين الطلبة من اكتساب المهارات والكفايات الرقمية اللازمة لجيل القرن الحادي والعشرين المنغمس بالتكنولوجيات الحديثة، معتبرا أن امتلاك مثل هذه الكفايات أو المهارات سيساعد في تأهيلهم بما يتناسب وضرورات المجتمعات المعاصرة.
وبين أن الوسائل التكنولوجية، بما فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، سهلت وسرعت الوصول إلى المعلومات، ما يتطلب من المستخدمين أن تكون لديهم الثقافة الرقمية للتعامل مع متطلبات النمو المعرفي والمهني.
وأوضح أن إكساب المهارات الرقمية ينبغي ألا يكون بصورة تقليدية، بل من خلال طرائق وإستراتيجيات تدريس حديثة، تتضمن إجراءاتها استخدام التكنولوجيات المستحدثة كتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
بدوره، اعتبر مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة، أن التطورات التكنولوجية تستوجب من قادة التعليم إعداد جيل متمكن من معطيات المعرفة العلمية والمهارات الرقمية وتوظيفها في حياتهم كمتطلب أساس للمستقبل ومهاراته ووظائفه واحتياجاته للتفاعل معه.
وبين أبو غزلة أن ما فرضته الثورة الصناعية الرابعة وأدواتها، تتطلب الآن محو الأمية الرقمية، والأمية الأبجدية، حيث يشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022 الصادر عن صندوق النقد العربي، إلى أن نسبة الأمية الأبجدية بين البالغين (15 سنة وما فوق) قدرت في الدول العربية بنحو 24,6 في المائة، وهي بذلك تفوق مثيلاتها في جميع الأقاليم في العالم.
وأضاف: "كما أشارت منظمة الألسكو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) بأن هناك 100 مليون أمي في مجال تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي ليس لديهم الثقافة التكنولوجية ولا القدرة على استخدام التكنولوجيا الرقمية مثل الحاسوب والإنترنت وتوظيفها في البحث عن المعلومات، والوصول اليها أو حتى التعامل معها وتطبيقها عمليا في التعليم أو إنشاء المحتوى الرقمي او توظيفها في التواصل مع الآخرين ناهيك عدم الوعي بمخاطرها. 
وتابع: "فضلا عن الأمان الشخصي والخصوصية التي يجب أن يتمتعوا بهما، وليس لديهم القدرة على تقييمها أو تنظيم البيانات والمشاركة في البيئات الافتراضية، أو إدارة الهويات عبر الإنترنت، على الرغم من أن هذه مهارات العصر التي يجب أن يكونوا قد امتلكوها".
وقال إن على القائمين على الأنظمة التعليمية مراجعة منظوماتهم التعليمية، لا سيما أنهم يدركون أن العصر الحالي الرقمي السريع الذي فرضته التطورات التكنولوجية والثورة الصناعية الرابعة يتطلب القدرة على الوصول إلى المعلومات وتنظيمها وتقييمها واستخدام الأدوات والوسائط الذكية لحل المشكلات وإنتاج مشاريع مبتكرة، وتعزيز الاتصال والاستعداد لتحديات عالم رقمي متزايد.
وأضاف أن هذا الأمر يحتاج من القائمين على الأنظمة التعليمية حل الأمية الأبجدية والرقمية التي يعاني منهما الطلبة حتى يتمكنوا من التفاعل مع المستجدات التي أحدثتها الثورات الصناعية.
"كما عليهم، يضيف أبوغزلة، معالجة الأمية الأبجدية وفقر التعليم رغم انخفاض نسبة الأمية الأبجدية لدينا، إلا أن فقر التعليم ارتفع من 52.5 % قبل جائحة كورونا إلى أكثر من 60 %، ما يتطلب إعادة النظر في السياسات والخطط والبرامج وأدوات التعليم من معلمين ومناهج وإستراتيجيات وأساليب تدريس وتقويم وبيئات تعلم مادية وتقنية لتمكين الطلبة من المعارف والمهارات والاتجاهات للتعامل مع الثورة الرقمية".
وزاد: "كما عليهم أيضا إعادة التفكير في شكل المخرج التعليمي الذي سيتعايش ما فرضته عوامل التغيير التي حملها هذا العصر مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة وعلم الروبوتات، والتي أصحبت حاجات أساسية تؤثر على الاحتياجات المستقبلية من الموارد البشرية، واحتياجات سوق العمل للمهارات التكنولوجية الناعمة، والصعبة التي يجب التسلح بها لتلبية متطلبات المستقبل".
وأوضح أن التطورات التكنولوجية تستوجب من قادة التعليم في التعليم العام والجامعات، وصانعي السياسات أخذ التدابير اللازمة لجعل التحول الرقمي والتكنولوجيا أولوية إستراتيجية مركزية، والعمل على توفير بيئات تعلم مفتوحة ومرنة وغنية بالمصادر التقنية الموجهة بواسطة المتعلم؛ بيئات تعلم لا تعتمد على التقنية فقط، وإنما أيضا على نظرية تربوية في بناء المناهج وأفكار تربوية في طرق التدريس يمكن أن توجه من خلال التطبيقات التقنية، لا سيما أن ذلك يصب في المهام الأساسية لهم".
ودعا إلى ضرورة الاستثمار في تقنية المعلومات وتحفيز المؤسسات المختلفة في الدولة على الدعم وتوفير الموارد لها، إضافة إلى التوعية وتدريب الطلبة والمعلمين والكوادر على مستوى المدارس والمديريات والوزارة وحفزهم على التوظيف الفعال والآمن لها.