"الشيخ الشلي عبدالله بن سالم".. سيرته ودوره السياسي والاجتماعي في عُمان
الغد-عزيزة علي
يؤرخ الباحث أحمد بن خميس بن محمد السنيدي (أبو عبدالله)، في كتابه "الشيخ الشلي عبدالله بن سالم بن محمد آل حمودة.. سيرته ودوره السياسي والاجتماعي في عُمان"، لفترة زمنية مهمة من تاريخ عمان، من خلال تتبع سيرة الشيخ عبدالله بن سالم آل حمودة التي امتدت نحو قرن من الزمان (1819-1913م).
يضم الكتاب الصادر حديثا، عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 128 صفحة من القطع المتوسط، ستة فصول، مقدمة وخاتمة حول حياة الشيخ ونشأته وزوجاته وذريته ونسبه وألقابه، وكذلك سمات الشيخ وظهوره في المشهد السياسي ودوره ومواقفه من الأحداث والقضايا المهمة في عصره.
ووفقا للمؤلف، تكمن أهمية هذا الكتاب في أنه "أول عمل يسعى إلى كتابة ونشر سيرة الشيخ عبدالله بن سالم آل حمودة بشكل أوسع، من خلال تتبع وجمع ما دونته الوثائق والكتب التاريخية العُمانية، العربية والأجنبية، عن هذه الشخصية الجريئة الفذة".
كما تتجلى أهمية هذا الكتاب في السعي إلى تسليط الضوء على شخصية المترجم له، والكشف عن سيرة حياته المليئة بالأحداث السياسية والاجتماعية في الفترة الزمنية (1281-1331هـ/ 1865- 1913م)، وهي فترة "تعد من أهم الفترات في التاريخ العُماني في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين".
ويعرف المؤلف في بداية الفصل الأول بالاسم الكامل للشيخ، ألا وهو "عبدالله بن سالم بن محمد بن علي بن محمد بن حمودة بن سلطان العلوي التمامي".
ويتابع: "عرف الشيخ عبدالله بألقاب عديدة وردت في الكتب العُمانية التاريخية والوثائق البريطانية والمراسلات، منها: العَلوي، التمامي، ابن حمودة والشيخ الأمير عبدالله بن سالم. قال محمد بن عبدالله السالمي: "ويلقب زعيمهم بالأمير، ويعاونه الوجهاء من القبائل والقضاة الشرعيون يحكمون بشرع الله، ويقيمون الحدود على الجناة، والغالب أن القضاة حنابلة من نجد، وهو من بيت رئاسة، وشرف، وزعامة حقيقية على غافرية جنوب الشرقية، حيث إن أولاد حمودة من الشيوخ القلائل في عُمان الذين يعرفون بلقب شيخ تميمة، ويعني: الذين يمتلكون قوة حقيقية على جماعتهم في جعلان وصور، ومن هذه القبائل الكبيرة؛ بني ريام، المجاعلة، الحرث، والمشيخة عادة تكون بالوراثة. والأعيان يختارون الرجل الشجاع الحليم الوقور الذكي، صاحب الآراء السديدة والحكيمة".
ويصف المؤلف الشيخ المترجم له قائلا: "ومن ناحية العدالة فإن العادة والقرآن يحكمان قرارات الشيخ، وكلما وضع الشيخ هذه القوانين نصب عينيه؛ أطاعه أتباعه بولاء، وفي وقت السلم يساعده مجلس استشاري من الأعيان على إقامة معظم الشؤون العامة".
وعن نشأته يقول السنيدي: "نشأ عبدالله بن سالم في أسرة عرفت بالسياسة، والحزم في الأمور، والشجاعة والإقدام، تعلم القرآن والقراءة والكتابة ومبادئ الحساب، وحفظ بعض المتون في العقيدة كالأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، وذلك في الحلقات التي تعقد في مساجد بلده، ويكتفي الواحد منهم بهذا القدر وهو شأن بقية أبناء بلده، ثم يشبون على تعلم الرماية واستخدام السلاح، وتحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم".
ويؤكد السنيدي قيمة وقامة الشيخ الشلي قائلا: "يعد الشيخ عبدالله بن سالم من أهم الزعماء السياسيين والقبليين في عُمان في وقتِه، ومت تزال المشيخة في ذريته فعالة إِلى يومنا هذا، ومن خلال تتبع ما دونته الكتب العمانية وسطرته سجلات الأرشيف البريطانية عن هذه الشخصية التاريخية البارزة، يتضح لنا أنه يتميز بالعديد من السمات الشخصية مثل دهائه السياسي، واتصافه بالمرونة والتسامح، وميله إلى التفاوض المباشر لحل الأزمات وتجنب الحرب، فضلا عن ثقله الاجتماعي والقبلي الذي يعينه على حسم المفاوضات، مع ثقته بنفسه وتمسكه بتعاليم دينه وعادات قومه العربية الأصيلة".
وفي الفصل الثاني يستعرض السنيدي بعض مواقف الشيخ الشلي، مستشهدا بعدد من المصادر، يقول: "يذكر محمد بن عبدالله السالمي في نهضة الأعيان أنه لما هاجم الشيخ عبدالله بن صالح الحارثي مسقط العام 1312هـ، كان الأمير عبدالله بن سالم على رأس المدافعين عن السلطان، ولم يزل أمراء بني بوعلي يناصرون سلاطين مسقط في كل موطن".
وفي خاتمة الكتاب يذكر السنيدي، عددا من النتائج التي توصل إليها خلال رحلة بحثه، وعلى رأس تلك النتائج ما توصل إليه المؤلف عن الشيخ الشلي: "الجهود المبذولة من المترجَم له، ودوره الإصلاحي بين الشيوخ أنفسهم، أو بين السلطان والشيوخ مستخدما طريقة الإقناع والبعد عن استخدام السلاح، وقد نجح في كثير من المواقف، فكان صانع سياسة، كما أنه رجل حرب بامتياز".