عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Sep-2025

استسلام "حماس" لن يوقف الإبادة الجماعية

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كيتلين جونستون* - (مدونة كيتلين جونستون) 9/9/2025
يمكن أن تستسلم "حماس" وأن تُطلق سراح جميع الرهائن الذين لديها اليوم، لكنّ هذا البرنامج للتطهير العرقي سيمضي قدمًا كما هو مخطّط له، وفقًا لما يصرح به أرفع المسؤولين الإسرائيليين. وليس لديهم أي لا لبس إزاء ذلك.
 
 
دائمًا ما نرى المدافعين عن إسرائيل والمبرِّرين لأفعالها وهم يقولون: "إذا وضعت ’حماس‘ سلاحها فلن يكون هناك مزيد من الحرب. وإذا وضعت إسرائيل سلاحها فلن تكون هناك إسرائيل".
لكن الحقيقة هي أن العكس تمامًا هو الصحيح. إذا وضعت إسرائيل سلاحها، تنتهي الإبادة الجماعية. وإذا وضعت "حماس" سلاحها، فإن التطهير العرقي المخطّط له في غزة سيحدث بسرعة أكبر ومن دون مقاومة.
كانت إسرائيل واضحة وصريحة تمامًا في إعلان أن هجومها الكاسح على غزة لن ينتهي إلى أن يتم استكمال تنفيذ خطة ترامب الخاصة بالتطهير العرقي لقطاع غزة. يمكن أن تستسلم "حماس" وأن تُطلق سراح جميع الرهائن الذين لديها اليوم، لكنّ هذا البرنامج للتطهير العرقي سيمضي قدمًا كما هو مخطّط له، وفقًا لما يصرح به أرفع المسؤولين الإسرائيليين. وليس لديهم أي لا لبس إزاء ذلك.
أيّ أحد يقول إن هذا الكابوس سينتهي إذا استسلمت "حماس" يكذب. كل ما سيحدث إذا استسلمت "حماس" هو أنه سيتم تطهير الفلسطينيين وإخراجهم من أرض فلسطينية مرة وإلى الأبد.
الآن، بدأ السياسيون الإسرائيليون والحسابات الرسمية للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي في الدفع بسردية تقول إن المهاجرين المسلمين يشكلون تهديدًا لأوروبا، في إشارة إلى أن على الأوروبيين أن يدعموا إسرائيل لأنها تساعد في قتل المسلمين.
ونشر الحساب العبري لإسرائيل على "تويتر"، مؤخرًا، رسمًا بيانيًا يُظهر عدد المساجد الموجودة في مختلف أنحاء أوروبا، مرفقًا بخطاب يميني بمحتوى على غرار "الاستبدال الكبير"، يقول: "هذا هو الوجه الحقيقي للاستعمار. هذا ما يحدث بينما أوروبا غافلة ولا تهتم بالخطر".
وفي الشهر الماضي، غرّد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت: "أوروبا تصبح مؤسلمة"، في محاولة لترويج الخوف من أعداد المهاجرين المسلمين في جميع أنحاء القارة. وغرّد بنيامين نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر أن "رئيس وزراء بلجيكا، دي ويفر، هو زعيم ضعيف يسعى إلى استرضاء الإرهاب الإسلامي من خلال التضحية بإسرائيل. إنه يريد أن يُطعم التمساح الإرهابي قبل أن يلتهم بلجيكا".
من الواضح أن هؤلاء الساسة الإسرائيليين المتطرفين لا يريدون للمسلمين أن يعيشوا في فلسطين. ولا يريدون للمسلمين أن يعيشوا في أوروبا. يبدو ببساطة أنهم لا يريدون للمسلمين أن يعيشوا فحسب.
تذكر صحيفة "هآرتس" أن قائدًا في جيش الاحتلال يدعى حاييم كوهين تلقى تحذيرات استخباراتية مباشرة قبل هجوم "حماس" على مهرجان "نوفا" الموسيقي في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، لكنه لم يتخذ أي إجراء وقائي. وتقول الصحيفة إن "كوهين كان أيضًا الضابط الذي وافق في البداية على إقامة المهرجان في يوم الثلاثاء من ذلك الأسبوع".
هذه مجرد إضافة جديدة إلى الكم الكبير من الأدلة التي توحي بأن إسرائيل سمحت عمدًا بوقوع هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) بعد أن استفزته عن قصد، من أجل الدفع بأجندة معدة مسبقًا لسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية.
***
يُقال إن الرئيس ترامب يستعد لإعادة تسمية "وزارة الدفاع الأميركية" لتصبح "وزارة الحرب"، وهو الاسم الذي كانت تُعرف به الوزارة العسكرية الأميركية حتى وقت قصير بعد الحرب العالمية الثانية.
وأنا أرى بعض الانتقادات الموجهة لهذه الخطوة، لكنني أعتقد شخصيًا بأنها مناسبة. متى كانت آخر مرة استخدمت فيها الولايات المتحدة جيشها لأغراض دفاعية؟ إن تسميتها "وزارة الحرب" لا تعدو كونها تسميتها بما هي عليه فعلًا. لا بأس إذن في بعض الصراحة.
أعلن وزير الدفاع، بيت هيغسِث (الذي سيصبح قريبًا وزير الحرب فيما يبدو)، أننا يمكن أن نتوقع المزيد من الضربات ضد السفن الفنزويلية بعد الهجوم الأميركي القاتل على قارب قالت إدارة ترامب إنه كان يهرّب المخدرات.
وقال هيغسِث للصحفيين في التعليق على الضربة: "لدينا أصول في الجو، وأصول في البحر، وأصول على السفن، لأن هذه مهمة بالغة الجدية بالنسبة لنا، ولن تتوقف... عند هذه الضربة فقط".
أما وزير الخارجية ماركو روبيو فقال: "لا يهمني ما تقوله الأمم المتحدة" عندما واجهه الصحفيون بشأن مزاعمه المتعلقة بمسؤولية فنزويلا عن مشكلات المخدرات في أميركا، مدعيًا أن "مادورو مُتّهم بجرائم مخدرات في الولايات المتحدة وهارب من العدالة الأميركية".
لن تجد تمثيلًا أكثر صدقًا للسياسة الخارجية الأميركية من أن يقول كبير الدبلوماسيين الأميركيين "لا يهمني ما تقوله الأمم المتحدة"، ثم يزعم أن قادة الدول ذات السيادة خاضعون لـ"العدالة الأميركية". هؤلاء المختلّون عقليًا يؤمنون فعلًا بأن هذا الكوكب كله ملك لهم.
كما ناقشنا سابقًا، ليس هذا سوى غطاء لأجندة "تغيير النظام" القائمة منذ زمن بعيد ضد حكومة اشتراكية في بلد غني بالنفط، والتي سعت واشنطن إلى الإطاحة بها منذ سنوات طويلة. إن دور فنزويلا في تجارة المخدرات مُبالَغ فيه إلى حد بعيد، ودورها في أزمة "الفنتانيل" معدوم تمامًا. المسألة تتعلق فقط بالنفط والرأسمالية والسيطرة الجيوسياسية.
***
الشهرة أمر غريب جدًا في مجتمعنا. الناس يبذلون كل هذا الجهد لكي يصبحوا بارعين في شيء ما، ويحصلون على عدد كبير من المعجبين، ثم يُلقى بهم في عالم غريب، معزول، مليء بالثراء الفاحش ودوائر اجتماعية مكتظة بالمرضى النفسيين والوسطاء الطفيليين والأشخاص مفرطي العصابية، فيفقدون صوابهم ويخسرون ما جعل معجبيهم يحبونهم في المقام الأول. هذه ظاهرة تتكرر مرة تلو المرة.
في ظل الرأسمالية، يعني نجاحك كفنان أن تفقد فنك.
 
*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: كاتبة وصحفية أسترالية مستقلة، معروفة بمقالاتها النقدية التي تتناول الإعلام الغربي، والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والدعاية الإمبريالية. تركز كتاباتها على كشف التلاعب الإعلامي الجماهيري، وفضح السياسات الاستعمارية الجديدة، وتنتقد النخب الحاكمة الغربية، سواء من الأحزاب الليبرالية أو المحافظة. وهي صوت بارز في نقد التغطية الإعلامية السائدة، خاصة في قضايا، مثل الحرب في الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، وقمع الحريات الإعلامية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Hamas Surrender Won’t Stop the Genocide