عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Aug-2025

الاحتجاج يحقق هدفه رغم الحر وتهجم الوزراء

 الغد

هآرتس
بقلم: بار بيلغ  18/8/2025
 
هذا لم يكن يوم الاحتجاج الأكبر منذ اندلاع الحرب، لكن من دون شك كان من الأيام الإبداعية من بينها، أمس، المتظاهرون خلقوا خليطا من العروض والأغاني والبيانات لوسائل الإعلام والتشويشات، وجروا خلفهم الجمهور، النقاشات في مجموعات الاحتجاج حول الفائدة من التشويشات مقابل المس بالجمهور كما يبدو ستتواصل. لكن كان لهذا اليوم هدف واحد رئيسي وهو دعم العائلات كي نظهر لها أن هناك غطاء خلف الدعوة الثابتة في المظاهرات، "نحن معكم، أنتم لستم وحدكم". ثلاث أمهات – فيكي كوهين وعنات انغرست وليشي ميران لافي، دعون الجمهور إلى الخروج من البيوت وجررن أيضا، مصالح تجارية ومؤسسات وأكاديمين ونقابات عمال.
 
 
الصباح افتتحه المتظاهرون أمام منازل الوزراء وأعضاء الائتلاف، والدعوة للصحوة كانت واضحة تماما في رد فعل السياسيين في الساعات التي تلت ذلك. سيغال منصوري، والدة رافيا ونورال، اللذان قتلا في نقطة الموت الدفاعية عندما هربا من حفلة "نوفا"، وصلت مع مئات المتظاهرين إلى بيت الوزير يوآف كيش، وزير التعليم الذي لا يحب التظاهر أمام منزله، تعود إسماع المتظاهرين موسيقا بصوت مرتفع. منصوري حاولت إلقاء كلمات على الجمهور على خلفية أغنية "على كل هذا"، لكن أقوالها كان يصعب سماعها. "صباح الخير لوزير التعليم، ليتك كنت تسمعني"، قالت. "أنا اقف هذا الصباح لأزعجك. انا أيضا كنت أفضل البقاء في السرير وأحلم ببناتي الحبيبات". 
على صوت الموسيقا العالية التي انطلقت من الساحة حاولت منصوري مخاطبة قلب الوزير، جارها، وتذكيره ببناتها وبأيام الحداد عليهن، التي كلف نفسه خلالها عناء زيارتها.
اتضح بسرعة أن الاحتجاج يشغل الحكومة وأعضاء الحكومة أكثر من إعادة المخطوفين إلى البيت. على الفور عند بداية إغلاق الشوارع في الصباح، نشر وزراء الحكومة سيلا من الشتائم وقرروا بشكل حازم – قبل الساعة العاشرة – أن يوم الاحتجاج فشل. "الحملة، الحمد لله، لم تتعال"، كتب الوزير بتسلئيل سموتريتش، "إزعاج يدعم حماس"، كتب عضو الكنيست المتهم بالاغتصاب حانوخ ملفتسكي. الوزير عميحاي الياهو، الذي صوت ضد صفقات التبادل كتب أن "كل دعوة منهم لوقف القتال هي وجبة أكسجين لحماس في الأنفاق". عضو الكنيست اريئيل كلينر ذهب خطوة إلى الأمام وغرد: "لم يسبق قط أن كان عدد كبير من أعضاء حماس مدانين بهذا القدر لها العدد القليل من الناس".
التغريدات المليئة بالسم لأعضاء الائتلاف رافقت صور إغلاق الشوارع التي انتشرت منذ الصباح في أرجاء البلاد. إلى جانب عشرات مفترقات الطرق التي امتلات بالاحتجاجات المحلية أغلق المتظاهرون أيضا شرايين الحركة الرئيسية. خلال اليوم عاد المتظاهرون إلى إغلاق مفترقات الطرق، وفي معظم أرجاء البلاد، خلافا للسابق، لم تمارس الشرطة قوة كبيرة لإخلائهم. في نتفيه ايالون حاول رجال الشرطة الحفاظ على حركة متواصلة وعدم السماح بالإغلاق. ولكن لم ينجحوا في مواجهة تصميم المتظاهرين الذين أغلقوا على الأقل ست مرات هذا الشارع. في أحد الحواجز، الأطول من بينها، سار مئات المتظاهرون من روكح نحو طريق السلام، ونزلوا إلى الشارع بمجموعات تتكون من عشرات أو مئات الأشخاص. خلال كل اليوم حاول معظم المتظاهرون التملص من مواجهة القوات والحفاظ على جوهر الاحتجاج – مظاهرة تضامن ودعم للعائلات.
أيضا صور المخطوفين تم تكبيرها. مؤشر الاحتجاج الواضح، الذي حسب الناجين من الأسر في غزة، لم يرتد الوجه الضاحك والجميل للمخطوفين، وبدلا منها ظهرت صور من داخل أفلام حماس. الوجه المذعور لروم بارسلفسكي والنظرة الباهتة لمتان سانغاوكر والعينين اليائستين لعمري ميران، كلها باللونين الأسود والأبيض، تم حملها من قبل المتظاهرين الذين ساروا في الجو الحار. فقاعات صغيرة ناتجة عن الصاق الصورة على القبعة تظهر وكأنها تشبه العرق على جبين الرهائن. وبينما كان المتظاهرون يسيرون تحت أشعة الشمس على طرق الإسفلت، مستغلين كل بقعة ظل للاختباء تحتها، كان يصعب التفكير في كيفية تأقلم الرهائن مع حرارة آب في تلك اللحظة.
المتظاهرون تعرقوا في الحواجز على الشارع، لكن رئيس الحكومة نتنياهو أيضا تصبب عرقا. خلافا لعادته الثابتة في إلقاء كلمات أمام المتظاهرين ومن خلالهم إلى القاعدة، في مساء يوم الاحتجاج، في الساعة الواحدة والنصف ظهرا، انضم نتنياهو للوزراء وقام بإدانة المتظاهرين. "الذين يطالبون الآن بإنهاء الحرب من دون هزيمة حماس"، أو بالعبرية البسيطة "اليساريون الانهزاميون" – "يجعلون حماس تتصلب في موقفها ويبعدون تحرير المخطوفين"، قال في بداية جلسة الحكومة. أمهات المخطوفين اللواتي دعون الجمهور إلى الخروج إلى الشوارع والانضمام إلى صرختهن، رددن على نتنياهو على الفور. "بيان رئيس الحكومة مثل اللكمة في البطن"، قالت ياعيل ادار والدة تمير الذي جثته محتجزة في غزة. "خلافا للشعب الذي خرج اليوم من البيت وصرخ كفى".
أيضا عيناف سانغاوكر كتبت بعد نشر أقوال نتنياهو "أقواله المسممة والمقطوعة عن الواقع تثبت فقط كم تضغطه هذه المظاهرات. المتظاهرون هم الوزن المضاد لسموتريتش وبن غفير". وليس كعادتها، سانغاوكر لم تلعب دورا جوهريا في يوم الاحتجاج، باستثناء المشاركة في حفل زفاف مؤلم، نظمته العروس الكنة المستقبلية لايلانا غريتسفسكي، زوجة متان. في هذا اليوم عندما ظهر أن كل الدولة تحولت إلى عيناف سانغاوكر، كان يمكنها ألا تكن "رأس الحربة".
في المساء بدأ الاحتجاج يتسع، والجمهور ملأ ميدان المخطوفين ومحيطه بالمظاهرة الأكبر منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. هذه المظاهرة الكبيرة لم تكن لتحدث من دون استيقاظ الجمهور في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. منذ تفجر المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل، مرورا بكشف أفلام افيتار دافيد وروم بيرلفسكي وحتى قرار الكابنت احتلال مدينة غزة، وقفت منظمات احتجاج مثل "مجلس أكتوبر" و"هيئة عائلات المخطوفين"، إلى جانب العائلات وساعدتها في إعداد الجمهور لهذا اليوم.
ما الذي لم يجرب مؤيدو نتنياهو فعله للتنكيل بعائلات المخطوفين واحتجاجهم: تقسيمها، تلوينها بلون سياسي، محاولة السيطرة على هيئتها، وبالأساس إغراقها بحملة غير منقطعة من السم، حتى الآن نجحت في إخراج جمهور واسع خلال يوم كامل، عندما كانت كل الرهانات ضدها. في الظهيرة سارعت الأبواق في وسائل الإعلام إلى تقزيم الاحتجاج والاستهزاء به. ولكن الجمهور الذي أغرق شوارع تل أبيب في المساء، أثبت أن هذا الاستنتاج مبكر جدا.
أمام عشرات آلاف المتظاهرين العائلات أكدت، أن عددهم هذه المرة غير كاف. فبدون الاستمرارية لن يغير عدد المتظاهرين الذين خرجوا أول من أمس إلى الشوارع أي شيء. وكررت أربيل يهود، الناجية من الأسر والتي ما يزال شريكها اريئيل كونيو مخطوفا، هذا الأمر في خطابها بعد الظهر مرارا وتكرارا. أيضا يهودا كوهين، والد نمرود، دعا من فوق المنصة الجمهور إلى "التوقف عن العمل وشل الحياة إلى حين عودتهم". كوهين طرح طلبا آخر بقي طي الكتمان في الأشهر الأخيرة وهو إنهاء الحرب. "البلاد لن تعود إلى طبيعتها حتى ينهي نتنياهو الحرب ويعيد كل المخطوفين".
العائلات تأمل في أن يدل يوم الاحتجاج هذا ويشير إلى بداية انتهاء الحرب، أيضا إلى بدء موجة احتجاج واسعة. فقط في المستقبل سنعرف هل حقا تحققت التوقعات. لكن الآن يمكن القول بثقة إن ضجة صوت الطبول اخترقت الجدران التي أقامها أعضاء الحكومة حولهم، لإخفاء صوت توسل العائلات إليهم، ومحاولاتهم اليائسة لإلغاء حجم الاحتجاج، تظهر الحجم الذي يحتله في رؤوسهم.