عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Mar-2019

«أمهات دور المسنين» .. أعيادهن فرح ممزوج بدموع الذكريات

 

الدستور- حسام عطية. - في « 21» آذار من كل عام يحتفل العالم بذكرى عيد الأم. هذه الذكرى التي تحمل في طياتها كل معاني الوفاء والحب والاعتراف بالجميل لاولئك الأمهات اللواتي قدمن من التضحيات ما لا يمكن أن يوفيهن حقهن احد من الأبناء أو البنات، فيما يأتى عيد الأم كل عام كي تفرح الأم بحب أبنائها لها، بينما هنالك امهات محرومات من ابنائهن او مشاهدة احفادهن وهن «نزيلات دور المسنين» ويعشن بين جدران هذه الدور .. وحين يتذكرن رحلة حياتهن كيف تخلى عنهن الأبناء بعد ان منحن لهم كل عمرهن- لتربيتهم واسعادهم يجدن ان الفرحة ممزوجة بدموع الذكريات، ففى الوقت الذي تحتفل فيه الأمهات بحب واحتفال أبنائها بعيدها .. يتمكن الحزن من احتلال قلوب أمهات دور المسنين مع شعور الوحدة ونكران الجميل من بعض الاولاد.
بصحبة أصدقائي
احدى السيدات تقيم  في احدى دور المسنين تقول، إني أسكن هنا لأتسلى بصحبة أصدقائي النزلاء، وبالنسبة لأبنائي يقومون بزيارتي باستمرار كون بعضهم يعمل، وأنا سعيدة جداً بالسكن بهذا المكان، ففي عيد الأم، لا تكفي المعايدة، ولا الكلمة الجميلة، ولا الهدايا، ولا حتى تقبيل اليد بعيداً عن مغريات الحياة، وأني أسكن هنا لأتسلى بصحبة أصدقائي النزلاء وأنا سعيدة جداً بالسكن بهذا المكان.
الزيارات متاحة
بدورها مديرة دار الضيافة للمسنين العميد المتقاعد منى حدادين علقت على الامر بالقول: ان كافة الزيارات لنزلاء دار المسنين مفتوحة لجميع الاهالي و مؤسسات المجتمع المدني بمواعيد يتفق عليها، وفي المناسبات والاعياد ايضا تكون الزيارات متاحة، فيكا تطالب حداين بضرورة تغيير الصورة النمطية المرتبطة بدور المسنين، فالمسألة وفقا لها «ليست عقوق ابناء؛ اذ يحظى كبار السن باحترام وتقدير كبيرين، لذلك فان اللجوء لدور المسنين يتم؛ لانه الخيار الوحيد المتاح في الحالات الصعبة».
وعن أوضاع الدار وعن الخدمات المقدمة من قبل دار المسنين افادت حدادين، ان لدى دار المسنين كادرا وظيفيا يخدم المسن في شتى امور حياته الصحية منها والنفسية والاجتماعية والترفيهية، حيث يجد المسن متسعا لكل شيء يرغب القيام به ضمن اجواء هادئة وايجابية تشعره وكأنه وسط اهله وابنائه، اذ يحظى كبار السن باحترام وتقدير كبيرين، لذلك فان اللجوء لدور المسنين يتم؛ لانه الخيار الوحيد المتاح في الحالات الصعبة، وان دار ضيافة المسنين مكان يجد فيه كبار السن ما يليق بهم بعد ان تجاوزوا عمر التقاعد، ليقضوا فيه مكانا مسليا وترفيهيا، وان الجمعية ومن خلال كادر مؤهل تقدم الخدمات الاجتماعية والانسانية للمريض والمسن، وتوفر للمسن ما يحتاجه من نواقص سواء كانت معنوية اومايتعلق منها بالمأكل او الملابس، وان الجمعية انشئت في منطقة الجويدة وسط حديقة محاطة بالاشجار الحرجية بحيث تبعث الطبيعة حالة من الهدوء والجمال للمسن الذي القت عليه الدنيا بظروفها الصعبة، وأن من بين هذا العدد، 52 امرأة والباقي رجال، خلف كل واحد منهم، قصة خاصة ومختلفة»، موضحة ان «الصورة النمطية بأن دور المسنين سببها عقوق الأبناء غير دقيق».
وتدعو حدادين الى *مكانة الوالدين
بدورها رئيسة جمعية الانوار الخيرية للسيدات في معان لانا كريشان تقول: إن تعاليم ديننا الحنيف وموروثنا الثقافي والحضاري تؤكد أن مكانة الوالدين عالية، وان واجب احترامهما وتوقيرهما هو من أمور الدين، والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أكد على أن الأم هي أحق الناس باحترام ورعاية وعناية أبنائها حينما سئل ثلاثا عن أحق الناس بالصحبة أجاب الأم ثم في الرابعة أجاب الأب، فيما للجمعيات الخيرية دور في دعم افراد المجتمع وبخاصة كبار السن، وان شهر آذار يطل علينا بمناسبات عزيزة؛ الأولى يوم المرأة العالمي، والثانية اليوم العالمي للعمل الاجتماعي أو للخدمة الاجتماعية، والثالثة عيد الأم، والرابعة ذكرى معركة الكرامة الخالدة، فيما أقول: للنساء في العالم اجمع كل عام وانتن بخير، وللعاملين الاجتماعيين على اختلاف فئاتهم المهنية كل عام وانتم بخير، وللأمهات بعامة وأمهات الشهداء بخاصة كل عام وانتن بخير، ولشهداء معركة الكرامة رحمة الله عليكم. ونوهت كريشان بانه للاسف مع حلول عيد الأم واحتفالات الأسر بهذا اليوم.. هناك أيضا أمهات حرمن ليس بالاحتفال فقط بل بعدم رؤية أولادهن أو أحفادهن ويعشن خلف جدران دور المسنين، على أمل العودة لأحضان أبنائهن وبناتهن، بعد أن تحولت العلاقة بينهما إلى مجرد زيارة روتينية قد تتم مرة فى العام لتقديم الهدايا ليغادر بعدها الأبناء تاركين الأمهات فريسة للوحدة والألم كلما استعادوا الذكريات ورحلة الكفاح والتضحية من أجل سعادة أبنائهن.
وخلصت كريشان نعلم أن هناك ظروفا معيشية واقتصادية صعبة يواجهها أكثر من ثلثي الشعب الأردني، ولكن للأسف إن غالبية ضحايا المجتمع من المسنين الذين يحكم عليهم بالسجن داخل تلك المراكز ينتمون الى فئة الثلث المقتدر معيشيا، لذلك قلما تجد في القرى ومدن الأطراف حالات التخلي عن الوالدين رغم فقر الأسر وحاجتها لبيوت سكن محترمة، وحتى من يضطر للانتقال بغية العمل في العاصمة أو من مدينة لأخرى لا يتأخر في التواصل مع والديه نهاية الأسبوع ، والأهم أن تتوفر لوالديه الحياة الكريمة في بيوتهما الخاصة، ولكن يبرز أيضا وللأسف عند البعض ظاهرة عمل كبار السن أو تسولهم في الشوارع ليعيلوا أبناءهم.
حنين للأم والوطن
اما مديرة مدرسة الجبيهة الثانوية للبنات نيفين الربابعة فعلقت على الامر بالقول، ان العطاء..الحنان..التضحية.. كل هذه السمات الفاضلة وأكثر منها ترمز إلى الام التي تعطي بدون مقابل وتضحي من اجل ابنائها، لذلك اجمعت كافة الاديان السماوية على ضرورة احترام الام وتكريمها؛ ولكن مع مرور السنوات وتغير الحياة ..هل مازال الابناء يقدرون الام ويكرمونها ام تغيرت العادات داخل الأسر؟ ان مجتمعنا  ما زال يحتفل بعيد الام ويكرمها رغم ظروف الحياة العصيبة، وأن الحنين الى الام هو ايضا حنين للوطن والمجتمع ، ولكن مع تكاثر المسؤوليات والاعباء على الجميع اصبح الكل يلهث ليقضي مصالحه؛ لكن مازال هناك ارتباط بين الاسرة والام، واننا كباقي الدول المرتبطة بالاحتفال بالام وتكريمها، مطالبون بضرورة توجيه الشباب والفتيات للتردد على دور المسنين لإضفاء السعادة على الأمهات الحزينات اللاتى أفنين شبابهن لإسعاد أبنائهن.
ونوهت الربابعة أن كبار السن ثروة يجب الاستفادة منها، وإقامتهم داخل الأسرة أفضل وسيلة للاستفادة من خبراتهم وعطائهم، وأيضا المحافظة على صلة الرحم معهم، وإن الهدف من رمزية عيد الأم هو تعميق المعنى النبيل في العلاقة بين الأم و الأبناء بصرف النظر عن الفئات العمرية للأبناء، موضحة إن الأمومة هي الأمومة ولا يغير من مشاعرها و أمانيها عامل السن أو التقدم في العمر ، فيما إن سبب لجوء المسنات إلى دور المسنين لا يقتصر على عقوق الأبناء لأمهاتهم فقط، وإنما هناك أسباب كثيرة منها البحث عن الهدوء بعيدًا عن»دوشة» الأحفاد،أو لعدم تأقلم الأمهات مع زوجات وأزواج الأبناء، وتقدم العمر بهن،ووجدوا من يرعاهم في دور المسنين، خاصة وأن بها تجهيزات واستعدادات للتعامل مع كبار السن.