عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jun-2020

واشنطن بوست: “فيسبوك” استثنت ترامب من قواعد النشر حتى لا تغضبه

 

 
إبراهيم درويش
لندن – “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن الطريقة التي حاول بها رئيس شركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ كتابة القواعد التي استوعب فيها خروج الرئيس دونالد ترامب في منشوراته عن المسموح به، كل هذا رغم رغبة الشركة قبل ذلك في معاقبته. وتقول الصحيفة إن مدراء الشركة بدأوا عام 2015 بوضع استثناءات للمرشح في حينه والتي أدت لتحويل ساحة معركة المعلومات ولسنوات تالية.
وفي التقرير المطول الذي أعده مراسلوها إليزابيث دوسكين وكريغ تيمبرغ وتوني روم قالوا إن الرئيس ترامب اتصل بعد وضعه منشورا تحريضيا حول إنزاله الجيش إلى الشوارع لقمع متظاهري مينوستا.
وقال زوكربيرغ للرئيس إن المنشور وضع الشركة في موقع صعب. وقامت شركة “تويتر” بإخفاء المنشور نفسه في أقوى إجراء تتخذه ضد الرئيس. وبالنسبة لمدراء الشركة في واشنطن فلم يخرق المنشور قواعد النشر التي تسمح لمسؤولي الحكومة الحديث عن استخدام القوة من أجل تحذير الرأي العام، ولكن بدرجة ما. واتصل المدراء بالبيت الأبيض حيث حاولوا تخفيف اللغة أو الطلب من إلغاء المنشور جملة وتفصيلا. وقام ترامب بوضع منشور آخر قال فيه إنه كان يريد التحذير. ثم خرج زوكربيرغ بعد ذلك لشرح السبب الذي جعله يبقي على المنشور إلا أن ما قاله ترامب بعد ذلك لم يساعده على اتخاذ قرار. وترى الصحيفة أن حالة الفزع والأخذ والرد هي آخر حادث في كفاح فيسبوك لاستيعاب ترامب الذي يتعدى حدود ما يسمح به. ولم يغير ترامب من خطابه منذ ترشحه للرئاسة الأمريكية في الوقت الذي غيرت فيها الشركة وبشكل مستمر سياساتها ومنتجها بطرق تجعلها تتجاوز رئاسته. وتقول الصحيفة إن فيسبوك قيد جهوده ضد الأخبار الكاذبة والمضللة وتبنت سياسة سمحت فيها للساسة بالكذب بل وحتى تغيير عمليات تغذية الأخبار بحيث تحيد فيها مزاعم أن هناك تحيز ضد الناشرين المحافظين. وبنت الصحيفة هذه النتيجة على عدد من الموظفين السابقين والحاليين والوثائق التي لم يعلن عنها واطلعت عليها “واشنطن بوست”. وكشفت واحدة من الوثائق أن العملية بدأت عام 2015 تقريبا وعندما قام ترامب كمرشح بنشر فيديو يدعو فيه لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ورفض مدراء فيسبوك حذفه مستبعدة الخطاب السياسي. وكان التنازل الذي قدم لترامب بمثابة تحويل لمعركة المعلومات. وفتح المجال أمام ساسة تعودوا على العالم الرقمي لنشر أخبار مضللة ولغة تحريضية لملايين الناس. وعقد فهم الرأي العام لأحداث مهمة مثل وباء فيروس كورونا وأسهمت في حالة الإستقطاب. ومع تزايد قوة وسلطة ترامب اختارت شركة فيسبوك موقف اللامبالاة حتى لا تتعرض لغضبه والمستخدمين للشبكة من جماعات اليمين. مما أدى لحرف ميزان الأخبار في الشبكة حسب موظفين حاليين وسابقين. وتواجه شركة فيسبوك اليوم مقاطعة كبيرة من الشركات الإعلانية بشكل أدى لانخفاض أسهمهما في السوق المالي ومطالبات بسياسة متشددة ضد خطاب الكراهية. وقالت شركة ستاربكس يوم الأحد أنها ستتوقف عن نشر الدعايات عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتعاني الشركة من تدني معنويات العاملين فيها حيث قام أكثر من 5.000 موظف بشجب قرار الشركة الحفاظ على منشور ترامب والذي قال فيه “عندما يبدأ النهب يبدأ القتل”. واضطر زوكربيرغ وبسبب الضغوط المتزايدة للإعلان يوم الجمعة عن سياسات جديدة تهدف لمراقبة المحتوى على الموقع. وتضم تعليم المنشورات التي تخرق قواعد خطاب الكراهية أو السياسات الأخرى. ولكن الشركة قالت إن المنشور محل النقد لم يخرق القواعد. وتعلق الصحيفة أن أمريكا التي تدخل معركة انتخابية حاسمة وتواجه اضطرابات اجتماعية ووباء كورونا فإن المجال المفتوح لترامب يعطية الأفضلية على المرشح الديمقراطي. واستخدم الرئيس فيسبوك وغيرها من منصات التواصل في الأشهر الأخيرة لنشر معلومات مضللة عن كورونا والغش في الانتخابات ودوافع المتظاهرين واستهدف في كل هذا حركات اليسار التي اتهمها بالوقوف وراء الإحتجاجات بدون أن يقدم الدليل.
 
تم إقناع زوكربيرغ في ربيع 2016 ألا يكتب منشورا يشجب فيه دعوة ترامب لبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك.
 
وترى الصحيفة أن سياسة الشركة تضعها في مواجهة مع شركات وادي السيلكون الأخرى. فقد قامت “تويتر ” بتعليم عدد من تغريدات الرئيس ووصفتها بالمنتهكة لقواعد النشر والمضللة. وقامت شركة سنابشات بالحد من حساب ترامب. وقال ديفيد تيل، مهندس أمن في فيسبوك الذي استقال من الشركة في آذار/مارس بعدما رفض زملاؤه حذف منشور للرئيس البرازيلي “قيمة محاباة الناس في القوة تتفوق على كل اهتمام لفيسبوك”. وترد شركة فيسبوك أن استخدام الساسة خطاب الكراهية سابق على ظهور منصات التواصل. وقال نيك كليغ، نائب مدير فيسبوك للشؤون الدولية والإتصالات إن وادي سيلكون لم يخترع خطاب الكراهية. وفي بيان للصحيفة قال كليغ “من الربيع العربي إلى المرشحين المحليين الذين يتحدون المسؤولين ساعدت منصات التواصل الاجتماعي على فتح السياسة ولم تحابي طرفا على آخر” وأضاف” تظهر الدراسات إن دوافع الشعبوية معقدة ولا يمكن حصرها في استخدام منصات التواصل. وفي الحقيقة فالاستقطاب السياسي انخفض في بعض الدول بسبب الانترنت”. ورفضت شركة فيسبوك توفير زوكربيرغ للتعليق ولكنها قالت إنه عارض ترامب عندما وضع منشور منع المسلمين. وعادة ما يتحدث زوكربيرغ عن صعوبة الخيارات والحفاظ على قيم فيسبوك والشركات التابعة لها مثل “واتس آب” وإنستغرام لـ 3 مليار مستخدم شهريا لها وللسنوات المقبلة، حتى عندما تكون هذه الخيارات غير شعبية وغير مقبولة. وتشير الصحيفة إلى أن الشركة قبل انتخابات عام 2016 رأت دورها في السياسة هو البحث عن ساسة لشراء دعاياتهم ومواقفهم. وبدأ هذا بالتغير عام 2015 مع اختيار ترامب كمرشح للجمهوريين. ونشر فيديو قال فيه إنه يريد منع كل المسلمين من دخول الولايات المتحدة وانتشر الفيديو بشكل واسع. واعتبر الموظفون في نقاشاتهم وبشكل كامل أن الفيديو هو خطاب كراهية وشجبوه. ولكن زوكربيرغ قال في لقاءاته أنه يشعر بالقرف من الفيديو وأراد حذفه. وفي واحد من اللقاءات قدمت مونيكا للسياسة وثيقة للتعامل مع الفيديو وقدمتها للمجتمعين بمن فيهم زوكربيرغ. وتحدثت فيها عن أربع خيارات منها حذف الفيديو لأنه خرق لخطاب الكراهية أو اعتباره استتثناء ولمرة واحدة أو استثناء عام للخطاب السياسي وحتى تخفيف قواعد النشر في المنصة للجميع والسماح بتعليقات مثل “لا يسمح للسود” و “أخرجوا المثليين من سان فرانسيسكو”. وقال المتحدث باسم الشركة تاكر باوندز إن الخيار الأخير لم يتم التعامل معه بجدية. وفتحت الخيارات الحديث عن المخاطر مثل “هل كانت فيسبوك ستسمح لهتلر؟”. وفي النهاية أقنع جويل كابلان، نائب مدير الشركة للسياسة الدولية زوكربيرغ بعدم حذف الفيديو. وقالت بيكت في مقابلة أن المدراء قرروا في نقاشهم حول الفيديو أنه لا يتحدث عن المسلمين ولكنه كمرشح يقدم موقفا من الهجرة. وتم إقناع زوكربيرغ في ربيع 2016 ألا يكتب منشورا يشجب فيه دعوة ترامب لبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك. وانتهى الموقع بالحديث عن كيفية التعامل مع القادة الشعبويين مثل ترامب والرئيس الفليبيني رودريغو دوترتي وجائير بولسونارو، الرئيس البرازيلي. تقول كلير وردل مديرة “فيرست درافت” وهي منظمة مكرسة لمكافحة التضليل “مع أن فيسبوك حاولت قمع التضليل إلا أن أكثر المؤثرين إثارة للمشاكل هم سياسيون”. وتضيف أن ترامب مثل تحد خاص “فلم يكن أحد يفكر بانتخاب رئيس تلفظ بهذا الكلام”. وبعد الانتخابات بدا واضحا أن روسيا تلاعبت بالانتخابات الأمريكية وأنها استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذا أصبحت شركة فيسبوك هدفا لترامب. وقال في تغريدة إن وسائل التواصل هي ضد ترامب وتحاول تقويض انتصاره. وفي نفس الوقت قام قادة الحزب الجمهوري بمهاجمة منصات التواصل خاصة “فيسبوك” و”تويتر” واتهموها بالميل نحو الليبراليين ومنع اليمين من التعبير عن مواقفه. وقال نو ويكسلر، المتحدث السابق باسم فيسبوك “لا يوجد دليل بحثي يدعم مزاعم ترامب بأنه منصات التواصل تقمع المحتوى المحافظ ولكنه استطاع دفعها لمراجعة سياساتها”. وفي محاولة فيسبوك التعامل مع التدخل الأجنبي والتضليل، حذر مدرؤها في العاصمة واشنطن من المبالغة في الرد من أجل النجاة في ظل المناخ السياسي الجديد. وقدم فريق الأمن أو ما يعرف بمشروع بي تقريرا حول الطريقة التي انتشرت فيها الأخبار المضللة أثناء الانتخابات. وعندما أشار التقرير لعدد من الصفحات التي خرقت قواعد النشر، عارض المسؤولون البارزون ومن بينهم كابلان إغلاقها. وترى الصحيفة أن زوكربيرغ يواجه عزلة داخل وادي السيلكون بسبب سياسة التساهل بشأن حرية التعبير. ففي أيار/مايو 2019 رفض حذف فيديو مزيف أظهر رئيسة مجلس النواب وكأنها مخمورة.