الغد
التطورات الجارية في الضفة الغربية حاليا، هي الهاجس الأكبر لدوائر القرار الأردني. حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، وظفت أحداث السابع من أكتوبر لتسريع خطط الضم في الضفة الغربية. أخطر الوزراء في حكومة نتنياهو؛ سموتريتش وبن غفير هما من يديرا الملف في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفق معلومات أردنية، الحكومة الإسرائيلية كانت على وشك اتخاذ قرار ضم بعض المناطق"ج" قبل أسابيع، ثم تأجل الأمر لاعتبارات سياسية. لكن النية ما تزال قائمة وربما تتم الخطوة خلال الفترة القصيرة المقبلة.
لم يعد من رادع داخلي أو خارجي لخطوة كهذه. اليمين الصهيوني يهيمن على الخريطة السياسية في إسرائيل، والإدارة الأميركية لا تنوي على ما يبدو الوقوف في وجه مخطط الضم.
قرار حكومة نتنياهو بتوسيع دائرة الحرب في غزة وإطالة أمدها تم بموافقة أميركية، ومعارضة أوروبية أضعف من أن توقف الخطط. استمرار الحرب في غزة، يمثل غطاء لتنفيذ خطط الضم في الضفة الغربية.
تقرير نيويورك تايمز وقف على الحقيقة؛ إسرائيل بدأت بتوسيع حدودها بشكل فعلي. تحتل خمسة نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وتفعل الشيء ذاته على نطاق أوسع داخل الأراضي السورية، حيث أقامت ست نقاط عسكرية داخل المنطقة العازلة، ونقاط أخرى في عمق الأراضي السورية، إضافة إلى حفر خندق بطول 30 كيلو مترا يمتد على طول الحدود السورية.
الخطوة التوسيعة الأهم بالنسبة لإسرائيل ستكون، ابتلاع ما يعادل 60 % من أراضي الضفة الغربية، ومن ضمنها غور الأردن.
إسرائيل مصممة على تحويل انتصاراتها في غزة ولبنان وسورية
وحربها ضد إيران، إلى مكاسب إستراتيجية دائمة، تخدم أهداف الحركة الصهيونية، والاتجاهات الأكثر تطرفا داخلها، وهي المسيطرة اليوم على الحكومة.
هذه التحولات الخطيرة في المشهد، تضع الأردن في مواجهة حسابات دقيقة ومصيرية. الضم يعني قتل ما تبقى من فرص لقيام دولة فلسطينية مستقلة. وهذا لم يعد سرا إنما هدف معلن لحكومة نتنياهو.
في غزة يخطط نتنياهو لحرب تهجير جديدة تنتهي بالقضاء على حماس وتسليم حكم القطاع لهيئة مدنية تحت غطاء أمني إسرائيلي. وفي الضفة الغربية، ستكون الخطوة التالية للضم، تفكيك السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى" كانتونات" بلدية لا يعود معها ممكنا قيام سلطة مركزية في أراضي الضفة الغربية، بل نظام حكم إداري على غرار روابط القرى التي أنشأتها إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
مثل هذه الخطوات النوعية، ستجعل خيار" الترانسفير" مطروحا على طاولة اليمين الصهيوني المندفع بقوة لإنجاز مشروعه التاريخي.
هذا السيناريو يرفع من منسوب القلق في الأردن، لكنه في ذات الوقت يجعل الدولة في حالة انتباه ويقظة حيال كل خطوة تجري هناك. فعندما يتعلق الأمر بمصالح الأمن القومي العليا، لن يتردد الأردن من اتخاذ كل الخطوات التي من شأنها حماية وجوده وكيانه السياسي، بمنع التهجير أو فرض حلول على حسابه.
إسرائيل على علم بموقف الأردن هذا، ولا شك أن الإدارة الأميركية كذلك بصورة ما يدور في العقل السياسي الأردني.
الأكيد أن هناك تصميما أردنيا على جميع المستويات بالوقوف في وجه أي محاولة لفرض واقع جديد على حساب الأردن.
الأسابيع والأشهر المقبلة حبلى بالأحداث والتطورات. ليس مطلوبا منا أن نقف ونراقبها، بل التحرك وعلى الأصعد كافة لحماية مصالحنا والدفاع عن بلادنا. ولدينا من الأوراق ما يمنحنا فرصا غير قليلة للتأثير بمجريات الأمور.