عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Mar-2019

شعرة معاوية وقانون الجرائم الالكترونية - عبير مامي

 الراي - شكلّت وسائل التواصل الاجتماعي متنفساً شعبياً واسعاً للتعبير عن الرأي لم نعهده، ولكن إساءة استخدامها من قبل البعض شكّل تحدياً للحكومة ما استلزم بالمحصلة ظهور قانون الجرائم الإلكترونية في 2015 وتعديله في 2018، وقد أثار القانون المعدل جدلاً واسعاً وانتقادات بالأخص فيما يتعلق بتقييده للحريات وابداء الرأي، وهي انتقادات لها ما يبررها خصوصاً أن هذه الحريات مكفولة بموجب الدستور، وتطبيقه ببنوده الحالية سيخلق حاجزاً بين الموطن وحقه في انتقاد أي قرار حكومي، أو حتى إمكانية لوم مسؤول على أدائه خوفاً من مساءلة قانونية، وهذا لا يعني بحال من الأحوال رفضنا لوجود تشريعات قانونية لضبط الموضوع خصوصاً أن العقوبات على الجرائم الإلكترونية لا يمكن أن تخضع للقوانين التقليدية، ولكننا نطمح أن يكون هنالك إعمال للعقل في تحديد الجُرم وتحديد العقوبة لتتناسب مع الفِعل المُرتَكب حتى لا يكون التضييق على الرأي فقط بل على الحق في التفكير من الأساس.

لقد أضاف مشروع القانون تعريفاً لخطاب الكراهية «كل قول أو فعل من شأنه اثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو العرقية أو الاقليمية أو الدعوة للعنف أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر الاشاعات بحق أي شخص من شأنها الحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته» وهو تعريف فضفاض نوعاً ما لا تحكمه معايير واضحة، بمعنى آخر وبحجة حماية الآخرين قد تتم المحاسبة على ما لا يستدعي الملاحقة القانونية من الأساس، مثل المنشورات التي يقوم أصحابها بنشرها في صفحاتهم الاجتماعية بقصد التنفيس عن استيائهم من الضغوطات الاقتصادية، فلا يستبعد أي شخص انتقد أداء وزير في صفحته الخاصة على الفيسبوك أن يتم ملاحقته قانونياً على اعتبار أنه يقوم بنشر إشاعة، أو إذا قام بإعادة نشر مقال فيه إنتقاد لأحوال البلد أن يحاسب على أساس أنه يثير الفتنة أو إذا قام بإضافة تعليق يرفض فيه قرارا حكوميا بأن يُتهم بأنه يحّرض على العنف.
ومن التعديلات تلك المتعلقة بنظام المعلومات وإضافة «التطبيقات» إليه، حيث تنص المادة 10» أ. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة الاف ولا تزيد على عشرة الاف دينار كل من قام بنشر أو إعادة نشر ما يعد خطابا للكراهية عبر شبكة المعلوماتية للموقع الالكتروني أو نظام المعلومات»، مما يعني إدراج جميع تطبيقات الهواتف الذكية وإخضاعها للرقابة والمحاسبة، بمعنى آخر أي شخص معرض للحبس إذا قام بإرسال نكتة عن أحد مسؤولي البلد من خلال الواتساب مثلاً، كما يتبادر إلى الذهن تساؤلات حول مدى أحقية الحكومة في مراقبة الرسائل الشخصية سواء على الواتساب أو غيره وألا يعتبر هذا الإجراء انتهاكا للخصوصية ولحق المواطنين في حفظ سرية اتصالاتهم.
لا يمكننا بلا شك لوم وانتقاد التوجهات الحكومية في ضبط استخدام وسائل التواصل، فما أفرزته ساحات التواصل الاجتماعي من قضايا مثل الإبتزاز والإحتيال والتحريض على الكراهية واغتيال الشخصيات ونشر الصور الإباحية يستدعي ايجاد تشريعات لمحاسبة المسيئين، ولكن وبنفس الوقت لا يجوز أن يتم استغلال هذه التشريعات لتكون أداة لتكميم الافواه أو لنشر ثقافة الخوف، والأجدى هنا أن تقوم الحكومة بدراسة قراراتها دراسة مستفيضة والاستعانة بالخبرات الدولية وأصحاب الاختصاص، أو على الأقل عقد حلقات نقاشية مع الشارع الأردني بأطيافه للأخذ بوجهات النظر. ولنكون أكثر إنصافاً فإن وجود تشريعات لا يعفينا نحن كأفراد أن نكون على قدر من المسؤولية والتعامل مع هذا الأمر بحكمة وموضوعية لترسيخ ثقافة استخدام تتناسب وقيمنا المجتمعية، ولنكون الرقيب الاول على أنفسنا للارتقاء بممارساتنا لعل وعسى أن نحافظ على شعرة معاوية بيننا وبين الحكومة.