عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Oct-2021

لماذا «نَفدَ» صبر الرئيس التركي؟*محمد خروب

 الراي 

في تصريح نارِيّ استبطن تهديدات بعملية عسكرية كبييرة، قال الرئيس التركي/أردوغان في مؤتمرٍ صحافيّ عقب ترؤوسه اجتماعاً لحكومته في القصر الرئاسيّ، إنّ صبرَ بلاده حيال الهجمات التي تستهدف القوات التركية في منطقة درع الفرات (شمال سوريا التي دشّنت الغزوة التركية الأولى): «إنّ الهجوم الأخير على قوّاتنا والتحرّشات التي تستهدف (أراضينا) بلغت حداً لا يُحتمَل».. مُضيفاً: أنّ صبرنا قد نفدَ تجاه بعض المناطق, التي تُعدّ مصدراً للهجمات الإرهابية من «سوريا» تجاه (بلادنا)! مُهدداً: أنّنا سنقضي على هذه التهديدات التي مصدرها من هناك، إمّا - أضاف - عبر القوى الفاعِلة هناك أو بإمكاناتنا الخاصّة».
 
يتوجّب هنا التوقّف عند المفردات/والمصطلحات التي استخدمها أردوغان في التعبير عن غضبه وإعلان نفاد صبره، إذ يقول: إنّ الهجمات هذه تستهدف «أراضينا وبلدنا»، ما يعني ضمن أمور أخرى, أنّه يعتبر المناطق التي احتّلتها قواته خلال غزواته الثلاث للشمال السوري, والتي حملَت أسماء «درع الفرات»/2016، و«غصن الزيتون»/2018، وآخرها نبع السّلام/2019.. أراضي تركية. ما يعزز المخاوف برغبة تركية لضمّ تلك المناطق، لا تخفيها الإجراءات التي تتخذها قوات الاحتلال التركيّ على الأرض.. من عمليات تتريك للمناهج، وتداول الليرة التركية في المناطق المحتلّة، ناهيك عن فتح فروع لجامعات تركيّة ورفع صور الرئيس التركي في المكاتب الرسمية وفي الميادين العامّة، والتوسّع المضطرد في تعليم اللغة التركية. ما يعيد إلى الأذهان أيضاً، المطلب التركي المُلحّ خلال تلك السنوات وقبلها بإيجاد «منطقة آمنة» في الشمال السوريّ... يتمّ حظر الطيران الحربي فوقها.
 
وبصرف النّظر عمّا إذا كان بمقدور أردوغان القيام بعمليات جديدة, يهدّد فيها باجتياح مناطق شرق الفرات بذريعة قطع الطريق على قيام «جيب كردي» في تلك المناطق بدعم من القوات الأميركية المُحتلّة هناك، والتي تمّ تعزيزها مؤخراً بأرتال ضخمة قدِمتْ من العراق في إطار انسحاب القوات الأميركية «المُقاتلة» التي التزمت واشنطن سحبها قبل نهاية العام الجاريّ، فإنّ أردوغان بتهديده استخدام «إرهابييه» من التنظيمات التكفيرية/الجهادية التي يموّلها ويسلّحها ويدرّبها ويصدّر أوامره لها, لاستهداف الجيش السوريّ وقاعدة حميميم بالصواريخ وقذائف المدفعية والطائرات المُسيّرة، إنّما يعكس ضمن أمور أخرى, سعيه الحثيث للتهرّب من الالتزامات التي فرضها عليه اتّفاق سوتشي/5 آذار 2020، حيث لم تنفّذ أنقرة منه أيّ بند خصوصاً فصل التنظيمات «المعتدلة» عن تلك الإرهابية/التكفيرية/الجهادية، ناهيك فتح طريق M4 الرابط بين حلب واللاذقية. وأيضاً وهذا أكثر أهميّة في هذه المرحلة، ما عكسته تهديداته من «فشل» للقمّة الأخيرة التي عقدها مع الرئيس بوتين في سوتشي نهاية الشهر المضي. خاصّة أنّ شيئاً لم يرشَح عن نتائجها من الطرفين، واقتصارها على لقاء «مُنفرِد» ومُطوّل بينهما.
 
لن تكون «العملية» التي يهدّد أردوغان شنّها...«نزهة». وهو يعلم في قرارة نفسه أنّها ستكون مُغامرة مُكلفة, ليس فقط لأنّها تمنح الجيش السوريّ فرصة للمضيّ قدماً في تحرير إدلب/المدينة والمحافظة، وإنّما في أنّه يضع نفسه وبلاده أمام خيار قاتل, وهو الدّخول في مواجهة مباشرة مع الجيش السوريّ والطيران الروسيّ, وخصوصاً تدفّق المزيد من «اللاجئين» نحو بلاده، وما يتركه ذلك من مخاطر أمنِية, في ظل هزيمة حلفائه من الجماعات الإرهابية, حيث لا يستطيع لجمهم أو تحمّل استيعابهم وعائلاتهم و«مخططاتهم», على أبواب معركة انتخابات رئاسية/وبرلمانية, تشير الإستطلاعات إلى أنّ شعبيته وشعبية حزبه/العدالة والتنمية.. في تراجُع.
 
زد على ذلك.. التوترّ المتصاعد بينه وبين الإدارة الأميركية, إذ تواصِل الأخيرة تقديم الدعم السياسي/والعسكري واللوجيسّتي للانفصاليين الكرد، وترى واشنطن في تمركز جيشه في الشمال السوريّ «عائقاً» أمام تنفيذ مخططها الخبيث/الإجرامي بتقسيم سوريا, عبر إقامة منطقة حكم ذاتيّ لكرد سوريا. يقول روبرت فورد السفير الأميركي السابق في دمشق: «إنّ الحكم الذاتيّ في شمال سوريا يتّجِه ليصبح (واقِعا) أو دولة صغيرة تحت مظلة الولايات المتحدّة, في ظلّ - والقول للسفير الأميركي السابق - صعوبة التوصّل إلى اتّفاق بين الأكراد والدولة السورية». وهنا نسترجع تصريحات مولود جاويش أوغلو غير المسبوقة التي اتّهَم فيها إدارة بايدن بـ«دعم الإرهاب».
 
هل يمضي أردوغان قدماً في تنفيذ تهديداته بعدما «نفدِ» صبره؟ أم أنّه سيكتفي بذلك ويمنح نفسه فرصة للتفكير بعواقب مُغامرة غير مَحسوبة أو مَحسومة النتائج؟
 
.. الأيام ستقول.