عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

تصفية سليماني لا تقلل من التهديد الإيراني - تسفي برئيل

 

هآرتس
 
من الخوف الكبير من رد إيران على اغتيال قاسم سليماني، يبدو أنه في ميزان الرعب فان “التهديد الإيراني” التقليدي يتقلص مقابل تهديد سليماني الميت. من حسن الحظ أنه لا يوجد حتى الآن لدى إيران سلاح نووي، وإلا كانت بدون شك ستستخدمه من اجل تفجير العالم من كثرة غضبها.
الحقيقة هي أنه بعد هتافات النصر بسبب الإنجاز والتنبؤ القائل بأن إيران لن تكون مثلما كانت – اقتربت الحرب بين الولايات المتحدة وإيران – من المسموح التفكير للحظة بالاهانة الشديدة وكأن كل التهديد الإيراني قد تقلص الى جمجمة واحدة معلقة على حزام الصيد.
هذه هي الرؤية التي رافقت الصراع الطويل ضد القاعدة، وهكذا ظهرت ايضا الحرب ضد داعش، وهكذا ايضا تعاملت إسرائيل مع تهديد حماس. إن تعبير “سحق رأس الافعى” لم يكن شعارا في الشعر، بل هو يمثل استراتيجية ترتكز على مفهوم مركز، ضيق وغير واقعي، الذي بحسبه العدو هو تنظيم أو حتى خلية إرهابية. حجمه غير مهم، قم بقطع رأسه وبهذا تكون انهيت كل التهديد. كتب التاريخ مليئة بأسماء القادة، زعماء التنظيمات والنشطاء السياسيين، الذين تمت تصفيتهم باسم نفس الرؤية. في عدد من الحالات أدت هذه التصفيات الى تغيير العمليات التاريخية مثلما حدث عند قتل اسحق رابين وأنور السادات والمهاتما غاندي وجون كنيدي، إذا اشرنا فقط إلى البارزين في العصر الحديث.
بفضل ترامب انضم سليماني الى هذه السلسلة المحترمة. الذاكرة التاريخية التي تشوشت في هذا الاسبوع اعتبرت عملية قتله التصفية الامريكية الاولى لزعيم منذ الحرب العالمية الثانية؛ ونسيت محاولة اغتيال رئيس حكومة الكونغو الاول، باتريس لوممبر، في العام 1960، والتي كانت “سنة خير” لجهود تصفية الزعماء أو اسقاط نظام سلفادور ايندي في تشيلي وانتحاره غير المتوقع. في العام 1986 حدث القصف الجوي على معمر القذافي، ومحاولة قتل سلوفودان ميلوشوفيتس في العام 1999، وبالطبع الجهود التي بذلت لقتل صدام حسين في 2003.
تصفية سليماني لا تقلص تهديدات إيران ولن تغير سياستها الاقليمية. ومهما كانت أهميته في الهرم السياسي والعسكري للدولة، فهو لم يكن “الدولة”. إيران هي دولة طموحة، ومن اجل تحقيق طموحاتها فقد فعلت كل ما تفعله أي دولة عظمى اخرى مثل روسيا والصين والسعودية والولايات المتحدة. كل واحدة من هذه الدول اقامت ممثليات عسكرية تحارب باسمها أو من اجلها. روسيا يوجد لها “مجموعة فاغنر” القاتلة، التي عملت في سورية وتعمل في ليبيا وافريقيا. والولايات المتحدة رعت مجموعات داخل طالبان من اجل تحقيق مصالحها. والسعودية تقوم بتوظيف مرتزقة من امريكا الجنوبية وافريقيا في حربها في اليمن. وإيران يوجد لها حزب الله والمليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن.
مهمة سليماني كانت أن ينفذ ويطور نفوذ إيران في كل مكان، في الشرق الاوسط وفي آسيا وافريقيا وفي امريكا الجنوبية. وقد فعل ذلك بأهلية ونجاح، لكن سجل ضده عدد غير قليل من الاخفاقات مثل عدم توقع تهديدات داعش في العراق وفقدان تفوق إيران في سورية وعدم التقدير بشكل صحيح لحركة الاحتجاج في العراق ضد التواجد الإيراني فيه. سليماني شكل مشكلة بالنسبة لإيران مثلما شكل ذخرا لها. ولكن هذا الميزان ليس هو موضوع الغرب.
في الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، يجب أن يقلقوا بالاساس لأنه لا توجد لديهم خطط استراتيجية وسياسية للدفع قدما بهيمنتهم في إيران واقامة علاقات ايجابية معها. التقوقع داخل الأسوار الدفاعية خوفا من الانتقام الإيراني والتبجح بعظم “بنك الأهداف” التي ستتم مهاجمتها، لا يمكنه أن يحل محل ضرورة كبح استمرار تدمير الاتفاق النووي الذي من شأنه أن يؤدي الى حرب اقليمية. وهو لن يبعد اساس العداء ولن يبدد الخوف الدائم من إيران.