عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2020

لماذا نقول غاز العدو احتلال؟ - انس المعلواني

 

 الجزيرة - راجت بضائعُ التطبيع حينما كسدت بضاعة الكرامة، وأُضيفَ سطراً جديد من سطور الذل والعار إلى التاريخ، فالمشهد اليوم لا يختلفُ كثيراً عن اتفاقية وادي عربة ولا يبتعد عن نكسة حزيران، فعندما تبرم الحكومة الأردنية إتفاقية الغاز المسلوب مع الكيان المحتل فهذا لا يدل إلا على إحدى الأمرين، فأما أن تكون هذه الحكومات الأردنية المتعاقبة جزءً لا يتجزء من مشروع دولة النيل إلى الفرات وهذا أمرٌ مستبعد (لو أخذنا بحسن الظن) وإما أن تكون عاجزة عن تملك سيادتها في عملية صنع القرار والاستقلالية به، وكلا الخياران أحلاهما مر، أما إن كانت هذه الاتفاقية تصبُ في مصلحة الأردن فهذا أمرٌِ مستبعدٌ كلياً وفقاً لخبراء الاقتصاد والنفط والمختصين ولو سلمنا جدلً أن هذه الاتفاقية في مصلحة الأردن فانها لن تكون اقل خطورة من صفقة القرن ولن يقبل الشعب الأردني أن يُسقى كأس الحياة بذلة بل أن يموت جوعاً وهو عزيز كحال سائر الشعوب الحرة الكريمة.
 
لماذا غاز العدو احتلال؟
بنود هذه الاتفاقية وقعت بين شركة نوبل انيرجي (أمريكية) وبين شركة الكهرباء الأردنية وحدد سعر الوحدة الحرارية الواحدة 5.65 دولار هذا في حال كان سعر برميل النفط 30 دولار أما إذا أصبح سعر البرميل من 50 إلى 70 دولار فسيرتفع سعر الغاز إلى 6 دولار، وفي حال أن الأردن اكتشف حقول غاز فلا يستطيع تخفيض الشراء من أسرائيل لأقل من 20 بالمئة وإذا أراد الأردن الانسحاب من الصفقة فيترتب عليه غرامة تصل إلى 1.5 مليار دولار.
 
مستقبل هذه الصفقة فهذا أمر بيد الشارع الأردني والناظر الى ذلك الشارع يعلم بأنه أصبح على درجة أعلى من تسيير الأمور إلى صالحه وتصاعد ملحوظ في نيل حقوقه ومطالبه
هذه الاتفاقية تعتبر احتلال وإن كان غير صريح لمدة خمسة عشر عاما للأردن وتعتبر هذه الاتفاقية مقيدة لأي نشاط بترولي في الأردن لتلك المدة، لذلك عندما يصرخ الشعب الأردني بأن غاز العدو احتلال يعلم علم اليقين بما يحمل من شعارات ويتبناها ويرفعها غير أن الحكومة الأردنية تعتقد بأنها أوتيت مفاتح الحكمة وأنها أخبر بمصلحة الوطن والمواطن كسائر حال الحكومات العربية، وي كأنهم يحدثون أنفسهم بمقولة أدلوف هتلر عندما قال: (أليس من سخرية القدر أن يفصل الجهلة فى القضايا السياسية الخطيرة مثلا لتضيع آراء الصفوة في زحمة الثرثرة والصراخ أليس من العار أن تترك مقدرات أمة تحت رحمة مواطنين يتصرفون بهذه المقدرات بخفة ومجون كما لو كانو يلعبون الورق). 
 
رفص شعبي
في حين صعود الأصوات الرافضة لاتفافية الغاز مع الكيان المحتل، والسخط الشعبي العارم في شوارع الأردن والتصاعد في الحملات الرافضة لهذه الاتفاقية، تضرب الحكومة الأردنية تلك الاحتجاحات بعرض الحائط، وتذعن مجلس النواب الأردني للأمر الواقع، بقرار من المحكمة الدستورية
يقتضي بأن هذه الاتفاقية لا تتطلب موافقة مجلس الأمة (النواب والاعيان) والعجيب بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يبارك تارة بتلك الصفقة المشؤمة ويصفها بالتاريخية، ويلوح تارةً أخرى بضم الأغوار إلى كيانه الغاصب، وهذا يدل على اهدارٍ غير مقبول للأمن الأسترتيجي في الأردن، وإن هذا الكيان يبني علاقاته وفقاً لمصالحه فقط ولو كانت تلك المصالح على حساب دول وكيانات أخرى، فبعد استعادة أراضي الباقورة والغمر ووصفه بالأنجاز التاريخي في الأردن، يبرم هذا الاحتلال إنجاز تاريخي حقيقي بتلك الصفقة التي تعود عليه بالمليارات لصالح بناء مستوطنات جديدة وتسليح كيانه الغاشم.
 
هل تستمر اتفاقية الغاز المسلوب؟
إننا في الوطن العربي نؤمن إيماناً تاماً بأن هذا الكيان زائل مهما طال وأن التاريخ لن يرحم كل من باع وخان وتأمر وكان شريكا لهذا الاحتلال، أما عن مستقبل هذه الصفقة فهذا أمر بيد الشارع الأردني والناظر الى ذلك الشارع يعلم بأنه أصبح على درجة أعلى من تسيير الأمور إلى صالحه وتصاعد ملحوظ في نيل حقوقه ومطالبه، فأحداث الدوار الرابع التي أطاحت بحكومة هاني الملقي وأزمة المعلمين التي انتهت بنزع حقوقهم، تعتبر أمثلة على أن أمر هذه الصفقة ليس ببعيد عن الشارع الأردني، ولكنه يحتاج إلى تكثيف للجهود وتنظيم للعمل وإدراك واع بخطورة هذه الصفقة وتحرك جاد لإسقاطها.