عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Oct-2019

الانتخابات التي تشكل الهوية

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
تستمر الوحدة المدنية في الازدياد في نظامين ديمقراطيين عربيين، العراق وتونس، اللذين كانت الانقسامات الدينية تمزقهما في الآونة الأخيرة. وخير دليل على ذلك ترشح ستة وعشرين شخصاً في الانتخابات الرئاسية التونسية.
تنتخب تونس رئيسًا جديدًا للمرة الثانية منذ قيام ثورتها ابان الربيع العربي عام 2011 . يعد هذا بحد ذاته إنجازا كبيرا في العالم العربي ، الذي تستشري في معظمه حالة من الاستبداد أو الفوضى. غير ان نجاح تونس لا يقابله سوى تقدم العراق في الديمقراطية منذ عام 2003.
على جميع الأحوال، فإن ما يبرز في كلا البلدين هو ارتفاع مواز في الهوية الوطنية. اذ أدت الانتخابات إلى توحيد الناس حول مصلحة مشتركة في تقرير اهتماماتهم المدنية بطريقة متحضرة بدلاً من الاقتتال جراء الخلافات حول دور الإسلام في الحكم. وعلى اثر اتاحة فرصة التصويت للقادة الذين يتعهدون بشأن قضايا تتراوح من الأمن إلى الفساد ، يظهر الناخبون تضامنا مدنيا وطنيا، حسب ما تفيد استطلاعات الرأي.
تتضح فرصة تونس من أجل تشكيل هويتها في عدد المرشحين للرئاسة والذين يبلغ عددهم ستة وعشرين مرشحا. اذ إن التنوع في توجهات المرشحين - قطب التلفاز الشعبي ، المرشح النسوي، المرشح الإسلامي ، التكنوقراطي ، المؤيد للسوق الحرة ، اليساري ، إلخ - يمنح الناخبين الحرية الكافية من اجل اختيار مستقبل البلاد. بالإضافة إلى ذلك ، عقد المرشحون ثلاث مناقشات ، وهو حدث عام لم يسمع به احد في العالم العربي.
في الانتخابات التشريعية لعام 2014 ، كانت خطوط المعركة السياسية محصورة إلى حد كبير بين مؤيدي الحكم المدني وحزب النهضة الإسلامي. ومنذ ذلك الحين، أعاد حزب النهضة تسمية نفسه ليصبح «حزبا ديمقراطيا اسلاميا». ومن الأسباب التي ادت الى ذلك أن التونسيين يهتمون بالوظائف والخدمات أكثر من اهتمامهم بحكومة قد تفرض الإسلام على مجتمع به انقسامات اجتماعية واسعة.
في العراق أيضًا ، ومنذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 والإطاحة بما يسمى الدولة الإسلامية في عام 2016 ، حاولت البلاد الابتعاد عن المعارك الطائفية. في انتخابات العام الماضي، والتي أسفرت عن الانتقال السلمي الرابع للسلطة ، كانت قضايا الحكم المدني أكثر أهمية من الانقسامات الدينية.
ومن اللافت للنظر ، أن استطلاعات الرأي تظهر أن الأقلية السنية لديها ثقة أكبر في الحكومة التي يقودها الشيعة مقارنة بالشيعة انفسهم. كما تستمر نسبة السنة الذين يعرفون عن انفسهم بأنهم «عراقيون» أولاً في الارتفاع. وتقول غالبية كبيرة من السنة والشيعة إنهم يشعرون بالأمان في أحيائهم وأنه من الأفضل فصل الدين عن السياسة ، حسب استطلاع للمعهد المستقل لدراسات الإدارة والمجتمع المدني.
لا يزال الناس في كل من تونس والعراق يمثلون العديد من التوجهات - الاسلامية والعربية والقبلية والإقليمية ، وما إلى ذلك. ولكن من خلال الالتفاف حول عملية ديمقراطية في سبيل المشكلات سويا، فإنهم يخلقون رابطة تعطيهم هوية أوسع ، رابطة تستند إلى المثل العليا المدنية . ورغم ما قد يتخلل ديمقراطيتهم من فوضى، فانهم يحاولون التركيز على الصالح العام.