عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Aug-2020

علبة سوداء

 

هآرتس
 
أسرة التحرير
 
تبدأ هذه القصة مثل كل قصة عادية: عائلة، أم رحيمة وطفل صغير ومحب للاستطلاع يستكشف محيطه. ولكن لما كان ليس هناك أي شيء عادي في حياة الفلسطينيين في المناطق المحتلة، فإن هذه القصة العادية ايضا تصبح بالتدريج كابوسا. ففي ظهر يوم الخميس الماضي في قرية قدوم في الضفة لاحظ طفل ابن سبع سنوات علبة سوداء، مغطاة بالخيطان وبالقماش، فرغب في حملها كي يلعب. أما أمه، التي كانت معه، فدعت ابناء عائلتها لفحص عما يدور الحديث.
رفع اثنان منهم العلبة، هزاها فسمعا قرقعة. بعد هزة اخرى كان انفجار، فأصيب احدهما بجراح طفيفة في يده وفي وجهه. تبين أن العلبة كانت عبوة اعدها الجيش الاسرائيلي وان الحديث يدور عن ثلاث عبوات على الاقل زرعها الجيش الاسرائيلي “ليخلق ردعا”. لماذا هناك؟ لان هذه هي القرية الوحيدة في المناطق التي ما يزال الناس يتظاهرون فيها ضد الاحتلال كل اسبوع، ما يسمى في اللغة العسكرية “اعمال اخلال عنيفة بالنظام بشكل دائم منذ عدة سنوات”.
قصة تقشعر لها الابدان كشف النقاب عنها في “هآرتس” امس هجار شيزاف وينيف كوفوفيتش. يوم الاربعاء الماضي مع حلول منتصف الليل دخلت الى القرية قوة من كتيبة الدورية في لواء الناحل وزرعت على الاقل ثلاث عبوات في هوامش الطريق الذي يستخدمه سكانها ويوجد قرب منازلهم. وموهت القوة العبوات بالحجارة، بالاقمشة وبصناديق ذخيرة وخرجت من القرية بينما كانت العبوات جاهزة للتشغيل. بمعنى أن لمسها سيؤدي الى انفجار العبوة.
رد الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي يحطم رقما قياسيا في ادعاء البراءة: “بعد أن تبين ان الامر من شأنه ان يؤدي الى الاصابة، عملت القوات على اخراجها من المجال”. فهل يدور الحديث عن ممارسة جديدة في بروتوكول عمل الجيش الاسرائيلي في المناطق؟ من الذي صادق على زرع العبوات في المحاور التي يتحرر فيها سكان القرية بما في ذلك الاطفال؟ هل كان مستشار قانوني عسكري ما صادق على زرع العبوات؟ لماذا تركت دون رقابة بينما كانت جاهزة للتشغيل؟ من أعد العبوات؟ هل زرعت باقرار أو بعلم من القادة الكبار في الفرقة؟ الجيش الاسرائيلي يرفض الاجابة.
هذه الاسئلة محظور ابقاؤها مفتوحة. وسواء الحديث يدور عن نظام جديد أن مبادرة شخصية “نشأت في الميدان”، فهذا اجتياز لخط احمر، بالحظ فقط انتهى دون اصابات خطيرة.
يجب الوقف الفوري للظاهرة ومعاقبة الضالعين فيها. على الجيش الاسرائيلي أن يتأكد انه لم تتبقى عبوات اخرى في المنطقة ولا توجد اماكن اخرى تنتظر فيها العلب السوداء اطفالا أبرياء او أهاليهم.
في اعقاب توجه من “هآرتس” فتح قائد فرقة المناطق العميد ينيف آلالوف فحصا للحادثة. تفيد التجربة المريرة انه لا يمكن توقع الكثير من فحوصات كهذه.