عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jul-2022

القطامين يكتب: عقيدة الترهل القاتلة

 عمون - 

د. نضال القطامين
 
بينما تستعد الدولة لدخول مضمار الإصلاح السياسي، بينما تتبارى النخب في إيضاح مسرّعاته، يمدّ الترهّل رجليه في وجه القاطرة التي تكاد تسير، ويقضي ثلاثة عشر فتى لسبب واحد فقط، تلك العقيدة التي يقدّسها العمل الإداري ، " أن الأمور ماشية و اللي حمّلها بسيّرها"، دون تدريب ودون رقابة ودون عمل ميداني مهني ومحترف وحقيقي.
 
ثلاثة عشر ضحية وعشرات الإصابات، نشر لأشرعة الموت في وجه السيّاح والمصطافين، في وجه الاستثمار وفي وجه العائلات التي لا تجد سوى برامج سياحية خجولة، حيث تبلغ كلفة السياحة في العقبة أضعافها في اسطنبول أو شرم الشيخ، وحيث يتحتّم أن يعرف كل المعنيين، أن الأردنيين يجب أن يكونوا هم المستهدفين بكل الإجتماعات والحوارات واللقاءات في المكاتب وفي الفنادق والمطاعم، وأن دعم القطاع الخاص والبحث عن سبل تعزيز عمله، يجب أن يترافق بالتفكير بمشاريع مدعومة تحفّز الناس على التفسّح في متحفهم المفتوح، وتكفيهم مؤونة التراجع الإقتصادي والتنموي والسياحي.
 
في الوقت الذي يرتسم فيه عالم جديد، محكوم بافتعال الأزمات والحروب، عالم لا شأن للعرب به، فهم قومٌ يحبون التسوّق مما تنتجه آلات الغرب والشرق، ويمضون وقتاً أطول في كردورات المولات، في هذا الوقت، يمضي الترهل مشرعا خنجره الصقيل في وجه قماش الإصلاح البالي، ويتساءل الفتية الذين يستقبلوا منظّري الأحزاب في المحافظات عن فرصة عمل قبل ورقة الإنتساب، وعمّا إذا كانوا فقط أرقاما لغايات الترخيص، وعن الفرص غير الوفيرة التي يعرضها الدلّالون أمامهم ليكونوا قادة في الأحزاب، وعن برامج واضحة وشفّافة لا يشوبها عيب في إصلاح السياسة والإقتصاد والثقافة، دون إجابات ودون حتى انتباه.
 
يستأنف الترهّل ركضه في مضمارنا المتداعي، ويقع الناس في حيرة على حيرة، وتُشرع الأسئلة عن جدوى الإصلاح المنوط بنشوء الأحزاب، بينما لا يجد منتسب الحزب منبرا ولا منصة، يرفع عليها عقيرته في طلب الخبز والعمل والتدريب، في رؤية الموت الذي يتسبب به المترهلون دون اكتراث، ودون حساب ولا حتى توبيخ.
 
ليس الناس بحاجة لأحزاب كرتونية هلامية، هم أحوج الآن لأحزاب وطنية تشكل حكومات حزبية، مشرعة للنقد والمعارضة الوطنية، وذات برامج إصلاحية شمولية، نحن بحاجة لنهضة وطنية شاملة، ركنها الأساس معرفة ما يُحاك من مؤامرات وأزمات ومعارك واقتتال، واستشراف لنوايا أطراف الازمات وشركائهم في إبعاد الناس والأنظمة عن قضايا مفصلية ومصيرية، وتكريس الأمر الواقع، والتغافل عن القدس وفلسطين والجولان واللاجئين، وإشغال البلاد بالقمح والبضاعة التي تتكدّس في ميادين القتال.
 
نحن بحاجة لروافع وطنية تسند جهد جلالة الملك وولي العهد، وهم الذين في الطليعة دوما وعلى تماس مباشر بقلق الناس وبأحوالهم، روافع تطرح برامج إصلاحية وطنية لتطوير القطاع العام الذي استهلكت كل المفردات دون تنفيذه، وبرامج لإصلاح الإقتصاد تخفّف عن عواتق الناس مطارق الضرائب وارتفاعات الأسعار، برامج وخطط تضع ترياقا مناسبا لعلة حوادث الطرق التي تهدر كل عام شلالات الدم والمال، برامج تطلق يد الخبراء الصامتين من أساتذة الجامعات وغيرهم، يتبناها المشرّع وتطبقها حكومات وطنية تبالي بجراح الناس وتكترث لأمرهم.