الغد
إشاعات جديدة تنهال في عمان وكل يومين تُولَّد إشاعة جديدة، في مناخات تتسم أصلا بالقلق والترقب وعدم اليقين في كل الدنيا.
في التفصيلات هناك ضخ هائل للمعلومات، وأنصاف وأرباع المعلومات وشبه المعلومات المصنوعة، من حل البرلمان إرضاء للرئيس الأميركي ترمب لإخراج الإسلاميين من مجلس النواب، برغم كتلهم التصويتية المرتفعة جدا، وهذا يعني استقالة الحكومة التي ستُنسَب بحل البرلمان، والاتيان بحكومة جديدة.
وأصحاب هذا التصور يقولون إن الأردن سوف يستبق قائمة ترامب للجهات المستهدفة ويتخذ القرار بشكل مبكر، حتى لا يبدو بصورة الذي يستجيب للأميركيين، بما يعنيه ذلك من حساسيات وإحراجات.
ومع هذا كلام عن بقاء البرلمان وتكييفات ضد حزب جبهة العمل الإسلامي بما يؤدي إلى خروج نوابهم فقط، وبقاء البرلمان، وهذا تصور يرتبط بشهوات سياسية للبعض ممن يظن أن فرصته بالحصول على موقع نيابي بدلا عن الذين سيخرجون بسبب حل الحزب تبدو مرتفعة، ونحن هنا نخضع لأهواء فردية.
ويتراكم فوق الكلام تصورات عن تعديل وزاري يشمل ثلاثة وزراء، ويتناسى هؤلاء أن رئيس الحكومة تجنب التعديل الأول طول عام كامل، وكانت أمامه فرصة لإخراج أي وزير لا يريده خلال التعديل الأول، وهو لم يفعل ذلك، فلماذا سيفعله الآن؟.
من حيث المبدأ لا أحد لديه معلومة حصرية دقيقة، لكن اللافت للانتباه هنا في موسم الإشاعات في عمان أن كثرة تتحدث وتتجنب في الوقت نفسه الحديث عن كلفة تحويل كل إشاعة إلى واقع، وهناك سطحية غير مسبوقة، تقفز عن كل عناوين التحديث السياسي والاقتصادي، وتتعامل مع الأردن باعتباره لا يدرس كلفة كل خيار أو إشاعة، وكأنها مجرد قرارات عادية يمكن اتخاذها في يوم وليلة.
لا بد أن تخرج جهة رسمية وتتحدث إلى الناس، لحسم كثير من الملفات، لأن الإشاعات وصلت حد الكلام عن إبقاء النواب كما هم لفترة مؤقتة حتى تمر الموازنة، وأحيانا تتنازل إشاعات تقول إن قانون الانتخاب قد يتم إلحاقه بالدورة العادية الحالية من أجل تعديله ثم حل النواب ورحيل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، وهكذا تتكاثر القصص في عمان المسائية، ولا يتم الرد على كثير من الكلام المتداول بطرق غريبة، برغم أن الرد مهم لتثبيت المؤسسات.
الاستقرار في الأردن أمر أساسي، وهو لا يتجزأ في عناوينه، ولا يجوز أن يبقى البلد تحت وطأة الإشاعات، أيا كان مصدرها، بما يعني أن إغلاق الباب في وجه الثرثرة أمر وجوبي، وهذا أمر متاح عبر منطوق رسمي يوضح كل النقاط، بدلا من ترك الأردن لنافثي الإشاعات التي تستند إلى أجندة شخصية أحيانا، أو إلى تصورات، أو حتى توقعات، خصوصا أننا نعبر توقيتا مهما على أكثر من صعيد.
ثم إن الأهم في هذا السياق تعزيز استقرار الأردن وخياراته، والإدراك أن هناك كلفة لكل سيناريو يتم طرحه، مع الإشارة هنا إلى أن التوقيت لا يسمح أصلا بدفع أي كلف على المستوى الداخلي، مهما حاول البعض تبسيط الكلف، أو التهوين من أثرها، في ظل حسابات معقدة على المستوى الداخلي تستوجب التسكين أولا.
الأردن دولة لها موروثها، فلا يظنن أحد أنه يمكن إعادة ترتيب أولوياتها وفقا لمزاج بعضهم.