عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Aug-2020

بيبي ينتظر بايدن - نوعا لنداو

 

هآرتس
 
بالضبط قبل سنتين وبعد وقت قصير من احتفال نقل السفارة الأميركية الى القدس، بالضبط عندما ظهر أن العلاقات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في ذروة مجدها، همس شخص ما حينها في محادثات مغلقة في اللوبي المؤيد لإسرائيل “الايباك”، بأن إدارة ترامب ليست بالضرورة بشرى رائعة جدا لحكومة نتنياهو.
“ترامب هو شخص غير متوقع. فهو لم يترعرع في مصنع السياسيين الأميركيين التقليدي، وهو ليس أحد ابناء البيت في ايباك، ومن يؤثر عليه في واشنطن أكثر هو اللوبي المسيحاني الافنغلستي. نتنياهو سيضطر الى مدحه والحذر منه في نفس الوقت، وهذا لن يكون أمرا سهلا”. لقد صدقت هذه النبوءة. قضية طائرات اف35، سواء حدثت أم لا، هي فقط المثال الأخير على التعقيد المخيف في العلاقة.
خلال الفترة السابقة لترامب في البيت الأبيض حاول نتنياهو كل ما في استطاعته لخلق صورة من الصداقة الحميمة والوثيقة، غير القابلة للاهتزاز. ولكن الواقع لم يكن دائما بسيطا مثل الشعارات.
من وراء الكواليس مرات كثيرة فاجأ ترامب نتنياهو بتصريحات وطلبات غير متوقعة، تناقض سياسته المعلنة، والأمر احتاج إلى بذل جهود كثيرة لسفير الولايات المتحدة في إسرائيل، دافيد فريدمان، والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، رون ديرمر، من اجل كي جميع التجعدات والوصول الى صورة افضل.
في المؤتمر الصحفي المشترك الأول بين الاثنين في 2017 كان من الواضح كيف أن ننتنياهو، الخبير في تقديم صفحة الرسائل، التزام بالسيناريو الذي أعده مسبقا، في حين أن ترامب، الفنان في اطلاق الرصاص من الكم، أدخله في ورطة امام العدسات.
في بث مباشر قال له ترامب “الطرفان سيضطران الى التنازل، أنت تعرف هذا جيدا”. وطلب منه “أن يكبح قليلا المستوطنات”، واوضح ايضا بأنه رغم أن الامر لا يهمه، سواء كان في نهاية المطاف دولة واحدة أو دولتين في منطقتنا، مع ذلك يبدو له أن حل الدولتين “سيكون هو الاسهل” من بين الحلين. وهذه تصريحات جعلت نتنياهو يضحك بشكل محرج الى جانبه وكأن ما قيل هو نكتة.
منذ ذلك الحين كان هناك الكثير من هذه الاحداث العلنية، خاصة اللقاء في الأمم المتحدة الذي فيه اوضح ترامب امام العدسات بأن حل الدولتين هو الحل المفضل عليه، مثلما تبين في النهاية، في مقابلات قال فيها إن “المستوطنات تعقد بدرجة كبيرة، ودائما عقدت عملية صنع السلام”. حتى عن الهدية التي اعتبرت الهدية الأكبر التي قدمت لنتنياهو والتي تم تسويقها كهدية شخصية حتى، نقل السفارة الأميركية، قال ترامب في الأسبوع الماضي بأنه فعل ذلك من اجل الافنغلستيين “المتحمسين لذلك أكثر من اليهود”.
حتى نتنياهو نفسه كشف بين حين وآخر بصورة خاطفة عن الصعوبات. مثلا عندما في زيارته الى ليطا قال في الاحاطة للمراسلين بابتسامة بأن “الدفع قدما بصفقة القرن لا يرى أنه أمر مستعجل”. صياغة بنود الصفقة احتاجت من نتنياهو طاقة كبيرة كان من ناحيته يفضل أن لا يبددها، لكن في نهاية المطاف ايضا خطة الدولتين لترامب نجح في بيعها للقاعدة اليمينية مثل شراب الليمون الحلو بمساعدة مناورة الضم.
صفقة طائرات اف35 التي ستباع، أو لا تباع، لاتحاد الامارات هي نظرة اخرى لهذه الصعوبات التي جرت في الغالب من خلف الكواليس، حيث أن نتنياهو مقيد: هو لا يستطيع أن يهاجم صديقه ترامب بشكل علني ولا بأي حال من الاحوال. كل شيء يجب حله بهدوء.
من التفاصيل والشهادات المعروفة حتى الآن يبدو أن اتحاد الإمارات والولايات المتحدة ضغطتا على إسرائيل لفترة طويلة من اجل الموافقة على الصفقة. وهذا ما يتضح ايضا من اقوال وزير خارجية الامارات وكذلك من حقيقة أن نتنياهو اهتم بنشر توثيق طويل ومفصل على معارضته.
لماذا جرت كل هذه اللقاءات بهذا الشأن؟ لأنه كان هناك ضغط أميركي. الآن يتبين أنه سواء اعطى نتنياهو موافقته بالصمت أم لا، فان ترامب بالضرورة لم يراهن عليه. “بالتأكيد توجد لديهم الأموال للدفع مقابل ذلك”، قال أمس الرئيس بعيون لامعة، “هم يريدون شراء طائرات اف 35، ويبدو أن هذا هو ما سيحدث، هذا الامر تحت الفحص”.
على ضوء كل ذلك وغيره يمكن بالتأكيد أن نتخيل سيناريو فيه بهدوء تام، في الليل قبل النوم، نتنياهو ينتظر في الخفاء جو بايدن. المرشح للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي ونائبته المرشحة كمالا هاريس، هما أسهل بكثير ازاء الاعيب الايباك، ولديهما سجل موثوق في دعم عام لإسرائيل.
صحيح أنهما لن يسحبا بادرات حسن نية ضخمة من اكمامهما مثل سفارات جديدة، وصحيح أن يوجد لهما جناح انتقادي جدا تجاه إسرائيل في الحزب، ضمن أمور اخرى، بسبب وقوف نتنياهو إلى جانب ترامب الذي خلق معسكر مناهض، ولكنهما أكثر مؤسساتية بكثير ومتوقعون ويسهل العمل معهما.
بشكل خاص بالنسبة لمن يعرف السياسة الأميركية مثل نتنياهو، اذا بقي بعد الانتخابات، واذا تم انتخاب بايدن، لن يكون الأمر فظيع جدا بالنسبة له مثلما كان يريد أن يظهر.