عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Sep-2020

غزل في زمن الكورونا*عبدالهادي راجي المجالي

 الراي

 أحزن حين يقال بأن أنثى أصيبت بالكورونا, أنا لا أحب أن يذبل الورد.. أو يصاب بانتكاسة, مع أنهم يذكرون الأعداد..دون ذكر التفاصيل, دون أن يقولوا أن ليلى أو منى أو أم محمد.. مثلا أصيبت بالكورونا.
 
الأصل أن يقوم النظام الصحي لدينا, بحماية البنات.. الأصل أن يركز على حماية الجدائل من الخمول, والأصل أن يركز أيضا على حماية الحاجب والعين... وأن يكون ضمن البروتوكول العلاجية, وضع القليل من الحناء على الكف, ووضع فيروز في الصباح.. وأن تكون القهوة عابقة بالحب والبلد والقصائد والحياة.
 
النساء لا تحتاج للأقراص المسكنة, ولا لخافض الحرارة... تحتاج للورد على الشبابيك, وللخواتم والخلاخيل.. ولأن تطلى الغرف بالألوان..
 
لايوجد دولة في العالم تفصح عن الإصابات بين النساء والإصابات بين الرجال, وأنا لا أعرف لماذا؟.. الأصل أن نحدد...أن نقول مثلاً إن ليلى ما زالت في الـ (25) من العمر وأصيبت بالكورونا, وأن نرسل لها الورد والرسائل ـ يقولون إن المعنويات حين ترتفع فهي تساهم في العلاج ـ وأن نكتب قصة ليلى في الكتب, ونخبرهم بأن ليلى والذئب هي من خيال الإنسان ولم تكن حقيقية, لكن ليلى والكورونا حقيقة... وانهزمت الكورونا أمام العيون العسلية.. ونخبر أولادنا أيضاً أن الفيروس خجل من انعطاف الحاجب على العين اليسرى.. وقرر الرحيل.
 
في زمن الموت والمأساة والحرب, يولد الحب فقط... أجمل الروايات التي أنتجها الروس هي التي كتبت على ضفاف الموت في (ستالينغراد) حين كانت البنادق الألمانية تغتال العيون..والجدائل, أصلا الجيش الروسي لم يؤسس ألوية حمراء للقتال في صفوفه, من انتصرت هي الألوية الشقراء.. التي ألهمت الجنود.
 
أريد من البيان الصحفي اليومي أن يحدد, الإصابات بين النساء... وأريد أن نقول إن غزالة علقت على سفح جبل, علقت بحافة صخرة.. لكنها تنتظر المساء كي تقفز إلى سفح النجاة... لا أريد أن نقول إن بنتا أصيبت بالكورونا.. أريد أيضاً أن يكتب البيان الصحفي المتعلق بالإصابات النسوية بلون الكحل, صدقوني أن الأرض أحيانا تصبح غالية على الرجل..ليس بقيمة التراب فقط, وإنما بحجم ما مر عليها من ذكريات... بحجم ما ارتوت من عطر النساء وما اندلع عليها من قصص الحب, وتفاصيل الغرام..
 
يقولون إن العالم المتحضر ينتج اللقاح, والعالم المتخلف ينتظر الحقن.. من يقولون هذا أغبياء... لو أن من يحضرون اللقاح, شاهدوا عيون البنات في بلادنا.. وكيف يسير الكحل مع تفاصيل استدارة العيون, تماماً كما يسير النهر متمرداً على مجراه.. لأنتجوا اللقاح منذ زمن.. من يفكر بالدواء والمرض يعيش بين القلق والقلق.. ومن يفكر بالحب.. يسير نحو دروب النجاة.
 
ليحمي الله كل العيون الجميلة في بلادنا.. واعذروني إن داهمني الغزل في زمن الكورونا.