أدى الإرهاب غير مرة دوراً مركزياً في الحملات الانتخابية في إسرائيل. مقتل هيلينا راف في بات يام كان أحد الأسباب المركزية لخسارة إسحق شامير في انتخابات 1992. وموجة عمليات الباصات، التي قامت بها حماس كانت العنصر الحاسم في هزيمة شمعون بيريس في 1996. كما أن حملات الانتخابات التي جرت في النصف الأول من العقد الماضي علقت في ظل عمليات الانتفاضة الثانية. أكثر من ألف قتيل، آلاف الجرحى، وانعدام الإحساس بالأمن كانت عنصرا أول في قرار الناخب أي بطاقة ينزلها في صندوق الاقتراع.
أما في السنوات الأخيرة فقد تغير الميل قليلاً. فالإرهاب الفلسطيني في الضفة هُزم، و»الإرهاب» الفلسطيني في غزة تم التحكم به في أعقاب سلسلة من المعارك العسكرية. وانتقل الاهتمام الأمني إلى الساحة الشمالية – إلى مثلث إيران، سورية، حزب الله – ولكن هو أيضاً مؤطر في حجومه المناسبة: بينما كان العالم العربي يعيش دوامة كنتيجة للثورات والحروب الداخلية، نمت إسرائيل وازدهرت وبرزت كجزيرة وحيدة مستقرة.
تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية أمان للعام 2019، والذي نشر، هذا الأسبوع، يقضي بأن هذه الميول المركزية لم تتغير. فإسرائيل لا تزال أقوى بكثير من خصومها، وتتمتع بمكانة قوة عظمى إقليمية. واحتمال أن يقرر أحد ما المبادرة إلى حرب بقي متدنيا، ولا يزال لإسرائيل مجال مناورة ذو مغزى يسمح لها بالحفاظ على مصالحها الأمنية في ظل القدرة على أخذ مخاطر لا بأس بها.
ورغم ذلك، فإن معطى واحدا تغير دراماتيكيا منذ التقدير الذي نشر في بداية السنة الماضية: الساحة الفلسطينية. فالوضع في غزة يرفع دراماتيكيا احتمال المواجهة العسكرية، وشعبة الاستخبارات تقدر بأنه احتمال عال. هذا قد يحصل بشكل مباشر حيال غزة التي تختنق تحت وضع اقتصادي صعب ويأس عام وتبحث عن تغيير مصيرها عن طريق الحوار، وإن لم يكن فبالوسائل العسكرية، وهذا قد يحصل نتيجة للوضع في الضفة.
مثل هذا التصعيد غير ملزم بأن يندلع بقرار من فوق. وهو سيكون من شبه المؤكد نتيجة، مثلما حصل في صيف 2014 حين أدى اختطاف الفتيان الثلاثة إلى حملة الجرف الصامد . ورغم الضربة القاسية التي تلقتها حماس في حينه فإنها تمتنع عن استيعاب الدرس، وتواصل مساعيها لدحرجة العمليات الجماهيرية في الضفة في تفكير (مغلوط) بأنه حتى لو نجحت فإنها ستبقى حصينة في غزة.
نشر جهاز الأمن العام الشاباك، قبل أيام، تفاصيل عن سلسلة عمليات خطط لها وأحبطت. وتم التفعيل من القطاع بينما كان يفترض بالتنفيذ أن يكون من الضفة ومن القدس الشرقية، في شبكات واسعة مع طاقة كأمنة فتاكة. في عدة حالات كانت المسافة بين الإحباط والعملية قصيرة جدا؛ ومن الواضح للجميع انه رغم نسب النجاح العالية، في كل لحظة من شأن عملية أن تخلف عشرات الإسرائيليين القتلى.
بالضبط إلى هناك تسعى حماس كجزء من حربها ضد إسرائيل، كي تضعضع الوضع في الضفة. وتأثير إسرائيل على هذه السياقات جزئي فقط وحجم الإحباطات يدل على أن تحذيراتها لا تقنع القيادة في غزة بتغيير الاتجاهات. وتجري هذه المسيرة دون صلة بحملة الانتخابات في إسرائيل.
ولكن عملية جماعية، إذا ما وقعت، فلا بد ستسيطر على جدول الأعمال الإسرائيلي، وتؤثر دراماتيكيا على الانتخابات، ولا سيما بسبب آثارها اللاحقة – نشاط عسكري واسع في الضفة، بل حملة عسكرية واسعة في القطاع. رئيس الأركان أفيف كوخافي، في احد قراراته الأولى، أعد الجيش الإسرائيلي لمثل هذه المعركة المحتملة. ومن أجل أن تمتنع إسرائيل عنها فإن إسرائيل مطالبة بمناورة سياسية – اقتصادية مع غزة (عصي وجزر قد تقنع القيادة في القطاع بأن تفكر، ولو مؤقتا، بطريق آخر)، ولكن بالأساس أن تهتم أمنيا وتقوم بأعمال متواصلة تتأكد منها بأن نتائج الانتخابات في إسرائيل لم يقررها القطاع.
«إسرائيل اليوم»