عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jul-2019

سکان صور باهر: لن نخضع للضغوط ولن نترك أرضنا - جاكي خوري
ھآرتس
 
إسماعیل عبایدة، سائق شاحنة وأب لخمسة اطفال، لم ینجح في وقف ذرف الدموع عندما وقف أمام
انقاض بیتھ في الطرف الغربي لحي وادي الحمص في صور باھر. ”لقد دمروا حلمي وحیاتي“، واضاف ”كل ما كان لي ودیون لعدة سنوات استثمرتھا في ھذا البیت. أنا أسكن مع والدي في شقة مكونة من غرفتین، وطوال حیاتي سعیت الى أن یكون لي بیت خاص. في 2015 بدأت ببناء البیت واعتقدت أن الحلم آخذ في التحقق. فجأة، قبل سنتین، قالوا لي إنھ محظور البناء، عندما كنت انھیت كل شيء. اخرجونا بالقوة من البیت ورمونا في الشارع. والآن أنا اقف امام بیت مھدم تماما. أنا اشعر أنني ضائع ولا اعرف ماذا أفعل“.
بعد یوم على قیام قوات الشرطة والجیش بھدم 70 شقة في حي وادي الحمص في شرقي القدس،
الحي یذكر بمنطقة حرب تعرضت لقصف المدفعیة. عدد من المباني ھدم تماما. وعدد آخر ھدم
بشكل جزئي وغبار الاسمنت المھدم تناثر في كل الاتجاھات. في ارجاء الحي السكان شاھدوا ما
یجري بعیون مفتوحة ووجوه ھزیلة. اذا كان سكان حي وادي الحمص حتى یوم الاحد الماضي
حاولوا الحفاظ على روتین الحیاة رغم الصعوبات التي یخلقھا جدار الفصل الذي یفصل بین بیوت
الحي، فانھم بعد عملیة الھدم غاضبون ومحبطون.
قرب البیت المھدم لعبادیة توجد انقاض مبنى مكون من ثمانیة طوابق تم تفجیره. المبنى بملكیة
ادریس أبو طیر الذي كان یمكن أن تعیش فیھ اربعون عائلة. ”عندما فجروا المبنى شعرت أن قلبي
تفجر في صدري“، قال أبو طیر للصحیفة، الذي یمكنھ مشاھدة الدمار من بقالتھ القریبة. ”الامر
یتعلق بمشروع سكني لعائلات العمال العادیین، الذین یدفعون الأجور كي یكون لھم مأوى. الآن كل
شيء تحطم الى شظایا. أنا أقع بین المطرقة والسندان، من جھة أنا مدین لھؤلاء الاشخاص بالمال،
ومن جھة اخرى لیس لدي ما افعلھ، وكل شيء مدمر“.
أبو طیر وعبایدة وسكان آخرون في الحي یرفضون بشدة الادعاء الذي یقف من وراء ھدم 13
مبنى في الحي، الذي یقول إن ھناك اعتبارات امنیة تقف وراء عملیة الھدم. ”ھذا ادعاء مدحوض
ولا اساس لھ“، قال أبو طیر، ”خلال المحكمة التي تجري اقترحنا بناء جدار من الاسمنت بارتفاع
7 أمتار على طول الشارع المحاذي للجدار فقط لإثبات أنھ لا توجد أي ذریعة للمس بالأمن“.
وحسب قولھ في نھایة المطاف تبین أنھ لا یوجد عدل في المحكمة العلیا، والعدل فیھا فقط ھو یلائم
نفسھ مع جھاز الامن والجیش. والھدف ھو الھدم والضغط على السكان من اجل المغادرة.
مثل سكان كثیرین آخرین، أبو طیر یعتقد أن ھدم البیوت ھو نظام معاقبة واستخدام ضغط. ھم
شرحوا أنھ یوجد في الحي عشرات المباني التي لم تھدم رغم أنھا محاذیة لجدار الفصل وبنیت قبل
عقدین وربما أكثر. أي أمن یحصلون علیھ بھدم كھذا؟، سأل علاء عمیره، عامل بناء وأب لستة
اطفال، ھدم بیتھ بشكل جزئي. ”ھم لا یعرفون أن كل طفل ھدم بیتھ الآن یعتبر من قام بھدمھ عدو.
أنت تفھم أي غضب واحباط یوجد في اوساط الناس ھنا؟“.
وقد قال لنا بأنھ یعیش مع والدیھ، وخلال السنین قام بالتوفیر من اجل بناء بیت لعائلتھ. ”مثل الجمیع
توجھت الى وزارة الحكم المحلي الفلسطیني واستخرجت كل المصادقات والتراخیص وبدأت البناء
قبل سنتین. وحتى الآن لم أنجح باستكمال البناء لأنھ لم یبق مال لدي. والآن ھم یدمرون كل شيء،
لكنھم لن یكسرونا – حتى في خیمة أنا سأعیش على ارضي“.
عدد من اصحاب الشقق التي ھدمت التقوا امس مع ممثلي مكتب الامم المتحدة لتنسیق الشؤون
الانسانیة في المناطق ”اوتشا“. اثنان منھم، ھما علي حمادة وجعفر أبو حامد، آباء بیوتھم كانت في
مراحل البناء المتقدمة. ”ھذه ضربة لا یمكن النھوض منھا“، قال جعفر الذي بدأ ببناء بیتھ في 2015“ .الادعاء بأن البیت قرب الجدار ھو ادعاء مضحك“، قال أبو حامد، ”ھناك بیوت كثیرة قریبة حتى أكثر من بیتي، ولكن كل ما یفعلونھ ھو لإثبات أنھ توجد ھنا قوة علیا تفعل كل ما ترید.
شاھدنا ضحك الجنود والضباط في المیدان وكأنھم حققوا نصار باھرا في ساحة المعركة“.
”لقد وقفت قرب البیت المدمر عندما جاء ضابط كبیر الى المنطقة وأثنى على الجنود“، قال أبو
حامد، ”احدھم قال لھ بابتسامة: احضر لنا المزید من البیوت. ھل ھذا ھو الجیش الاكثر اخلاقیة في
العالم؟“. واضاف ”أنت تشعر بأنھم مسرورون جدا بالھدم. ھذا مثل طعنة في القلب“.
اللقاء مع ممثلي الامم المتحدة جرى في مكتب رئیس المجلس حمادة حمادة. ولكن حسب قولھ لا
توجد أي ضمانة بأنھم لن یھدموا أي منازل اخرى. ”ھناك 11 مبنى آخر، سواء یدور الحدیث عن
مبان سكنیة أو تجاربة، ونحن اصبحنا نخشى مما سیحدث في المستقبل“، قال حمادة، ”ایضا في
حالة البیوت التي ھدمت، فعلنا كل شيء – من الناحیة القانونیة والشعبیة والاعلامیة – من اجل
منع عملیة الھدم، لكن لم یتغیر شيء. جاء الى ھنا في الاشھر الاخیرة سفراء وقناصل ومراسلین
اجانب، وكانت شكاوى من السلطات الفلسطینیة للمنظمات الدولیة، ولكن كل ذلك لم یوقف جرافات
الاحتلال“.
غالب أبو وھدان رافق المراسلین الى المكان الذي كان یوجد فیھ مبنى بناه قبل اربع سنوات كي
یسكن فیھ مع اولاده. كان المبنى یتكون من طابقین واربع وحدات سكنیة. ”اكثر من ملیون شیكل
استثمرت ھنا كي یكون لي بیت. أنا اعیش في مخیم شعفاط للاجئین وأردت الخروج من ھناك وأن
أبني بیتا لاسكن فیھ مع ابنائي واحفادي فیما بقي لي من الحیاة. الآن الجمیع یقولون إنھم الى جانبي ویؤیدونني. وأنا لا اعرف ماذا یعني ھذا بالفعل. لأننا بقینا بدون شيء والعالم یصمت“، كما قال.