عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Apr-2019

علی شفا الغلیان.. المواجهة المتزایدة بین الولایات المتحدة وترکیا - الداد شبیط وغالیا لندنشتراوس

 

ynet
 
كان یبدو أن العلاقة بین الولایات المتحدة وتركیا اصبحت توجد على مسار ایجابي بعد أن تم في    
تشرین الاول 2018 اطلاق سراح القس الامیركي اندرو برنسون من قبل المحكمة في تركیا، لكن تصمیم انقرة على التمسك بصفقة انظمة الدفاع الجوي ”اس 400 ″بمبلغ 5.2 ملیار دولار، مع روسیا، التي یمكن أن تخرج الى حیز التنفیذ في النصف الثاني من 2019 وفي اعقاب ذلك نیة الولایات المتحدة منع بیع طائرات اف 35 لتركیا، تشكل في الوقت الحالي مسألة الخلاف الرئیسیة بین الدولتین. یشار الى أن انقرة واصلت التمسك بتنفیذ الصفقة مع روسیا حتى بعد أن اقترحت الادارة الامیركیة كبدیل بیعھا صفقة من قدرات الدفاع الجوي، یكون في اساسھا بطاریات الباتریوت. یبدو أن المواجھة حول شراء الانظمة من روسیا تشكل صعود درجة بارز في معركة التوتر التي میزت علاقة الدولتین في السنوات الاخیرة. العوامل الرئیسیة في الخلفیة ھي:
* الحرب الاھلیة في سوریة واستیاء تركیا من الدعم الامیركي للفرع السوري من التنظیم
السري الكردي والذراع التنفیذیة التي یحارب ضد تنظیم (داعش) و“واي.بي.جي“ (قوات الحمایة الشعبیة)، في اطار القوات السوریة الدیمقراطیة الذین یضمون ایضا جھات عربیة. في ھذه الاثناء الدولتان تجدان صعوبة في التوصل الى تفاھمات حول طرق العمل المناسبة بعد ھزیمة داعش وقرار الرئیس الامیركي سحب معظم القوات الامیركیة من سوریة. مسألة الخلاف الرئیسیة ھي حول مستقبل القوات الكردیة. في حین أن الادارة معنیة بضمان أمن حلفائھا، الاتراك یواصلون اعتبارھم تھدیدا ومعنیون في توسیع نفوذھم في شمال سوریة.
* التطورات الداخلیة في تركیا وعلى رأسھا الخطوات التي اتخذھا الرئیس اردوغان لتوسیع وتعمیق قوتھ السیاسیة من خلال المس بشكل كبیر بالنسیج الدیمقراطي في الدولة، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركیا في تموز 2016 .ھذه التوجھات اشتدت، وتسلیم الواعظ الدیني فتح الله غولان من الولایات المتحدة الذي یعتبر في انقرة الشخص الذي وقف وراء محاولة الانقلاب، تضمنتھا قائمة مطالب انقرة من واشنطن. اردوغان ومؤیدوه یستخدمون على الاغلب الخطاب العدائي تجاه الادارة الامیركیة وخطوات الولایات المتحدة في المنطقة من اجل تعزیز روایتھم، التي تقول إن مصدر مشكلات تركیا ھو خارجي ویحدث على أیدي جھات خارجیة شعرت أن تركیا قد زادت قوتھا اكثر من اللازم في العقد الاخیر. في نفس الوقت، تركیا تواجھ مشكلات اقتصادیة معقدة وانخفاض كبیر في قیمة اللیرة التركیة مقارنة مع الدولار. اثناء التوتر حول اعتقال القس برنسون، الرئیس ترامب أمر بفرض رسوم مرتفعة على استیراد الفولاذ والالمنیوم من تركیا، ولكن في المقابل، في تشرین الثاني 2018 منح اعفاء لتركیا لمدة ستة اشھر من العقوبات على شراء النفط من ایران. ومھما كان الامر، اردوغان یكثر من اتھام امیركا بأنھا لا تفي بتعھداتھا لتركیا.
* الخطوات الدراماتیكیة التي تتخذھا ادارة ترامب بالنسبة لاسرائیل، وعلى رأسھا اعتراف امیركا بالقدس كعاصمة لاسرائیل ونقل السفارة الى المدینة، وتوقیعھ على بیان یعترف بسیادة
اسرائیل في ھضبة الجولان. تركیا ادانت الخطوتین بشدة وكانت من قائدات معارضتھا في اوساط الدول الاسلامیة. ایضا دعم أمیركا لمحور اسرائیل – الیونان – قبرص الذي وجد تعبیره في وجود وزیر الخارجیة الأمیركي في لقاء مع رؤساء ھذه الدول في آذار الماضي، اعتبر خطوة مناوئة لتركیا.
مع ذلك، بالنسبة للادارة الأمیركیة یبدو، وھكذا كما یبدو تم التوضیح لتركیا، بأن شراء انظمة
اس400 من روسیا ھو خطوة واحدة اكثر من اللازم. من تقاریر قدمت للكونغرس یتبین أن الادارة اوضحت لتركیا في نھایة العام 2018 بأنھ سیكون لاستكمال الشراء تداعیات شدیدة.
نائب الرئیس مایك بینس صرح في شباط 2019 بأن بلاده لن تعارض، في الوقت الذي فیھ الدول الاعضاء في الناتو تشتري انظمة سلاح من اعدائنا. المتحدث بلسان البنتاغون قال في 9 آذار إنھ ”اذا اخذت تركیا اس400 سیكون لذلك تداعیات شدیدة من ناحیة العلاقات العسكریة معھا، وبخصوص بطاریات الباتریوت وطائرات اف 35 .”تركیا ھي جزء من الكونسوریوم الدولي الذي یطور طائرة اف35 ،الاستثمار زاد عن ملیار دولار في مشروع. وھي من شأنھا أن تشتري 100 طائرة. طیارون اتراك یتدربون الآن في الولایات المتحدة على قیادة الطائرتین الأولیین اللتین ستصلان الى تركیا حسب ما ھو مخطط في تشرین الثاني 2019 .لیس فقط استمرار صفقة اف35 تقف على جدول الاعمال، بل ایضا استمرار شراء مرتبط باسطول طائرات اف16 وطائرات مروحیة من طراز ”تشینوك“ و“بلاك ھوك“ لسلاح الجو التركي.
وایضا التعاون الامني بین الدولتین، خاصة القائم في قاعدة سلاح الجو انجرلیك، موجود في خطر وھناك احتمال لتقلیص حجم العلاقة مع الناتو.
منذ نجاح روسیا وتركیا في التغلب على الازمة بینھما التي تطورت في اعقاب اسقاط الطائرة القتالیة الروسیة في تشرین الثاني 2015 ،في الولایات المتحدة وفي دول الناتو وغیرھا یزداد الخوف من العلاقة التي تتقوى بین الدولتین ومن خطر أن یتم استكمال صفقة شراء انظمة اس400 .وھي ستؤدي في اعقابھا الى تسرب تكنولوجیا حساسة في اعقاب الانكشاف المحتمل لروسیا على انظمة یستخدمھا الناتو. تصمیم تركیا على تنفیذ صفقة الشراء یعزز في الولایات المتحدة وفي اوساط حلفائھا في الناتو التقدیر بأن الخطوات التي یقودھا اردوغان تعبر عملیا عن نیة تغییر توجھ تركیا من الغرب نحو علاقة اكثر قربا مع روسیا. أو على الاقل اختیار تركیا الذھاب في مسار مستقل عن الغرب. في كل الاحوال، من الواضح أنھ بالنسبة لروسیا فان بیع وسائل قتالیة متطورة لتركیا یعبر عن نجاحھا في دق اسفین بین انقرة وحلفائھا في الغرب، ویعتبر تعزیزا آخر لنجاحھا في ترسیخ نفوذھا في المنطقة.
الانطباع السائد ھو أن تھدید الادارة الأمیركیة بتأخیر تزوید طائرات اف35 ،وفي المقابل الاستعداد لأن تعرض على انقرة رزمة مع قدرات بدیلة عن اس400 ،تعبر عن أمل واشنطن في أنھ یمكن منع توجھ اردوغان نحو روسیا. اضافة الى ذلك، حتى الآن ورغم سلوك الرئیس اردوغان التصادمي فان الادارة حرصت على ادارة العلاقة مع انقرة من خلال ھدف العثور على طرق لمنع بقدر الامكان تدھور آخر. في ھذا الاطار تستمر طوال الوقت العلاقة الوثیقة مع القیادة التركیة وخلال ذلك اتصالات مستمرة، سیاسیة وعسكریة، على كل المستویات. وكذلك محادثات ھاتفیة متواصلة بین الرئیسین. بالنسبة للادارة الأمیركیة اذا لم یعد بالامكان اعتبار انقرة حلیفة فانھ سیكون لذلك معان استراتیجیة كبیرة، یمكنھا زعزعة الافتراضات الاساسیة التي توجد في الانتشار الاقلیمي للولایات المتحدة والناتو. وكما نذكر فان للولایات المتحدة قوات عسكریة، منھا طائرات قتالیة، في مطار انجرلیك وفي مواقع اخرى في ارجاء تركیا. مع ذلك على الاقل حتى الآن محاولات الادارة في أن تؤدي الى تغییر توجھ تركیا لم تنجح. بناء على ذلك من المعقول أنھ على خلفیة تصمیم الاتراك على تنفیذ الصفقة مع روسیا، تعززت اكثر الآن في الادارة الأمیركیة وفي دول الناتو الاخرى (حتى لو كان ما یزال غیر واضح أن اعضاء الناتو سیطرحون وحدة في الآراء في ھذه المسألة) الحاجة للاستعداد للسیناریو الخطیر الذي في اطاره تركیا ستواصل الانفصال عن الناتو من خلال ترسیخ التوجھ لتحسین العلاقة بینھا وبین روسیا. یمكن الاشارة الى أن مجرد الاستعداد ھذا (حتى لم یتحقق بكاملھ) ستكون لھ تداعیات سلبیة على طبیعة العلاقات الامنیة مع انقرة لأنھ یتم الآن تطویر اجھزة لمتابعة تركیا.
في المقابل، یبدو أنھ في الوقت الحالي انقرة تحاول التقلیل من اھمیة القرار وطرحھ كشراء امني ینبع من حاجتھا الفوریة التي لم تجد لھا ردا من شركات غربیة، وأنھا لیست مھمة بخصوص التوجھ السیاسي لتركیا. متحدثون اتراك قالوا إنھ توجد سوابق لوجود انظمة روسیة لدى اعضاء في الناتو – یوجد للیونان انظمة اس300 في اعقاب مصالحة تم التوصل الیھا بعد أن اشترتھا قبرص وتركیا لم تكن مستعدة لوضعھا في المنطقة. ویوجد لسلوفاكیا منظومة كھذه حتى منذ كانت جزءا من حلف وارسو. اضافة الى ذلك الاتراك یقولون إن اس400 سیتم وضعھا كمنظومة مستلقة لن تربط بأي شكل بمنظومات الناتو. لذلك، حسب قولھم، یجب عدم الربط بین ھذه الصفقة واستكمال صفقة طائرات اف35 .مع ذلك، بعد الانتخابات المحلیة في 31 آذار، لا یتوقع حملات انتخابیة اخرى في تركیا في السنوات الاربع القادمة، الامر الذي یمكن أن یعطي مجال مرونة لتغییر القرار على المستوى الداخلي، اذا كان اردوغان معني بذلك.
في الختام، تنفیذ صفقة اس400 یتوقع، على فرض أن الادارة الأمیركیة ستتمسك بموقفھا الحالي، أن تكون خطا فاصلا في العلاقة بین الولایات المتحدة والحلفاء الآخرین في الناتو وبین تركیا. رغم الخوف بأن خطوات رد ستدفع تركیا اكثر نحو روسیا. من المعقول أن رد الادارة والكونغرس على ھذه الخطوة سیكون شدیدا. الى جانب الاھمیة التي ستكون لھذه الخطوات على العلاقة بین الدولتین، فان خطوة تركیا یتوقع أن یكون لھا تداعیات جیوسیاسیة، سواء في سیاق العلاقة الحالیة بین الولایات المتحدة وروسیا أو في سیاق قدرة التنسیق والتعاون مع تركیا بالنسبة للوضع في سوریة والعراق والسیاسات ازاء ایران.