عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jan-2021

الثروات لا تخضع لقانون الكتلة* رمزي الغزوي
الدستور -
تماشياً مع مقولة، أن الغني لا تسمع الناس كلامه فقط، بل تغني له على دلعونا ويا لحبيب يا يابه. تماشيا مع هذا الانحياز الأرعن، فقد رفعت تغريدة صغيرة على تويتر لإيلون ماسك، صاحب شركة تسلا ، أغنى رجل في العالم، قيمة سهم شركة «سيغنال أدفانس» لتصنيع أجهزة الإنذار الطبية 12 ضعفاً، خلال يومين فقط، عن طريق الخطأ بتشابه الاسمين. فالرجل كان يروّج لتطبيق «سيغنال» للتراسل المجاني، كبديل عن واتساب، ولكن الناس كعادتها، لا تدقق ولا تحدق حين تتحدث المليارات، أو عندما تشير إلى مكامن خصوبتها.  
 
لن أقف طويلاً مع ماسك الذي أصبح أثرى رجل في العالم قبل أيام بعد تخطيه لجيف بيزوس مؤسس أمازون. بل سأقف عند نقطة غاية في معاني الوجع وتفريخاته. إذ إن الزيادة التي طرأت على ثروات أثرياء عالمنا، خلال جائحة كورونا تعد أكبر زيادة سنوية في تاريخ مؤشر بلومبيرغ الشهير لقياس الثروات وأصحابها. فقد أضاف 500 شخصا إلى ثرواتها 1.8 تريليون دولاراً؛ ليصل مجموعها 7.6 تريليونات دولارا فقط لا غير.
 
الجائحة التي سحقت بشرا كثرين، وأوجعتهم وآلمتهم، وفتكت باقتصاديات بلدان وأنهكتها، وأغلقت الجيوب بالخياطة الحمراء، وهدرت الوظائف وفرص العمل، نراها تثمر على الطرف الآخر من الرصيف مليارات تتراكم في الأرصدة وتتفاقم بجنون.
 
ولهذا يعاود سؤال ساذج إلى ضربي: هل يخضع المال في عالم اليوم، أو هل خضع في عوالم سابقة إلى قانون حفظ الكتلة، الذي علمته لنا بغباء عمتنا الفيزياء. بمعنى أن المال لا يفنى، ولكنه ينتقل من يد أو من رصيد إلى رصيد؟. وإلا كيف أثرى هؤلاء الرجال في وقت انسحاق الآخرين ومكابدتهم لآثار الجائحة وأصدائها؟
 
قبل أيام كان يتصدر مؤسس أمازون قائمة الأثرياء، فالجائحة كانت حقلا خصبا لتجارته، إذ استفادت شركته بشكل كبير بعد أن أجبرت عمليات الإغلاق والقيود الصحية المزيد من الناس على اللجوء إلى التسوق عبر الإنترنت. لكن مؤسس ماسك مؤسس تسلا  قفز عنه، بعد أن سجل زيادة للثروة هي الأعلى في تاريخ المؤشر.
 
وطبعا سنقرأ في متن القائمة: بيل غيتس، ومارك زوكربيرغ صاحب فيسبوك وغيرهما. وكل وهذا ليس مهما بقدر أهمية تجدد سؤال البشرية الصامت منذ قرون من الوجع: ألا يلمس هذا التفاقم الجنوني الفلكي في الثروات جانبا مؤلما لملايين الناس الذين فقدوا أعزاءهم في الجائحة، وخسروا مصادر دخلهم، ولقمة عيشهم؟. وهل سيبقى هذا الغلو في تركيم الأرصدة وترصيدها، هل سيبقي على شعور التآلف والتراحم المزعوم الموهوم بأننا معاً في مواجهة الأزمة؟.