عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2020

ليس في الأردن - عمر عليمات

 

الدستور- إننا في الأردن لم نعرف الأحقاد الطبقية، ونبرة التعالي المنبوذة من فئة تجاه أخرى، فبرغم تفاوت الدخول المادية ومستويات التعليم، فإن الأردنيين لم يشعروا يوماً بأن هناك طبقة أو فئة أفضل من غيرها، وإن وجد مثل هذا الأمر يبقى في حدود فردية ترتبط بأمور أخرى لا علاقة لها بالحقد الطبقي، وصراعات الطبقات الاجتماعية ذات الدلالات المادية البحتة، ففي الأردن تربينا على أن كرامة الإنسان هي أغلى وأقدس شيء يمتلكه الأردني، وفي ذات الوقت لا ينظر إلى مَن وسع الله سبحانه وتعالى عليه الرزق، فهناك قناعات دينية وتربية اجتماعية راسخة بهذا الخصوص.
 
ما أريد أن أصل إليه، هو وصف نقيب أصحاب المدارس الخاصة لحديث إحدى المعلمات بأنه حقد طبقي، لمجرد أنها تدافع عن زميلات وزملاء لها يواجهون ظروفاً صعبة جراء عدم حصولهم على رواتبهم الشهرية، بحجة تأثيرات فيروس كورونا وتخلف بعض الأهالي عن دفع الرسوم المدرسية، وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة حجج الطرفين، فإن النبرة والردود التي يتم التعامل بها مع هذا الموضوع نبرة استعلاء لم نعهدها سابقاً في الأردن، فأي قارئ أو مشاهد لتصريحات النقابة يرى فيها جانباً معتماً فيما يتعلق بالنظرة الفوقية التي يتم النظر بها إلى معلمي ومعلمات القطاع الخاص.
 
أن توصف المطالبة بالحقوق بأنها حقد طبقي، فهذا يعزز كافة القصص التي نسمعها عن كيفية التعامل مع المعلمين في هذا القطاع، وأن الأمر قد يصل أحياناً إلى حد الاستغلال لهؤلاء الموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة، فنسب البطالة التي يشهدها الأردن لا تشجع أحداً منهم على رفض أي شروط قد تفرض عليه، ليحافظ على وظيفته واستمرار عمله.
 
في الأردن نشأنا على مقولة «إذا جارك بخير أنت بخير»، ولم ننشأ على أحقاد طبقية وغل ضد مَن يمتلك المال، نشأنا على أننا أكبر من أن ننظر إلى ما في أيدي الناس، نشأنا على العزة والأنفة وأن هذه أرزاق يقسمها الله كيفما شاء، لذلك لم نعرف يوماً مثل هذه المصطلحات الغريبة علينا، والتي لا تمت بأي صلة لمجتمعنا وتقاليدنا وأخلاقنا.
 
باختصار، لا أعرف مشروعاً في الدنيا يعلن خسارته وعدم قدرته على تسديد مستحقات موظفيه بعد مرور أول عشرين يوماً من عمر أزمة (أي أزمة)، فهل كانت الحسابات البنكية للمدارس الخاصة خاوية تماماً، لتعلن عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها مباشرة؟ وبغض النظر، فإن حرف الموضوع إلى سياقات طبقية وأحقاد اجتماعية فيه نوع من الاستخفاف بالشعور الإنساني للبشر في وقت استثنائي، وفيه رائحة استعلاء وطبقية تجاه هؤلاء المعلمين.