عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jul-2020

ذهب الرمال وضلالة الكلاب* رمزي الغزوي
الدستور -
 
 حزن واحد من المتبعين الظرفاء، عندما تراجعت مفوضية منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، عن قرارها القاضي بصرف عشرة دنانير، لقاء كل كلب ضال يقبض عليه، ويسلم لها حياً. وحين استفسرت عن مصدر حزن هذا المتابع أو المتربص؛ أسر لي ساخراً؛ بأنه كان يخطط أن يستغني من الفرصة الذهبية، ويجمع الكلاب من العقبة، أو حتى من القرى النائية، و(يتبحبح) بالمكافأة في فندق شاطئي.
 في العصور القديمة، وحين كان الجراد يجتاح بلدة ما؛ كان السلطان يصدر فرمانا يقضي بأن يحصل كل من يحضر كيسا كبيرا منه على مبلغ مجز. وهذه كانت طريقة فعالة للحد من تكاثر الآفة، ويقلل من انتشارها، ويحفّز تشاركية المواطنين في مكافحتها.
 لن أقف عند تراجع المفوضية عن قرارها، ولا عن انهيار المخططات الناعمة للمتابع الطموح. بل سأعيد الكرة مرة تلو المرة، وأستذكر شعاراً بعيداً قريباً ما زال صداه يتردد في الاذهان، وقد حفظناه حين كان وشما على قارعة الشوارع: (العقبة... ننثر الرمال ذهباً).
 بالطبع، لن أسال عن كمية الرمل المتبقة من عملية التحويل إلى ذهب منثور. المفوضية تراجعت عن القرار بكل تأكيد، ليس لأنه يقتل ويسمم ويعكر السمعة الذهبية للمنطقة. بل لأن تنفيذه، حسب إعلانها، قد شهد ممارسات خاطئة من قبل المواطنين.
 لم أجد في أي تقرير العدد التقديري للكلاب الضالة في مدينتنا الذهبية. ولكن الإعلان المدجج بالمكافأة ينبئ بأن أعدادها خرجت عن السيطرة، وسببت مشكلة كبرى. والسؤال يكبر: كيف تفاقم الأمر؟ وكيف سُمح للكلاب أن تضل في مدينة تهدي.
 التقدم الاقتصادي يقف في وجه ضلالة الكلاب. ويمنعنا من رؤيتها إلا أليفة لطيفة ظريفة بسلاسل ذهبية، بأياد مترفة تشير إلى حجم الرفاهية والسعادة وراحة البال. ولهذا قد نعذر مدينة فقيرة على آفتها، وعلى طريقة المعالجة، ولكن كيف لنا أن نعذر العقبة الطموحة التي عولنا عليها.