عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Nov-2018

من تصريح بلفور الى تصريح ترامــب ما زالت فلسطين مُحتلــة

 الدستور-جمانة ابو حليمة

انقضى 101 عام على وعد بلفور ونحن فقط نشجب وندين ونفند عدم شرعية هذا الوعد، لكنه أصبح حقيقة على أرض الواقع وأقيمت دولة الصهاينة منذ 68 عاماً حيث شرد معظم الشعب الفلسطيني من أرضه إلى دول الجوار وتشتت في مختلف بقاع الأرض، فبموجب هذا نُقل اليهود من شتى بقاع الأرض وشُرد بمقابله شعب كان آمنا في أرض الآباء والأجداد وأقيمت دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية وهي الآن تعيث بالأرض الفلسطينية فساداً وتذيق المتواجدين فيها شتى صنوف العذاب.
وعد بلفور، والأصح تصريح بلفور، هو الاسم الشائع الذي اطلق على الرسالة وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، والتي يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. اذ يومها كانت قوات الإمبراطورية البريطانية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى قد بدأت تدخل فلسطين لتعلن عليها انتدابها الذي استمر من العام 1918حتى العام 1948، وعلى مدى ثلاثين عاما من انتدابها، وظفت حكومة بريطانيا العظمى وعدها على أرض الواقع، وترجمته إلى حقائق لا تمت بصلة للحق الفلسطيني؛ فما إن أطل يوم الخامس عشر من أيار/مايو 1948، حتى كانت الدولة اليهودية جاهزة لتعلن على الجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية وفي المقابل تم اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم وتحولوا الى شعب مهجر منفي خارج حدود وطنه التاريخي وما زالت نكبتهم قائمة حتى الآن رغم أنهم كانوا يشكلون 95% من مجموع سكان فلسطين حينما صدر هذا الوعد الذي يطلق عليه المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة «وعد من لا يملك لمن لا يستحق». 
نص رسالة «بلفور»
وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
«إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر».
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
- المخلص آرثر جيمس بلفور
 
تحليلات حول الوعد
ان صيغة الوعد واضحة تماماً في الرسالة إذ تُوجَد هيئة حكومية (حكومة جلالـة الملك) تؤكد أنها تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي سيضم «الشعب اليهودي»، أي أنه تم الاعتراف باليهود لا كلاجئين أو مضطهدين مساكين، كما أن الهدف من الوعد ليس هدفاً خيرياً ولكنه هدف سياسي (استعماري). كما أن هذه الحكومة التي أصدرت الوعد لن تكتفي بالأمنيات وإنما سوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. هذا هو الجوهر الواضح للوعد.
ثم تبدأ بعد ذلك الديباجات التي تهدف إلى التغطية، فالوعد لن يضر بمصالح الجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا بمصالح الجماعات اليهودية التي لا تود المساهمة في المشروع الصهيوني، بل تود الاستمرار في التمتع بما حققته من اندماج وحراك اجتماعي. ومن الملاحظ أن الديباجات تتسم بكثير من الغموض إذ أن الوعد لم يتحدث عن كيفية ضمان هذه الحقوق.
اما بالنسبة للأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفون مع الصهيونية) لتفسير إصدار إنجلترا لوعد بلفور. فهناك نظرية مفادها أن موقف بلفور هذا قد صدر عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لهم، ولذلك، فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية. ولكن من الثابت تاريخياً أن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية بين عامي 1903 و1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده.
وقد كان لويد جورج رئيس الوزراء لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، تماماً مثل تشامبرلين قبلهما، والذي كان وراء الوعد البلفوري الخاص بشرق أفريقيا. وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى وراء الوعد مثل جورج ملنر وإيان سمطس، وكلها شخصيات لعبت دوراً أساسياً في التشكيل الاستعماري الغربي.
وهناك نظرية تذهب إلى أن الضغط الصهيوني (واليهودي) العام هو الذي أدَّى إلى صدور وعد بلفور، ولكن من المعروف أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا كتلة بشرية ضخمة في بلاد غرب أوروبا، وهم لم يكونوا من الشعوب المهمة التي كان على القـوى العظـمى أن تساعـدها أو تعـاديها، بل كان من الممكـن تجاهلهم. 
وعد بلفور سبب نكبة الفلسطينيين
يستذكر الفلسطينيون في هذا اليوم من كل عام بغضب وأسى صدور وعد بلفور، باعتباره أساس نكبتهم وتشريدهم من وطنهم، مقابل إقامة ما يسمى بـ»دولة إسرائيل»، على أنقاض منازلهم وبياراتهم عام 1948، محملين بريطانيا المسؤولية التاريخية عن ما لحق بالشعب الفلسطيني من تشرد ومعاناة في شتى أنحاء العالم.
وفي ذكرى وعد بلفور كل عام، تحمل الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية بريطانيا المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة بحق الشعب الفلسطيني.مشددة على أن الحقوق الفلسطينية لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن. ويحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هذه الذكرى الأليمة بمسيرات حاشدة ومظاهرات غاضبة تنديدا بهذه الجريمة الاستعمارية وتأكيدا لتمسكهم بارضهم وبحقهم في العودة لمنازلهم وقراهم ومدنهم التي هجروا منها .
وتتعالي الدعوات لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المحلية والدولية لرفع الدعاوى القضائية أمام المحاكم الجنائية والدولية على الجرائم السياسية والجنائية التي ارتكبتها حكومة بريطانيا وحكومة الاحتلال والعصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني باعتبارها جرائم حرب. كما يطالب الكثيرون بريطانيا أن تكفر عن جريمتها الكبرى وأن تعتذر للشعب الفلسطيني وتقدم كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي للقضية الفلسطينية.