عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jan-2020

بعد إطلاق سراحه: الصحافي والناشط الحقوقي المغربي عمر الراضي يشكر المتضامنين معه ويأمل أن يسير القضاء في اتجاه الديمقراطية

 

 محمود معروف
 
الرباط –« القدس العربي»: عبر الصحافي المغربي عمر الراضي عن فرحته بعد خروجه من السجن، وموافقة القضاء على تمتيعه بالسراح المؤقت، وشكر بعد مغادرته لأسوار سجن عكاشة في الدار البيضاء هيئة دفاعه وكل المتضامنين معه وكل من دفع باتجاه تمتيعه بالسراح المؤقت. وقال: «أتمنى من القضاء أن يتعامل بشكل معقول مع ملفي، وأن يسير في اتجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان».
واعتقل عمر الراضي يوم الخميس الماضي، ووضع في سجن عكاشة بالدار البيضاء بتهمة «إهانة رجل قضاء» على خلفية تغريدة نشرها في نيسان/ أبريل الماضي، انتقد فيها الأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف والتي بلغت بحق بعضهم 20 سنة سجناً نافذاً.
وأثار اعتقاله احتجاجات واستنكار الأوساط السياسية والحقوقية والصحافية التي أعربت عن تخوفها من تراجعات تعرفها الحريات في المغرب ومحاولات تكميم الأفواه من خلال تسخير القضاء والالتفاف على قانون الصحافة الذي يمنع الاعتقال بحق الصحافيين ومتابعتهم بالقانون الجنائي.
ووجد عمر الراضي، ظهر يوم الثلاثاء، في انتظاره قرب بوابات السجن، عائلته وأصدقاءه والعشرات من محبيه، الذين استقبلوه بالورود والشعارات المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى هتافات «عاش الشعب»، وقال الراضي إنه تفاجأ بالكم الهائل من المتضامنين معه وطنياً ودولياً فور اعتقاله وتوجه بالشكر لكل من تضامن معه وطالب بإطلاق سراحه الفوري، موضحاً أنه يحق للمغاربة أن يعتزوا بهذا التضامن وبهذه اللحمة بينهم.
وأضاف الصحافي، الذي كشف في تحقيقات صحافية ملفات فساد، أنه تفاجأ بمتابعته في حالة اعتقال، من أجل قضية بسيطة، موضحاً أن متابعته في حالة سراح هي الرجوع إلى الصواب، وأن محاكمته بسبب تغريدة على «تويتر» ستكون مقبولة إذا ما توفرت فيها شروط المحاكمة العادلة، وقال إنه لم يطلع على لائحة المتضامنين معه من الصحافيين والمثقفين والسينمائيين الدوليين، لأنه حديث الخروج من السجن، مؤكداً أنه لولا الضغط المحلي وتدويل قضيته من قبل الصحافيين والحقوقيين ومختلف الفعاليات لما تردد صداها دولياً.
وأكد الراضي أن ظروف اعتقاله كانت حسنة إلى حد ما، وأن الصعب فيها هو الانقطاع عن العالم الخارجي، وقال إنه حظي بالتضامن حتى من قبل السجناء الذين عاملوه معاملة طيبة، مؤكداً أنه قضى خمسة أيام في السجن، وكانت لديه ظروف صحية كان من المحتمل أن تزداد بسبب الاعتقال. وكشف الراضي أنه لم يتم التحقيق معه فور اعتقاله من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لأن عناصرها نقلوه مباشرة للمحكمة فور وصوله لمقرها.
وطالبت لجنة المطالبة بإطلاق سراح الصحافي عمر الراضي ومعتقلي الرأي، بوقف المتابعات في قضايا النشر بمقتضيات القانون الجنائي، وأكدت سكرتارية اللجنة أنها تلقت بارتياح كبير قرار تمتيع الصحافي عمر الراضي بالسراح المؤقت استجابة للطلب الدي تقدمت به هيئة دفاعه وهنأت أسرة الراضي ومن خلالهما الرأي العام الديمقراطي المحلي والدولي، على استعادته لحريته وعبرت عن شكرها لهيئة الدفاع عن الراضي، على ما بذلته من مجهودات. وأشارت إلى أن قرار الإفراج عنه «يؤكد أن السلطة القضائية قادرة – حين توفر الإرادة – على حسم النزاعات المرتبطة بتدبير الشأن العام بما يخدم الحقوق والحريات، وكل ما يقتضيه ترجيح مصلحة الوطن وفق معالجة رصينة ورزينة وعقلانية تكرس الأمنين القانوني والقضائي، وتجنب الوطن الارتهان إلى المصير المجهول».
وأكد ميلود قنديل، عضو هيئة دفاع الصحافي عمر الراضي، أن قرار القاضي متابعة موكله في حالة سراح هو عين الصواب مسطرياً (إجرائيا)، حيث إن التغريدة التي اعتقل بسببها، لا تستوجب إطلاقاً المتابعة في حالة اعتقال، وقال إن متابعة موكله في حالة سراح، قد أعادت الأمور إلى مجاريها، وإن هيئة دفاعه ستوضح فيما بعد هل المتابعة صحيحة مسطرياً أم لا؟ وجدد تأكيده أن المتابعة في حالة سراح هي الأصل في هذه المسطرة، ولم يستبعد أن يكون الضغط الذي مارسه الشارع وطنياً ودولياً قد ساهم بشكل كبير في اتخاذ قرار لمتابعته في حالة سراح.
وكشف أن هيئة دفاع الراضي ستطالب بتأجيل الجلسة الثانية اليوم الخميس، وذلك في انتظار تنزيل خطة الدفاع التي وضعت سلفاً، وأكد أن موكله بريء من التهم الموجهة له، لأنه عبر من خلال التغريدة عن مشاعره، وبالتالي لا وجود لأي مبرر لمتابعته بالفصل 263 من القانون الجنائي.
وأوضح المحامي أن الأسباب التي دفعت وكيل الملك (النيابة العامة) بمتابعة عمر الراضي، بالقانون الجنائي عِوَض قانون الصحافة والنشر، أن وكيل الملك كان على علم أن المتابعة ستكون فاشلة، لأن مدة تغريدة الصحافي عمر الراضي تجاوزت ستة أشهر، وبالتالي ستسقط المتابعة إذا ما تمت وفق قانون الصحافة والنشر.
ونوه الطيف الحقوقي المغربي ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالقرار القضائي القاضي بمتابعة عمر الراضي في حالة سراح، وشارك عدد من النشطاء على الـ»فيسبوك» صور الراضي أرفقوها بتعليقات اعتبرت القرار «عين العقل»، و«قراراً حكيماً»، وأنه «عين الصواب الذي جنب المغرب انتكاسة حقوقية جديدة».
 
مصير بقية المعتقلين!
 
وتساءل بعض النشطاء عن مصير معتقلين آخرين في قضايا تشابه نوعاً ما قضيته (الراضي) من قبيل قضية الناشط الحقوقي عبد العالي باحمد، المعروف بـ«بودا غسان»، الذي يتابع على خلفية تدوينات «فيسبوكية» عبر فيها عن رأيه في قضايا مثارة، وقضية محمد السكاكي المعروف بـ»مول الكاسكيطة» الذي نشر شريط فيديو تحدث فيه عن تفاعل المغاربة مع الخطب الملكية، رشيد سيدي بابا، الذي تمت متابعته بعد نشره شريط فيديو تحدث فيه عما وصفه بـ»غزو خليجي للمنطقة». وقال أحد النشطاء في تدوينة «فيسبوكية»: «هنيئاً لعمر إيوا وبود؟»، فيما تساءل آخر: «واش خاصك تكون منادل للفرنسية عاد يتضامنون معاك باش تتابع في حالة سراح».
نشطاء آخرون انتقدوا ما وصفوه بـ»التضامن الانتقائي»، خاصة من طرف بعض الشخصيات العمومية التي عبرت عن استنكارها لاعتقال الراضي، وهو فعل محمود، لكنها في نفس الوقت تجاهلت بقية النشطاء المتابعين في حالة اعتقال بسبب آرائهم.
وكشفت تقارير صحافية أن مسلسل اعتقال نشطاء لتعبيرهم عن رأيهم شمل لحد الآن 7 مواطنين، بعضهم معتقل وبعضهم يجري الاستماع إليه من قبل الشرطة، ووصف الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ما يجري بأنه «الأسوأ منذ بدء مسار التراجعات في صيف 2014″.
وقالت صحيفة «أخبار اليوم» إن موجة الاعتقالات على خلفية تدوينات في «الفيسبوك»، شملت حتى الآن عمر الراضي (الدار البيضاء)، وعبدالعالي باحماد الملقب بـ«بودا غسان» بالخنيفرة، والناشط الحقوقي رشيد سيدي بابا في مدينة طاطا، التلميذ (أ.م) في مدينة مكناس، وحالة (إيمان.و) أستاذة متعاقدة في آسفي، واستدعاء لحسن هلال أستاذ متعاقد في بني ملال، والشاب سعيد شقور من مدينة تطوان.
وقالت إن بعض هؤلاء اعتقلوا بسبب تجاوزهم الخطوط الحمر (سب وشتم المؤسسات والرموز الوطنية)، مثلما هو الحال مع شاب تطوان الذي اعتذر بعد ذلك ويُتابع في حالة اعتقال حتى الآن، أو تلميذ مكناس الذي تمت متابعته بتهم منها «إهانة المؤسسات الدستورية» وقضت المحكمة في حقه بثلاث سنوات سجناً، لكن أغلب من اعتقلوا أو جرى الاستماع إليهم من قبل الشرطة القضائية، تعرضوا لذلك بسبب التعبير عن الرأي والموقف، مثلما هو الحال مع الصحافي عمر الراضي، الذي وجهت له تهمة «إهانة قاض»، فقط لأنه انتقد الأحكام القاسية الصادرة في حق نشطاء حراك الريف، أو أستاذة آسفي، التي جرى الاستماع إليها بسبب دعوتها إلى مسيرة 20 تموز/ يوليو الماضي، على خلفية وفاة والد أستاذة آسفي جراء تعرضه للقمع الأمني، فقط لأن الشرطة القضائية اعتبرت المسيرة غير مرخص لها. ويأتي اعتقال الناشط الحقوقي، رشيد سيدي بابا، بمدينة طاطا على خلفية دعوته إلى وقفة احتجاجية تندد بـ»نهب ثروات المنطقة من طرف مستثمرين إماراتيين»، لتشكل آخر حدث في مسلسل الاعتقال الذي يشمل مواطنين يعبرون عن مواقف نقدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وظهر رشيد سيدي بابا بـ«فيديو» خلال لحظة توقيف من قبل قوات الدرك، بينما كان يلتقط صوراً بالقرب من قصر للإماراتيين يوجد جنوب طاطا بنحو 60 كلم، بالقرب من واحة «أقا»، ويدعو إلى التظاهر ضد الوجود الإماراتي هناك، بحجة أنهم «ينهبون ثروات المنطقة». وجرى تقديم سيدي بابا أمام وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في طاطا، الذي قرر متابعته في حالة اعتقال، بتهمة «تعنيف رجل سلطة وإهانة القوات العمومية»، مع إحالته للمحاكمة اليوم الخميس وهو اليوم عينه، الذي ستعقد له الجلسة الثانية لمحاكمة الصحافي عمر الراضي.
 
لجنة وطنية للدفاع عن المعتقلين
 
ودفع تواتر الاعتقالات في صفوف الصحافيين ونشطاء الـ«فيسبوك» الحقوقيين إلى تشكيل «اللجنة الوطنية من أجل إطلاق سراح الصحافي عمر الراضي ومعتقلي الرأي والدفاع عن الحريات»، يوم السبت الماضي، التي قررت أن تحدث لها فروعاً محلية لمتابعة حالات الاعتقال والملاحقة الأمنية التي تجري لنشطاء «فيسبوكيين» في الأطراف وبعيداً عن المركز.
وقال عبد الرزاق بوغنبور، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن «اعتقال الصحافي الراضي كان النقطة التي أفاضت الكأس»، وكشف أن اللجنة الوطنية قررت تنظيم ندوة صحافية من أجل الكشف عن كل الحالات، مؤكداً أن «حالة الراضي بيّنت أن هناك سلسلة اعتقالات تجري دون أن ينتبه إليها أحد». و»أن السلطة قد تبرر الاعتقالات بأن البعض تجاوز الخطوط الحمراء، لكن بالنسبة إلينا كحقوقيين نؤكد أن وتيرة الاعتقالات ليست منطقية، ونعتبر أن حرية الرأي والتعبير مقدسة، ولا نقبل أن ننهي هذه السنة بمزيد من التضييق على حقوق الإنسان».
واعتبر أن سنة 2019 «تعد الأسوأ حقوقياً، ما يدفعنا إلى توقع الأسوأ، كذلك، في سنة 2020، لكن يبقى لدينا أمل في أن تنتصر حقوق الإنسان في النهاية، لقد ذهب البصري وبقيت الحقوق والحريات».