عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jan-2020

اهدؤوا وهدّئوا - سيفر بلوتسكر
 
يديعوت أحرونوت
 
بعد يوم من تصفية القائد في الحرس الثوري للسرايا الهجومية الموالية للنظام الدكتاتوري في ايران والحامية له، شعرت بحاجة لأن اقول للمحللين والصحفيين ممن التقيتهم في اميركا (وكذا من لم التق بهم ولكني سمعت وقرأت مقالاتهم): رجائي لكم، اهدؤوا وهدئوا. بخلاف توقعاتكم، فإن البورصات لم تنهر، وبصعوبة تحركت بنصف حتى ثلاثة ارباع في المائة. والحراك طبيعي جدا. اسعار النفط لم ترتفع، وبصعوبة ارتفعت بـ 2.8 دولار للبرميل، وهذه حركة عادية جدا.
وبالاساس، انظروا الى الشوارع في مدن ايران، الدولة ذات الـ 81 مليون نسمة. نسبة طفيفة جدا منهم فقط تكبدوا حتى الآن عناء الإعراب عن حزنهم العلني على موت سليماني، “القائد المحبوب الذي تبكيه كل ايران”، كما وصفه المحللون. في جنازة سليماني، مثلما خرجت من بغداد في طريقها الى طهران، لم يشارك الا بضع عشرات آلاف النشطاء في المنظمات المؤيدة لإيران. وحقيقة أن شبكات الاعلام الغربية لم تنجح في اجراء لقاءات مع احد ما رحب بموت الرجل الوحشي الملطخة يداه بدماء الاف الايرانيين ومئات الاف السوريين تدل على عجز الصحافة وليس على المزاج في اوساط السكان.
هؤلاء هم سكان يعانون. باستثناء سنة واحدة من الانتعاش بعد الاتفاق النووي في 2015 توجد ايران على مسار التدهور الاقتصادي المتعمق. فناتج الاقتصاد الايراني انكمش في السنتين الاخيرتين بـ 10 في المائة على الاقل. بمعنى انه في نهاية 2019 كان الاقتصاد الايراني اصغر بـ 100 مليار دولار مما كان يمكنه أن يكون عليه لولا العقوبات الجديدة التي فرضتها عليه ادارة ترامب. واجتاز التضخم المالي الرسمي حاجز الـ 40 في المائة في السنة، والسوق السوداء وصلت الى حجوم وحشية. تصدير النفط والغاز انهار، وترميم الحقول القائمة توقف. البطالة اعلى من 15 في المائة من قوة العمل، ضعف ذلك في اوساط الشباب – ولكن النساء والشباب يهجرون جموعهم قوة العمل الرسمية ويكتفون بأعمال سوداء مؤقتة.
امام وهن الجمهور الايراني الغفير يبرز الثراء للنخبة العسكرية – الدينية – الحزبية، الخائفة على قوتها ومكانتها. فالحرس الثوري ليس فقط حرسا عسكريا بل واساسا طغمة اقتصادية ضخمة تتحكم بأجزاء مركزية في الاقتصاد الايراني ومسؤولة عن الفساد، عدم النجاعة والتشويهات. الحرس، من ناحية الايراني المقموع، هم الرمز الكريه للحكم الكريه.
يخطئ ايضا من يعتقد أن المثقفين في ايران غير واعين للدول الاجرامي الذي اداه رجال سليماني بذبح الثوار في سورية والقمع الوحشي للمظاهرات في شوارع ايران نفسها. وهم واعون – ووعيهم يتسلل الى طبقات الشعب الواسعة. والدليل، كما اسفرنا، يكن أن نشير فيه الى مظاهرات الغضب والحزن القليلة نسبيا بين الايرانيين العاديين – ليس متفرغو الحزب وموظفو الاجهزة الحكومية والحزبية – على تصفية سليماني.
بعض من المحللين في اميركا توجوه بلقب “عبقري عسكري”، تعريف بعيد عن ان يعكس سواء اخفاقات ضباط الاستشارة والارتباط الايرانيين من جانب قوة القدس التابعة لسليماني في مساعدة جيش الاسد في معارك حاسمة ضد الثوار، أم الهزائم التي تكبدها حزب الله في سورية، رغم الوحشية والقتل المكثف للسكان المدنيين. ليست الكتائب بقيادة سليماني المباشرة وغير المباشرة هي التي ادت الى انتصار الاسد بل القصف المتواصل وعديم الرحمة من جانب سلاح الجو الروسي. أما التقديرات الغربية عن قدرات السايبر العظيمة زعما لدى الحرس الثوري فمرغوب فيه فحصها وفقا لمصدر التمويل من الجهات والمؤسسات التي تصدرها: ميزانياتها هي معامل مباشر لمنظومات الرعب هذه. محظور الاستخفاف بالنظام ما بعد الخميني في ايران، ولكن محظور ايضا المبالغة في قوته.