الراي
لطالما كان السرطان من أكثر الأمراض التي تثير قلق الناس، ومع تطور وسائل الإعلام وانتشار الأخبار بسرعة، تضاعف هذا القلق، سواء بسبب المعلومات الطبية المتداولة أو التغطية الإعلامية التي تتسم أحياناً بالمبالغة. إذ أن الإعلام يلعب دوراً أساسياً في تشكيل نظرة المجتمع إلى الأمراض، وغالباً ما يُقدَّم السرطان على أنه مرض قاتل يصعب النجاة منه، رغم أن التقدم الطبي قد حسّن نسب الشفاء بشكل كبير.
عناوين مثل «السرطان يهدد الملايين» أو «أعراض بسيطة قد تعني الإصابة بالسرطان» تثير القلق حتى لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أي عوامل خطر، حيث لا يمكن إنكار أهمية الإعلام في نشر الوعي حول أهمية الكشف المبكر وأساليب الوقاية، لكن بعض التغطيات الإعلامية تجعل السرطان يبدو وكأنه مصير محتوم، مما يزيد من قلق الناس بدلاً من توعيتهم بشكل منطقي.
وفي كثير من الأحيان، تُروى قصص المرضى في مراحل متقدمة دون الإشارة إلى النجاحات الطبية التي مكنت الكثيرين من التعافي والعيش بشكل طبيعي بعد العلاج، إذ أن هذا النوع من التغطية قد يدفع البعض إلى اتخاذ قرارات صحية إيجابية، مثل إجراء الفحوصات الدورية أو تبني نمط حياة صحي، لكنه قد يؤدي أيضاً إلى نتائج عكسية، مثل العيش في قلق دائم أو حتى تجنب الفحوصات خوفاً من اكتشاف المرض، مما يقلل فرص التشخيص المبكر والعلاج الناجح.
ولتحقيق التوازن، من الضروري أن تركز التغطية الإعلامية على تقديم معلومات دقيقة ومتوازنة، بحيث يكون الهدف هو التوعية دون إثارة الذعر، ويجب تعزيز دور الأطباء والمختصين في نقل المعلومات الطبية، بدلاً من الاعتماد على العناوين الجاذبة التي قد تكون مضللة.
وبينما يبقى الخوف من السرطان أمراً طبيعيا، لا يجب أن يتحول إلى هاجس يسيطر على حياة الناس، ومع التأثير الكبير للإعلام، يصبح من الضروري أن تكون التغطية مسؤولة، بحيث تساعد الجمهور على اتخاذ قرارات صحية واعية، بدلاً من أن تغرقه في دوامة من القلق غير المبرر.