عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Mar-2020

الإنترنت منقذتنا* هيثم الزبيدي

صحيفة العرب -

ما عاد بوسعنا أن نتخيل العالم من دون إنترنت. هذا مؤكد. ما الذي لم تمسه الإنترنت في حياتنا؟ من الصعب العثور على منحى أو نشاط أو شيء بلا علاقة بالشبكة. قطاعات قديمة تم تحويرها لتتأقلم مع عالم متصل، وقطاعات جديدة نرى ولادتها بشكل يومي منذ مطلع التسعينات إلى اليوم. لن نضيف جديدا في هذا.
 
لكن الإنترنت اليوم صارت ببعد آخر مع وصول كورونا.
 
لا أستطيع أن أحصي الأبعاد الإضافية للإنترنت هذه الأيام. أنا على مكتبي في بيتي ولا أتجول في دائرة واسعة، لكني أستطيع أن أرصد الكثير مما أقرأه هنا وهناك. أستطيع أيضا أن أتحدث عن تجربة شخصية في العمل.
 
صحيفة “العرب” بين أيديكم بعد أن أنتجت تحريرا وتنفيذا وأونلاين بلا مركزية استثنائية. خلال أقل من 24 ساعة، تمكنا من نقل العمل من مكتب يجمع أغلب أفراد الطاقم التحريري إلى عمل يتم “من بيوتهم” بعد أن تم فرض الحجر الذاتي أولا، ثم بدأت الإجراءات الحكومية بإلزام العاملين بالبقاء في منازلهم. الإنترنت كانت دائما حيوية وأساسية في عمل الصحيفة. لكن من دونها اليوم، كان الانقطاع هو البديل. هنا ينبغي الإشادة بمرونة فريق العمل الذي أدرك أهمية السرعة في أن نتحول إلى لامركزية الأداء. لم تتأخر الصحيفة عن الصدور ثانية واحدة. شكرا أيها الزملاء.
 
من دون الإنترنت كان الناس سيعيشون مختنقين في بيوتهم. أغلبنا يعتبر البقاء في البيت أسرا غير مقبول. الأطفال لديهم طاقة كبيرة يجب أن تبدد. الخروج من البيت للترويح مهمّ. التواصل مع الآخرين مهمّ. في زمن كورونا كل هذا ممنوع. فلا خيار لك إلا أن تقبل البديل الإلكتروني. وهو بديل ليس سيئا وقد دربتنا وسائل التواصل الاجتماعي وتصفح المواقع والهواتف الذكية عليه، وها هو الاستثمار الذاتي في كل هذا يعطي نتيجة. الإنترنت هي ملح الصبر على العزلة. الإنترنت هي زاد الترفيه الذي صرنا معتادين عليه من يوتيوب ونتفليكس وأمازون. هي مصدر المعلومات عن حال الوباء الذي يحاصرنا، وهي أداة الحكومات لتبلغنا بما نفعل لنتجاوز هذه المحنة الصحية والعملية والنفسية. هي مصدر الأكاذيب أيضا ومصدر الطرف والسخرية.
 
في شوارع لندن ترى سيارات توصيل البضائع الأساسية تتحرك. بريطانيا بالطبع بلد متطور، وقد تأقلم الناس مع شراء الكثير من احتياجاتهم أونلاين. الآن هذا هو الخيار الوحيد لكبار السن والمرضى، وهو الخيار الأنسب إلى من يعدون أقل تعرضا للخطر بسبب انتشار الفايروس. في الدول الأقل تطورا كان الناس سيترددون في إجراء مكالمات لطلب شيء هاتفيا، لتثاقل أو لتوفير مصاريف الهاتف. الآن يفعلون لأن الإنترنت توفر مكالمات مجانية وتصفّحا للبضائع.
 
أنا واثق من أن لكل منا حكاية يحكيها في هذا الوقت العصيب. كنا نتبادلها مثل “سوالف العجايز” أيام زمان. اليوم ننشرها على فيسبوك ونقول: شكرا للإنترنت المنقذة.