عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Oct-2019

فیلم ”1982 ..”الطفولة والبلوغ في مواجهة الحرب
 
إسراء الردایدة
عمان– الغد- من ذاكرة الحرب قبل 37 عاما التي لم تفارق أذھان كثیر من اللبنانیین حتى الیوم، یروي المخرج اللبناني ولید مؤنس في فیلمھ ”1982 ”ما حصل یوم اجتاح الكیان الصھیوني الأراضي اللبنانیة، لینقلھ للشاشة بعیون الأطفال في آخر یوم لھم في المدرسة.
الفیلم یعد الأول لمخرجھ الذي نال جائزة لجنة التحكیم ”فیبرسي“ في مھرجان الجونة السنیمائي بدورتھ الثالثة، وجائزة شبكة الترویج لسینما آسیا والمحیط الھادئ في مھرجان تورونتو الدولي، ینقل أثر الحرب النفسي والخوف والقلق الظاھر بعیون الأطفال.
المخرج مؤنس یسرد تأثیر القصف الجوي الإسرائیلي على المدنیین اللبنانیین والتي یعیشھا طلبة في مدرسة تقع في أحد جبال بیروت، منطلقا من قصة بسیطة ھي محاولة الطفل وسام أن یبوح بإعجابھ لزمیلتھ جوانا في الصف، وحین یقع القصف تنتشر حالة كبیرة من الإرباك والفوضى التي یمر بھا البالغون، بین مدرسین مدنیین ونشرات إخباریة.
وفي حین یكون الیوم الأخیر في المدرسة یوم فرح، غیر أن العكس ھو ما نراه على الشاشة، خوف یسكن قلوب الكبار والصغار، وبطولة یقودھا طفل حالم ھو وسام ”لعب دوره محمد دالي“ یرید أن یعترف بحبھ لزمیلتھ قبل العطلة الطویلة.
الحب یكون خلفیة ھذه الحرب، فھنالك حب غیر معلن بین المعلمة یاسمین ”نادین لبكي“ وجوزیف ”رودریغ سلیمان“؛ إذ إن كلا من العاشقین یدافع عن الآخر ویحاول حمایتھ بطریقتھ الخاصة.
الحرب حاضرة غائبة، فھنالك صوت للطائرات التي تمر فوق سماء المدرسة متجھة لبیروت، صوت المذیع من الرادیو الذي یخبر عن آخر التحركات، ما دفع بالإدارة لبذل أقصى ما في وسعھم في تلك المدرسة لتأمین الطلبة وإشعارھم بالأمان.
ما أراده المخرج ولید مؤنس ھو نقل ذلك الشعور بمكافحة الانھیار من قبل المعلمین وتحقیق التوازن بین واجباتھم وعلاقاتھم الشخصیة التي تتأثر وسط ھذا التوتر، فتغدو المصحلة العامة أھم من الخاصة بكثیر، وتصبح التضحیة بالنفس أمرا عادیا في ظل الظروف المحیطة.
لا یمكن إنكار حضور الطفل وسام أمام الشاشة، وأیضا دور لبكي وراء الكامیرا بعیدا عن كونھا مخرجة، فھي الرزینة الحساسة، المنطقیة والتي تبذل جھدا كبیرا للبقاء ھادئة وسط الأطفال، مع أحداث تظھر مع حبیبھا بسبب آرائھ السیاسیة، وشقیقھا المتمرد، وكیف تدیر عواطفھا في التعامل مع خوف أمھا ومرض والدھا في أصعب اللحظات، محققة وزنا درامیا في الفیلم.
”1982 ”یُظھر الانقسامات السیاسیة، ومن خلال التوتر الذي یطال أجواء الفیلم فھنالك أطراف متنازعة بین بیروت الشرقیة والغربیة في ذلك الوقت، والحواجز الأمنیة الكثیرة التي ترتبط بصورة المناخ السیاسي في لبنان والتي تشھد حالیا احتجاجات كبیرة ومظاھرات.
بطولة یافعة
اختار المخرج ولید مؤنس أن تكون بطولة فیلمھ لأطفال، في مدرسة كان قد درس فیھا تقع في منطقة برمانة في جبال مشرفة على بیروت، وخضعوا لتدریب كي یتمكنوا من التعامل مع الكامیرا بحیویة بأدوارھم الأساسیة.
الفیلم یسیر في خطین متوازیین، وھي علاقة یاسمین بجوزیف وعلاقة وسام بجوانا، وعلاقة المحیط كاملا مع العدو ومع الواقع السیاسي، فالأطفال یتعاملون مع الأشیاء بمنظور البراءة والإنسانیة، في حین یفقد البالغون تلك البراءة، فالحرب تعني ھنا أن یفترق الأحبة بین الحواجز ویضیع الشغف من خلف الاختلافات والشقاقات السیاسیة.
وبین الخوف من عدم التقاء الأھل معا واشتداد ذروة الحصار النفسي وحتى العسكري، وتأزم الموقف في عودة الطلبة لبیت ذویھم، یبقى وسام وجوانا في المدرسة؛ حیث تلعب مخیلتھما دورا كبیرا للھرب من الخوف، فمخیلة وسام تظھر بطولة خارقة، لرجل آلي ضخم یشبھ جرندایز، الذي یأتي لحمایة بیروت وما حولھا من نیران العدو بحاجز غیر مرئي یصد كل الھجمات.
ما وضعھ ولید مؤنس في فیلمھ من خلال التعامل مع الأطفال، یعكس امتلاكھم فھما كاملا للوضع الحاصل في تلك الفترة وحتى الیوم، ویفھمون أن ما یحصل یغیر حیاتھم للأبد وأیضا یعرفون أنھ سیوقظ رغبتھم في التغییر بخلاف البالغین الذي ینغلقون على أنفسھم تدریجیا، في مثل تلك الظروف.
”1982 ،”فیلم یحمل نظرة حساسة عن تعقدیات الحب والحرب، فمنظور الطفولة للأمور یحمل أفقا أوسع، في حین أن البراءة تفقد وجودھا في مرحلة البلوغ، وتبقى الطفولة مرآة لمرونة الروح والإنسانیة والأحلام.