الغد- إسراء الردايدة
وسط الوهج الآسر للروايات السينمائية، تبرز أيام الفيلم الفلسطيني كمنصة مؤثرة للدفاع عن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال وسيلة الفيلم القوية. يعد هذا الحدث بمثابة قناة لرواية القصص، وإلقاء الضوء على النضالات والروح التي لا تقهر للشعب الفلسطيني.
وتؤكد الشراكة بين اللجنة الملكية للأفلام وتاج سينما، أهمية الجهود التعاونية في استخدام الفن ورواية القصص كوسيلة للدفاع عن العدالة والتغيير الاجتماعي، حيث إن العروض مجانية أيضا.
وفيما يعد دمج الفن السينمائي والأهمية الاجتماعية والسياسية مركز الصدارة في أيام الفيلم الفلسطيني من خلال العروض المنسقة بدقة، تقدم الفعالية عدسة للتجربة الفلسطينية، حيث تعرض أفلام تعكس الأبعاد متعددة الأوجه للحياة تحت الاحتلال.
لا تقتصر هذه الأفلام على الترفيه فحسب، بل تعمل أيضا كشكل من أشكال المقاومة، حيث تعرض مرونة وتصميم شعب يسعى جاهدا من أجل العدالة والحرية.
ولا يمكن التقليل من دور السينما والأفلام في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين؛ إذ يستخدم صانعو الأفلام في فلسطين حرفتهم كأداة لتسليط الضوء على التحديات اليومية والظلم والانتصارات التي يواجهها الفلسطينيون. قصصهم، التي غالبا ما تردد صدى التجارب الحقيقية للأفراد الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، تهدف إلى زيادة الوعي على مستوى العالم وإلهام التغيير. لا تصور الروايات المرئية النضالات فحسب، بل تحتفل أيضا بالتراث الثقافي والروح الثابتة للمجتمع الفلسطيني.
أيام الفيلم الفلسطيني التي تنطلق مساء اليوم، هي فرصة فريدة للجمهور لتجربة ثراء وتنوع السينما الفلسطينية، التي لعبت دورا حيويا في النضال الفلسطيني من أجل التحرير.
"المطلوبون 18".. الاثنين 7 مساء
الفيلم الوثائقي "المطلوبون 18" لعامر الشوملي، يحكي قصة محاولة قرية فلسطينية إنشاء مزرعة ألبان خلال الانتفاضة الأولى. من خلال عيون أبطال الأبقار المتحركة في الفيلم، يستكشف الفيلم تحديات وانتصارات المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
يبدأ الفيلم بقرويي بيت ساحور الذين قرروا شراء ثماني عشرة بقرة، من أجل إنتاج الحليب الخاص بهم ومقاطعة البضائع الإسرائيلية. وسرعان ما تم إعلان الأبقار تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي، فيضطر القرويون إلى الذهاب تحت الأرض لإخفاء الأبقار في سلسلة من المواقع السرية. على الرغم من المخاطر، فإن القرويين مصممون على الحفاظ على تشغيل مزرعة الألبان الخاصة بهم، إنهم يرون أنه رمز لاستقلالهم الاقتصادي ومرونتهم في مواجهة الاضطهاد. يتابع الفيلم القرويين وهم يهربون الحليب من القرية ويوزعونه على المجتمع المحلي.
استخدام الفيلم الرسوم المتحركة والفكاهة السوداء فعال بشكل خاص في تسليط الضوء على هذه القضايا. يتم تصوير الأبقار على أنها مخلوقات ذكية وذات حيلة، بينما غالبا ما يتم تصوير الجنود الإسرائيليين على أنهم مهرجون هزليون. وهذا التباين يساعد على إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين وكشف نفاق الاحتلال الإسرائيلي.
الفيلم الوثائقي يمثل شهادة عميقة على الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1991)؛ حيث يستكشف جانبا أقل من فترة المقاومة الشعبية والعصيان المدني ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويسعى هذا الفيلم الاستثنائي إلى نقل الرواية الفلسطينية عن تلك الحقبة المضطربة ببراعة، بطريقة فريدة من خلال منظور الأبقار الذي يبدو محايدا.
يصور الفيلم ببراعة المزرعة التي تتمحور حول الأبقار على أنها صورة مصغرة للتحدي الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، مع تأكيد سعة حيلة المجتمع ومرونته. إنه يلقي الضوء على الانتصارات الملموسة والعابرة التي حققها الفلسطينيون من خلال مقاومتهم الجماعية.
لتسليط الضوء على محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لقمع أي شكل من أشكال المعارضة، يستخدم الفيلم الرسوم المتحركة والفكاهة السوداء لتأكيد هذه القضايا الملحة بشكل مقنع. إن النهج المبتكر يأسر الجماهير، ويلقي الضوء بشكل فعال على النضالات التي يواجهها الفلسطينيون في مقاومتهم ضد قوة الاحتلال الساحقة.
"المطلوبون 18" لا يعد فقط كوثيقة تاريخية، ولكن أيضا كدليل مؤثر على الروح الراسخة للشعب الفلسطيني، بل يتردد صدى الفيلم لدى الجمهور، حيث ينسج رواية تضيء تعقيدات الانتفاضة الأولى، وتوضح الطرق البارعة التي وقف بها المجتمع ضد الاضطهاد.
علاوة على ذلك، فإن الفيلم الوثائقي بمثابة تذكير عميق بأنه حتى الأشكال غير التقليدية للمقاومة، مثل قصة الأبقار، يمكن أن تصبح رموزا قوية في النضال من أجل الحرية وتقرير المصير.
"3000 ليلة".. الثلاثاء 7 مساء
فيلم "3000 ليلة" من إخراج مي مصري، يتعمق بمهارة في الموضوع المعقد والحساس للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.
تدور قصة الفيلم حول قصة ليال، معلمة مدرسة فلسطينية شابة تجد نفسها مسجونة في سجن إسرائيلي، متهمة بارتكاب جريمة لم ترتكبها. يقع الفيلم على خلفية أواخر الثمانينيات، وهي فترة تميزت بانتفاضات فلسطينية شديدة، ويصور الفيلم بدقة النضالات والتحديات اليومية التي واجهتها ليال أثناء سجنها.
يتناول الفيلم الموضوع الشامل للاحتلال الإسرائيلي من خلال رحلة ليال الشخصية. إنه لا يواجه الديناميكيات السياسية بشكل مباشر، ولكنه يستخدم بدلاً من ذلك تجربة ليال لتوفير عدسة إنسانية في السياق الأوسع للمقاومة الفلسطينية وتأثير الاحتلال على حياة الأفراد.
تستخدم المخرجة مي مصري نهجا إنسانيا عميقا لتصوير حياة ليال في السجن، مما يسلط الضوء على المرونة والأمل والتضامن الموجود بين السجينات. من خلال التركيز على رحلة ليال العاطفية والنفسية، يلقي الفيلم الضوء بشكل فعال على الحقائق القاسية التي يواجهها الفلسطينيون الذين يعيشون تحت الاحتلال.
يستخدم الفيلم ببراعة شخصية ليال وتفاعلاتها مع زملائها السجناء لإضفاء الطابع الإنساني على السرد الفلسطيني، وتجنب الخطاب السياسي المباشر مع رسم صورة حية لمظالم وصراعات يومية يعاني منها أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال.
يقدم فيلم "3000 ليلة" صورة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين من منظور المرأة الفلسطينية وشجاعتها في مواجهة الشدائد، ويلقي الضوء على الروح الثابتة للشعب الفلسطيني على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها. يجسد الفيلم بشكل مؤثر قوة وتصميم الأفراد في السياق الأوسع للمجتمع الذي يسعى من أجل الحرية والعدالة في خضم احتلال قمعي.
"غزة مونامور".. الثلاثاء 9 مساء
يقدم فيلم "غزة مونامور"، الذي أخرجه الثنائي الشقيق الفلسطيني طرزان وعرب ناصر، نظرة فريدة وخفيفة على الحياة في غزة؛ حيث ينسج بمهارة قصة حب وسط خلفية الاحتلال الإسرائيلي. على عكس العديد من الأفلام التي تواجه الاحتلال مباشرة، يتخذ الفيلم نهجا أكثر دقة واستعارة، باستخدام الفكاهة والعناصر الرومانسية لاستكشاف حقائق الحياة تحت الاحتلال.
تدور أحداث الفيلم في غزة، ويكشف قصة عيسى، وهو صياد يبلغ من العمر 60 عاما يكتشف تمثالا قديما لأبولو أثناء صب شباكه. هذا الاكتشاف، وهو من بقايا ماضي غزة القديم، يطلق سلسلة من الأحداث التي تتشابك بين الرومانسية والتحديات التي يواجهها سكان غزة العاديون وسط صراعات العيش في أرض محتلة.
في حين أن الاحتلال الإسرائيلي ليس المحور المركزي للفيلم، إلا أنه يتخلل السرد من خلال القيود التي يفرضها على الحياة اليومية في غزة. يتم تصوير القيود والحصار والفرص المحدودة بشكل غير مباشر من خلال تطلعات الشخصيات وتفاعلاتها. يستخدم الفيلم ببراعة الفكاهة والسحر لتسليط الضوء على مرونة ورغبات الأفراد الذين يعيشون في ظروف صعبة.
"غزة مونامور" يلمح بمهارة إلى صراعات الحفاظ على الحياة الطبيعية والسعي وراء الرغبات الشخصية في بيئة طغى عليها الوضع السياسي. نهج الفيلم يضفي الطابع الإنساني على سكان غزة، ويظهر أحلامهم وتطلعاتهم وحتى قصص الحب أثناء العيش في منطقة الصراع.
من خلال تصوير الحياة اليومية للشخصيات وتطلعاتها، يعلق الفيلم بشكل غير مباشر على تأثير الاحتلال الإسرائيلي على الأحلام والتطلعات الجماعية لشعب غزة. إنه يقدم منظورا دقيقا، يظهر مرونة ومثابرة الأفراد، حتى في مواجهة المحن والموارد المحدودة.
"حتى إشعار آخر".. الأربعاء 7 مساء
يقدم فيلم المخرج رشيد مشهراوي، الذي صدر العام 1993، تصويرا مؤثرا للحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. تدور أحداث الفيلم في غزة، ويصور بمهارة النضالات اليومية والمرونة والروح الإنسانية للشعب الفلسطيني وسط الظروف الصعبة التي يفرضها الاحتلال.
تتمحور رواية "حتى إشعار آخر" حول الأب أبو ليلى، الذي يجد نفسه يواجه المهمة الشاقة المتمثلة في ضمان سلامة عائلته أثناء حظر التجول أثناء التعامل مع الآثار الأوسع للاحتلال الإسرائيلي. طوال الفيلم، ينغمس الجمهور في الأجواء المحصورة والمتوترة التي يعيشها أبو ليلى وعائلته، مؤكدين الاضطرابات والتحديات التي يسببها الاحتلال.
يلقي فيلم مشهراوي، من خلال روايته المؤثرة للقصص، الضوء على الخسائر النفسية والتوترات العاطفية المفروضة على العائلات التي تعيش تحت حظر التجول والمهنة. إنه يجسد ببراعة الشعور بالعزلة وعدم اليقين الذي تواجهه الشخصيات، ويلخص المشاعر الأوسع التي يعيشها العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة.
لا يركز الفيلم على الخطاب السياسي فحسب، بل يصور بدلاً من ذلك التكلفة البشرية للاحتلال، ويكشف عن الاضطرابات العاطفية والطرق التي تتأثر بها الحياة اليومية بشدة بالقيود التي تفرضها قوات الاحتلال.
من خلال تسليط الضوء على الخسائر النفسية والتحديات التي تواجهها الشخصيات الخاضعة لحظر التجول، يعكس "حتى إشعار آخر" بشكل فعال التجربة الفلسطينية الأوسع تحت الاحتلال. إنه يقدم تصويرا إنسانيا للأفراد الذين يبحرون في حياتهم وسط الاضطرابات السياسية، ويقدم تصويرا دقيقا للتكلفة البشرية والضغط العاطفي الناجم عن قيود الاحتلال.
"ديغراديه".. الخميس 7 مساء
يقدم فيلم الأخوين عرب وطرزان ناصر، تصويرا فريدا ومتعدد الأبعاد للحياة في غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي. تدور أحداث الفيلم في صالون لتصفيف الشعر؛ حيث تجد مجموعة متنوعة من النساء أنفسهن عالقات بسبب أعمال شغب تتكشف في الخارج. يعمل الصالون كنموذج مصغر لمجتمع غزة، يصور النضالات والتجارب التي لا تعد ولا تحصى التي يواجهها الأفراد الذين يعيشون تحت ظل الاحتلال.
الفيلم هو تعليق اجتماعي قوي على الآثار متعددة الأوجه للاحتلال على حياة سكان غزة. من خلال محادثات وتفاعلات النساء المحاصرات في الصالون؛ حيث يعالج "ديغراديه" مختلف القضايا التي يعاني منها سكان غزة يوميا -من الحريات المحدودة والمصاعب الاقتصادية إلى أدوار الجنسين والأعراف المجتمعية، والتي تفاقمت جميعها بسبب الظروف القمعية التي يفرضها الاحتلال.
يستكشف الفيلم، بذكاء، الخسائر النفسية والعاطفية للعيش تحت الاحتلال. إنه يصور بمهارة الشعور بالفخ والإحباط والعجز الذي تعاني منه الشخصيات، مما يسلط الضوء على الجو الخانق الذي يفرضه الاحتلال على حياتهم.
"ديغراديه" يتنقل بمهارة في المشهد الاجتماعي والسياسي لغزة دون معالجة القضايا السياسية بشكل مباشر، والتركيز بدلاً من ذلك على التجربة الإنسانية. يضفي الفيلم طابعا إنسانيا على الأشخاص الذين يقفون وراء العناوين الرئيسية، ويصور تطلعاتهم وإحباطاتهم ومرونتهم في مواجهة الشدائد.
لا تقف أيام الفيلم الفلسطيني فقط كاحتفال بالثقافة والفن الفلسطيني، ولكن أيضا كمنارة للأمل والمقاومة ضد المظالم والمصاعب التي يسببها الاحتلال الإسرائيلي. من خلال قوة السينما، تستمر هذه الأفلام في العمل كوسيلة للتعبير عن نضالات وتطلعات شعب يتوق إلى الحرية والعدالة.