عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2022

الأردن والتنبه الدائم لخطر الصهيونية المتطرفة*محمد يونس العبادي

 الراي 

تتجه إسرائيل إلى انتخاباتٍ جديدة، بعد حل الكنيست، وتبرز مع تقادم السنوات عللها، التي تعبر عن سمةٍ متطرفةٍ متأصلةٍ في مجتمعها، ولربما أحد أبرز وجوه الأزمة السياسية اليوم، هو التشظي الذي تعيشه بين أحزابها، التي تنزاح في غالبيتها إلى اليمين المتطرف.
 
ونحن في هذا الوطن، كان قدرنا أن نكون بحكم الجغرافيا، إلى جانب هذا الكيان الذي كثيراً ما عانينا من أمراضه، وكثيراً ما كنا على قدر التصدي له، مدركين بأنّ لهذا الوطن رسالةً يدركها كل من تأمل حاضر سياستنا، وتاريخنا الأردني.
 
ومع صعود هذه الصهيونية الجديدة (القديمة)، والمقصود هنا، الصهيونية الدينية المتطرفة، وما سببته من أزمات، هي بطبيعة الحال متأصلة، يبرز في أدبياتنا وتاريخنا الأردني العديد من الوثائق التي تؤكد على إدراك الأردن، لمدى خطورة هذا الكيان، وما يبرز عنه من ظواهر..
 
وما أشبه اليوم بالأمس، حيث وقف الأردن في وجه كل تطرفٍ إسرائيلي، ومن بين الوثائق التي تذكر ذلك، خطاب للملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه) عام 1986م، في وقتٍ كانت السياسات الاسرائيلية المتطرفة تتصاعد، وتؤسس لإرهاصات انتفاضةٍ لاحقة.
 
آنذاك، حذر الملك الحسين (طيب الله ثراه) من إدامة الاحتلال لاستيعاب الأرض وهضمها بالتدريج اعتماداً على قوتها العسكرية لمعالجة هذه المشكلة، وحذر أيضاً من أي محاولة لزعزعة ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، قائلاً: » إن ثبات الشعب الفلسطيني على ارضه، والدعم الأردني، مكنه من فرض قضيته على جدول اعمال المحافل الدولية».
 
وأكد الحسين، أن الثبات الفلسطيني «جعل من القضية الفلسطينية إحدى القضايا التي تناقش في كل دورة من دورات الامم المتحدة وفي مختلف المؤتمرات الدولية والمنظمات الاقليمية».
 
وشرح الخطاب الهام، الذي يعبر عن دلالات الفكر السياسي للحسين، رؤية اسرائيل للشعب الفلسطيني حيث تراه شعبين: (في الخارج ويتصل بتخطيطها للأرض الفلسطينية لأنه منفصل عن الارض، وآخر في الداخل وترى فيه المشكلة وصانع المعضلة والعدو الاول لها،لانه مقيم على الارض).ورأى أن اسرائيل تسعى إلى فصل الشعب بالداخل عن ارضه.
 
وقال الحسين إن اسرائيل تعمل على الداخل الفلسطيني، من خلال خطين، هما: «الاستيلاء التدريجي على الارض بالاستيطان وغير الاستيطان، والضغط على الشعب الفلسطيني بقصد زحزته وفصله عن الارض وتهجيره».
 
وحذر من أن هذه السياسة، والتي ما زالت لليوم، هي قوام السياسة الاسرائيلية ازاء القضية الفلسطينية، مؤكداً على أن تمسك الشعب الفلسطيني بشكل رئيسي بأرض وطنه والى حد كبير الأجراءات والسياسات التي اتبعها الأردن سواء ادارية او سياسية او اقتصادية ومالية وتربوية واعلامية أسهمت بتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه.
 
وبقي السؤال الذي ردده الحسين إلى اليوم محل جدل في الساحة الإسرائيلية، والقائل: «ماذا تفعل اسرائيل بالشعب الفلسطيني؟,وبخاصة استمرار وجوده على أرضه ومقاومته للاحتلال».
 
ونعود إلى الخطاب لنقرأ محاولات الحسين (طيب الله ثراه) لاجتراح أسئلة في عمق السياسة الاسرائيلية، شارحاً ثلاث اجتهادات في المؤسسة الاسرائيلية، وهي:
 
الاجتهاد الاول بقول: نأخذ اكبر جزء من الارض الفلسطينية المحتلة وهو الاقل كثافة سكانية ونعيد للأردن الجزء المتبقي وهو الاكثر كثافة وقد حمل هذا الاجتهاد اسم الخيار الاردني ورفضناه.
 
اما الاجتهاد الثاني: فيقول، نأخذ الأرض كاملة ونعطي السكان الفلسطينيين حكماً ذاتياً، لا يعطيهم حق سيادتهم على ارضهم من منطلق اعتبارهم جالية اجنبية كبيرة على أرض اسرائيل وبذلك نفصل السكان عن الارض تمهيداً لتهجيرهم وفق ظروف مواتية ستنشأ في المستقبل ورفضه الفلسطينيون. مثلما رفضناه نحن.
 
والاجتهاد الثالث: فينادي باخذ الارض وطرد السكان باتجاه الشرق وذلك باستخدام القوى العسكرية وهذا الاجتهاد لا يؤثر فيه الرفض بل الاعداد والاستعداد ومن المهم ان نلاحظ أولاً كلا من الاجتهادات الثلاثة ينطلق من مبدأين هما:مبدأ تلازم مصير الشعبين الاردني والفلسطيني، ومبدأ فصل الشعب الفلسطيني عن أرضه
 
ورأى الحسين، أنّ الاجتهاد الثالث وهو المستند الى الخيار العسكري قد جاء متأخراً عن الاجتهادين الاخرين من الناحية الزمنية حيث انه أخذ يبرز في حملة الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة، ولأصحابه اليوم عدد من المقاعد في الكنيست الاسرائيلي وهو آخذ في التنامي وهو الذي يلون الطيف السياسي الاسرائيلي الحالي باللون اليميني المتطرف وهو الذي وجد في اليمين الامريكي مؤخراً حليفاً متحمساً لتوجهاته لانه يصور لذلك اليمين الامريكي انه القادر على حماية مصالحه ويشكل قوة بتواجده في قلب الوطن العربي الممزق الاوصال فكراً و عملاً وثأتي?اً ان سيطرة هذا الاجتهاد على المسرح السياسي الاسرائيلي او لجمه تعتمد على عوامل عدة نشكل نحن العرب ًفي وعينا لما يجري وموقفنا منه وسلوكنا نحوه احد اهم هذه العوامل ان لم يكن اهم عامل منها.
 
وطرح الحسين أسئلة، أبرزها: هل حان الوقت لنستخلص وبشكل خاص الاخوة الفلسطينيين خارج الارض المحتلة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم النتائج الصحيحة فنوجه الاهتمام ونركزه على الارض ومن عليها؟
 
ويؤكد الحسين أن الأردن باشر في دائرة الفعل الذي أسهم في نضوج الشخصية الفلسطينية وتمسكها بأرضها ومدها بكل أسباب الحياة لتبقى.. إنها السياسة الهاشمية التي تقينا من تبعات ما يطبخ في العقل الإسرائيلي، وحكمة الحسين الموصولة حتى يومنا هذا.. والتي يعززها الملك عبدالله الثاني، بما يبذله لأجل فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وشعبها.