عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-May-2019

كيف تستخدم الصين المراقبة المتطورة لإخضاع الملايين؟
 
كشف تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينغيانغ غربي الصين تخضع لنظام مراقبة إلكترونية صارم. ووصفت الصحيفة ما يتعرض له المسلمون هناك بأنه بمثابة "قفص افتراضي" مكمل لبرنامج التلقين السياسي الذي تجبرهم السلطات على الخضوع له في معسكرات اعتقال كبيرة تديرها بكين في الإقليم الذي تقطنه أغلبية مسلمة.
 
ووضعت السلطات الصينية مليونا أو أكثر من أقلية الإيغور ومسلمين آخرين في معسكرات تلقين في شينغيانغ، في مسعى منها لتحويلهم إلى "مواطنين علمانيين لا يشكلون تحديا أبدا للحزب الشيوعي الصيني".
 
ويساعد ذلك البرنامج السلطات في تحديد الأشخاص الذين يتوجب إرسالهم إلى معسكرات التلقين السياسي أو التحقيق معهم، ومن ثم وضعهم قيد المراقبة بعد الإفراج عنهم. 
 
مراقبة تمييزية
وأظهر تحقيق الصحيفة، الذي استند على سجلات حكومية وأخرى لشركات إلى جانب مقابلات مع أشخاص مطلعين على بواطن الأمور في قطاع التكنولوجيا، أن الصين قامت بالفعل بربط إقليم شينغيانغ بشبكة كاميرات مراقبة إلكترونية منفصلة، مستعينة في ذلك بجيش من الموظفين لإرغام الأقليات العرقية على الخضوع لبرنامج رصد وجمع معلومات، بينما تغض الطرف عن عرقية الهان الغالبة في الصين التي تشكل 36% من سكان الإقليم.
 
وانطلقت نيويورك تايمز في تحقيقها من العرض التلفزيوني الذي أُقيم أواخر عام 2017 على هامش المعرض الصناعي في مدينة ووتشن الواقعة في مقاطعة (محافظة) تشيغيانغ شرق الصين لتعريف الزوار بتقنية المراقبة المتطورة التي تستخدم في رصد تحركات الأقليات العرقية.
 
وذكرت أن خبيرة تقنية هي التي تولت عرض نظام المراقبة على شاشة كبيرة. وبيَّن العرض مراكز الشرطة، ونقاط التفتيش والمواقع التي شهدت أحداثا أمنية مؤخرا بمدينة كاشغر بإقليم شينغيانغ غربي البلاد.
 
لا يترك شاردة أو واردة
وأوضحت الخبيرة كيف يمكن للنظام أن يسترجع صورة شخص ما، جرى إيقافه عند إحدى نقاط التفتيش على طريق سريع رئيس وعنوان مسكنه ورقم هويته.
 
ثم يقوم النظام بعد ذلك بفحص مليارات السجلات ويستعرض تفاصيل خلفية الشخص التعليمية، وروابطه الأسرية، ومدى علاقته بقضية سابقة، وزياراته الأخيرة لفندق أو مقهى ما للإنترنت.
 
وأتاح العرض لزوار المعرض نظرة نادرة في نظام المراقبة الإلكتروني الذي يرصد كل ما يدور في أركان إقليم شينغيانغ المضطرب.
 
ويستخدم نظام المراقبة تطبيقا يتيح لأفراد الشرطة اعتقال الأشخاص بشبهة توقفهم عن استعمال الهواتف الذكية، أو لمجرد تجنبهم استخدام الأبواب الأمامية عند دخولهم وخروجهم من منازلهم، أو لأنهم زودوا سيارات أناس آخرين بالوقود.
 
كما تستخدم الشرطة التطبيق عند نقاط التفتيش -"حواجز افتراضية"- في أرجاء شينغيانغ. وإذا ما اعتُبر شخص ما أنه يشكل تهديدا محتملا، فإن نظام المراقبة يطلق إنذارا كلما حاول ذلك الشخص مغادرة الحي أو دخول مكان عام، طبقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان.
 
تجربة بمليارات الدولارات
وتضيف الصحيفة الأميركية أن قادة الصين يستثمرون مليارات الدولارات كل عام في تطوير نظم المراقبة على السكان في شينغيانغ، مما يجعل الإقليم بمثابة "حاضن لأنظمة بوليسية تطفلية بشكل متزايد قد يعمم في كل أنحاء البلاد وخارجها".
 
وقد شرع معاونون للرئيس الأميركي دونالد ترامب في رصد هذا التطور، في إطار مساعي واشنطن لاتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد الشركات الصينية، وذلك في إطار الحرب التجارية المستعرة بين البلدين.
 
ويجادل هؤلاء المعاونون بأن الصين تستخدم التكنولوجيا لتعزيز نظامها "الاستبدادي" في الداخل والخارج، مشددين على ضرورة أن تتحرك الولايات المتحدة لوضع حد لذلك.
 
وتقول الصحيفة إن نظام المراقبة المستخدم في مدينة كاشغر -الذي طورته وتبيعه مؤسسة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية التي تُعنى بالصناعات الدفاعية- يعتبر الأحدث في سوق جديد مزدهر لمنتجات التكنولوجيا التي تستطيع حكومة بكين استغلالها في رصد وقمع الملايين من الإيغور والمجموعات العرقية المسلمة الأخرى في شينغيانغ.
 
تطبيق العسكري على المدني
وتنقل الصحيفة في تحقيقها عن المهندس بمؤسسة تكنولوجيا الإلكترونيات وانغ بينغدا، القول في تدوينة رسمية إن نظام المراقبة صُمم "لتطبيق أفكار أنظمة الفضاء الإلكتروني العسكرية على الأمن المدني العام"، واصفا النظام بأنه "فكرة سابقة لزمانها".
 
ويستفيد نظام المراقبة هذا من شبكات المخبرين المنتشرين في الأحياء السكنية، ويتعقب الأفراد ويحلل سلوكياتهم، ويحاول التنبؤ بالجرائم والاحتجاجات وأعمال العنف المحتمل حدوثها قبل أن يحدد أيا من قوات الأمن يجب نشرها في المنطقة المعنية.
 
وتدرس إدارة ترامب إمكانية إدراج شركة (هيكفيجن) لصناعة كاميرات المراقبة -وهي إحدى الشركات المنخرطة في صلب الصراع بإقليم شينغيانغ- في القائمة السوداء ومنعها من شراء تكنولوجيا أميركية.
 
وقد قامت شركة هيكفيجن بتركيب كاميرات مراقبة في المساجد ومعسكرات الاعتقال في شينغيانغ. وتمتلك مؤسسة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية 42% من أسهم هيكفيجن عبر شركات تابعة لها.
 
المصدر : نيويورك تايمز