عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2020

قوائم بلا برامج*رمزي الغزوي

 الدستور

عملياً نحن لم نغادر قانون الصوت الواحد، سيئ الصيت، رغم أنّ الانتخابات البرلمانية ستجرى وللمرة الثانية على التوالي بقانون القوائم النسبية المفتوحة. الشكل تغير نعم، والجوهر ظل ثابتاً. أي أن التحشيد عند المرشحين ومؤازريهم وذويهم فردي بامتياز، ولكنه صار مؤطراً بقائمة الكل ينافس فيها الكل، ويخافه ويريد لنفسه أن يحظى بأعلى عدد من الأصوات المجنية.
فبعد تجربة 2016 أصبح المجتمع خبيراً في لعبة هذه القوائم وتفاصيلها وعقدها، وبات مؤكداً أن ناخباً واحداً فقط سينجح في غالبية القوائم على مستوى دوائر المملكة الـ 23، إلا في حالات نادرة، مع استثناء الناجحين بنظام الكوتات. ولهذا ما زالت عملية تشكيل القوائم تواجه صعوبات كبيرة. فالأخطاء التي وقع فيها مرشحو الدورة السابقة، يحاول ألا يقع فيها المرشحون اليوم. القائمة لمرشح واحد زعيم، والبقية ليسوا إلا شباكاً لصيد الأصوات. وهنا عقدة المنشار الكبرى.
الأقوياء من المرشحين يبحثون عن حشوات لقوائمهم يكونون أقوياء دون قوتهم. ولهذا ظهرت الحيرة: من سيكون حشوة عند من؟. ومن سيقبل بهذا وما الثمن؟. وبدا أن القوي يخاف القوي، ولا يرغب بالتحالف معه. والذي يحظى بإجماع لا يميل إلى التحالف مع من لا يحظى بمثله.   
بيضة القبان في المشكلة أن هذا القانون فُصّل وأعد لمجتمعات حزبية برامجية، حيث يترشح كل حزب على شكل قوائم في دوائر عدة على مستوى الدولة، فيها أعضاؤه. ولهم برنامج واحد ورؤى مشتركة متفق عليه. والحزب سيكون منتصرا سواء فاز فلان أو علان.
للأسف نحن استنسخنا القانون وطبقناه على مجتمع لا يؤمن أصلاً بالحزبية ولا بالبرامجية، بل يعيش المناطقية والعشائرية، ولا يؤمن بالأفكار والمخططات والقدرات الذاتية والإبداعية عند المرشحين، ولا يحفل بها. ولم يصدف أن ناخبا حاسب نائباً على برنامج تقدم به حين ترشح.
على العكس تماما ستشكّل القوائم النسبية المفتوحة بيئة خصبة لتكريس هذه المناطقية والعشائرية بصورة أكثر تصلباً وتشدداً وتناحراً، وستشكل أيضاً مسرباً للتشكيك في الولاءات والمصداقية لأعضاء القائمة الواحدة، وستساعد في لعبة «حجب الأصوات» وتركيزها وتفعيلها؛ مما سيقتل الثقة بين المتحالفين، ويحدث شروخاً طولية وعرضية في المجتمع، ما زلنا نعاني من بعضها من دورة سابقة.
يحق للمرشحين ألا يحفلوا ببرامج يكتبونها تكون عهدا بينهم وبين ناخبيهم. فهم يعرفون حق المعرفة أن لا أحد يقرأ ولا يتابع ولا يحاسب أو يعاتب، وأن الانتخاب لا يتم بناء على قناعات وإيمان بالبرنامج للمرشح أو القائمة، إنما يخضع لحسابات القرابة والمنطقة والعشيرة والمعرفة دون البحث عن المناسب لعمل رقابي تشريعي يؤثر في تقدم الدولة.