عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2019

بعد معاناة طويلة مع المرض رحيل سيمون أسمر ... «الأستاذ» و«صانع النّجوم»

 

بيروت - الشرق الاوسط-  فيفيان حداد - لم تسلم الجرة هذه المرّة مع المخرج التلفزيوني المخضرم سيمون أسمر، فصاحب لقب «صانع النّجوم» رحل (في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي)، بعد معاناة مع المرض. فهو سبق وأُدخل أكثر من مرّة إلى المستشفى في السنوات الأربع الماضية بسبب إصابته بمرض الفشل الكلوي، ولكنّه كان في كل مرة يسلم ويخرج منها ليكمل تصوير برنامج أو حوار تلفزيوني. وكانت أحدث إطلالاته التلفزيونية في برنامج «ديو المشاهير» على قناة «إم تي في»، حيث شارك في عضوية لجنة التحكيم المشرفة على أداء المشتركين.
ولكن، في الفترة الأخيرة تدهورت صحة سيمون أسمر إثر إصابته بمرض عضال ما لبث أن تفشّى في كامل جسمه مما اضطّره لدخول العناية المشدّدة في مستشفى رزق بالأشرفية. وبقي، حسب مقرّبين منه، متماسكاً في الأيام الأولى من مرضه إلى حين دخوله منذ نحو أسبوع مرحلة الصّراع مع الموت وقد تم وضع أنابيب التنفس الاصطناعي له على أمل اجتيازه الخطر.
وبعد أخذ ورد عن حقيقة وضعه الصّحي، أُعلن رسمياً عن وفاة أحد أهم المخرجين في لبنان والعالم العربي. فـ«الأستاذ» سيمون، كما كان يحب أن يناديه المقربون منه والعاملون معه، فارق الحياة عن عمر ناهز الـ76 سنة. فهو وقف وراء اكتشاف مواهب غنائية لبنانية عديدة تكتسح الساحة الغنائية اليوم وتندرج على لائحة مطربي الصف الأول في لبنان والعالم العربي، أمثال ماجدة الرومي، وعاصي الحلاني ووائل كفوري ونوال الزغبي وإليسا وغيرهم. أمّا نصائحه فكانت بمثابة دروس يصغي إليها أهل الفن من محترفين وصاعدين لأنّها عادةً ما كانت صائبة ومفيدة. شكّل أسمر العلامة الفارقة في العمل التلفزيوني بغض النّظر عن كمية الأشخاص الذين كانوا معجبين به أو العكس حتى قيل إنّه لن يتكرر.
وفي حديث سابق له مع الـ«الشرق الأوسط»، أكّد أنّ فناني اليوم يعيشون حالة ضياع لأنّ ليس هناك من يتبناهم أو يمسك بيدهم، «أريد أن أقول لك شيئاً ينطبق على أي حالة نعيشها في هذه الحياة، فالشّخص الذي يعرف كيف يربّي لا بدّ أن يحصد بذور جهده (إذا بتربي بتلاقي). اليوم نلاحظ أنّ غالبية الفنانين الجدد يعيشون نوعاً من الضياع في غياب من يتبناهم أو يصونهم. الجميع يلهث وراء المال كأنّه سيكون منقذه من العدم والفشل، إلّا أنّ هذا المفهوم خاطئ تماماً؛ لأنّ المال يسيء إلى الأخلاق ولن يصنع منه نجماً حقيقياً». ويتابع: «مع الأسف لا أحد يريد أن يتعب على صناعة النجاح، تماماً كالذي يُرزق بالأطفال ويتركهم على الطرقات، فماذا تنتظرين منهم أن يحققوا من نجاحات؟».
كان سيمون أسمر يرى أنّ السّاحة الفنّية اليوم تحمل تغييرات كثيرة وأنّها تسجّل تراجعاً في عملية الإبداع. «حسب رأيي الشّخصي فإنّ البرامج الأميركية كسرت كل الحضارات التي صنعناها، فهم يريدوننا أن نصبح شبيهين بهم، فنتحوّل إلى بلدان من دون تاريخ».
سيمون أسمر الذي استطاع أن يبتكر أحد أهم البرامج التلفزيونية الخاصة بهواة الغناء والفن عامة في فترة السبعينات «استوديو الفن»، كان يملك هو نفسه موهبة خارقة في هذا المجال، تبلورت في برامج المنوعات والألعاب والتسلية، حتى توج سيداً لها من دون منازع. بدأ مشواره في الإخراج التلفزيوني منتصف الستينات من تلفزيون لبنان وبالتحديد من القناة 7 الواقعة في منطقة تلة الخياط في بيروت، ومن البرامج التي وقّعها في تلك الحقبة: «بيروت في الليل» مع المقدم المصري حسن المليجي، و«ماما عفاف» و«عندي مشكلة» البرنامجان اللذان توجه بهما إلى الطفل والعائلة معاً.
في عام 1972 أطلق برنامج «استوديو الفن»، فجمع تحت سقفه هواة الأغنية والشّعر والعزف وغيرهم الذين جاءوا من كل حدب وصوب يمثّلون بلدانهم اللبنانية.
كما شغل في فترة لاحقة مركز مدير قسم برامج المنوعات في المحطة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي). وعمل معه غالبية نجوم تلك البرامج أمثال طوني خليفة وميراي مزرعاني والراحل رياض شرارة وزياد نجيم وهيام أبو شديد وغيرهم.
وبعد تردّد وافق أسمر على الانتقال إلى شاشة «إم تي في» اللبنانية المشاركة في برنامج «ديو المشاهير». فهو اعتاد العمل وراء الكاميرا لا أمامها، إلّا أنّ إصرار ميشال المر رئيس مجلس إدارة المحطة المذكورة وتمسّكه بخبرته في موضوع الفن عامة والغناء خاصة، دفعاه إلى الموافقة. فكان الموسم الثالث منه بمثابة محطة الوداع الأخيرة له على الشاشة الصغيرة التي سرقت منه كل طاقاته الإبداعية.
كرّم سيمون أسمر أكثر من فنان عملاق وعزز أكثر من مطرب راحل، واعتبر أنّ المطربة اللبنانية صباح هي فأل خير على لبنان وعلى برامجه، ولذلك كان لا يستهلّ برامجه إلّا أن تكون الضيفة الأولى لحلقاته. وسيمون وُلد في بلدة الكنيسة في منطقة المتن الأعلى عام 1943 وتزوج عام 1977 من ندى كريدي، وله ثلاثة أولاد: وسيم وكريم، وبشير الذي مشى على خطى والده، وعمل أيضاً في مجال الإخراج التلفزيوني.
نال عدة جوائز بينها جائزة أفضل مبدع تلفزيوني عام 1994، وجائزة مفتاح سيدني في أستراليا في العام نفسه، وعام 1997 قدمت له موسوعة «Internnational Biographical Center - Cambridge - United Kingdom» جائزة العام الدُّولية، وفي عام 2003 وبمناسبة مرور 44 سنة على خدماته في مجال الفن، كرّمته لجنتا تخليد عمالقة الشّرق وأصدقاء سيمون أسمر. أمّا مجموع أعماله في المجال المرئي والمسموع فيفوق الثمانين برنامجاً.