عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Oct-2019

کنت أعتقد أن التنکیل بالشعب الفلسطیني مختلق - بقلم: ھال فاینر
ھآرتس
 
في تشرین الثاني (أكتوبر) 1987 شاھدت في محل لبیع الكتب في تل ابیب منشورا طبعتھ منظمة احتجاج اسرائیلیة في بدایة الثمانینیات، ویظھر فیھ جندي اسرائیلي وھو یضرب فلسطینیا، تحت عنوان ”لا تقل إنك لم تعرف“. في تلك الایام كان قد مر عام على مكوثي في اسرائیل، سمعت قصصا عن امور فظیعة یتم ارتكابھا في الضفة وفي قطاع غزة، لكني افترضت أنھا مختلقة، أو على الاقل مبالغ فیھا، المنشور استدعاني لأن أفكر بأنني ربما أخطأت.
بعد نحو شھر اندلعت الانتفاضة الاولى. وأنا سافرت لرؤیة ما یجري على الارض. من البدایة كان من الواضح أن الجیش یستخدم القوة المفرطة لقمع المظاھرات الحاشدة التي حدثت في الاشھر الاولى. والجنود لم یكتفوا بذلك وبادروا الى استفزازات أدت الى المظاھرات، كذریعة لاستخدام القوة.
في شھر شباط (فبرایر) 1988 قمت بزیارة عائلة شاب ابن 17 سنة، تم ضربھ حتى الموت في الشارع من قبل جنود. صور الجثة لم تترك أي مجال للشك. ومنذ ذلك الحین اطلعت على حالات كثیرة یصعب احصاؤھا. لا یوجد یوم لم یستخدم فیھ العنف الشدید في قطاع غزة والضفة الغربیة.
المراسلون الذین شاھدوا ھذه الاحداث في المناطق بأم عینھم لا یشككون في الحقائق؛ المشكلة ھي كیف یتم الابلاغ عنھا.
مراسلون اجانب لاسامیون یحتفلون بالطبع، لكن بالنسبة للمراسلین الجدیین الامر أكثر تعقیدا. من الواضح أن تغطیة موضوعیة للاحداث ستتسبب بضرر كبیر لصورة اسرائیل في العالم، لذلك لیس من الغریب أن ردود یھود الشتات على ھذه التقاریر ھي صعبة. لذلك، ایضا المراسلون المتشددون أكثر یحاولون تخفیف لھجة تقاریرھم. ربما یصعب التصدیق، لكن اغلبیة التقاریر في وسائل الاعلام الغربیة عن الاحداث في المناطق لا تتم كتابتھا بشكل مبالغ فیھ، بل بلغة الحد الأدنى. ورغم ذلك، مراسلون غیر یھود كثیرون یتھمون باللاسامیة، ومراسلون یھود (أنا من بینھم) یتھمون بكراھیة الذات.
لا یوجد أحد یشكك بحقیقة الوقائع التي أكتب حولھا، ولا أحد یتحفظ من الاھمیة التي أولیھا لھا.
الادعاء السائد جدا، رغم أنھ مصاب بشكل عام بكلمات لطیفة جدا، ھو ”أنت لا تعرف ما الضرر الذي تتسبب بھ. أنت توفر ذخیرة للاسامیین“.
من المعروف للجمیع أن كراھیة الیھود تنبع من مواقف مسبقة، ولیس مما یفعلھ الیھود أو لا یفعلونھ. ولأن جذور اللاسامیة مغروسة لیس في الحقیقة، بل في تشویھ الحقیقة، أنا لا أعرف أي فائدة سیجنیھا الشعب الیھودي من اخفاء أو تشویھ الحقیقة. أنا غیر مستعد للتنازل عن مبادئي بسبب لاسامیة الآخرین. الحدیث ھنا لا یدور عن كراھیة الذات، بل عن احترام الذات.
بالنسبة للوقائع، لا یوجد شك بأن ھناك جنودا یتبعون ضبط النفس في حالات صعبة جدا. ولكن مع ذلك یوجد منھم عدد غیر قلیل یتجاھلون كل معاییر السلوك المرتقب من جیش متنور، وفقط في حالات نادرة یطلب منھم دفع ثمن افعالھم. لذلك، ھم یتسببون في خرق حقوق الانسان بطریقة فظیعة في المناطق. اشخاص یتم اطلاق النار علیھم بدم بارد، یصابون ویقتلون، ھذا عمل روتیني.
اشخاص یتم سجنھم بدون محاكمة ویتلقون الضرب والاھانة من الجنود. حسب رأیي، كل مراسل، سواء كان یھودیا أم غیر یھودي، لا یوجد أي خیار عدا عن الكتابة عن الاحداث التي تجري أمام ناظریھم. الحقیقة ھي أن امورا كھذه، وحتى اكثر خطورة منھا، ما تزال تحدث في اماكن اخرى في العالم، لا تبرر تجاھل ما یحدث ھنا. وبصفتي یھودي أنا أشعر بالحزن. ولكن ما یقلقني أكثر ھو أن حكومة اسرائیل التي لا تفعل أي شيء تقریبا من اجل تقویم الوضع تتفاخر بالعمل باسم الشعب الیھودي.
یھود الشتات ھم احرار في مواجھة الوضع حسب تقییمھم، لكن یجب علیھم اتخاذ موقف. وحسب موقفھم لا یوجد أي مجال للادعاء بعدم المعرفة.