عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Mar-2023

«سِيرةُ الأساطير والأسرار..»*محمد رفيع

 الراي 

بموازاة التاريخ المعروف للامبراطوريات والدول والأفراد، ثمة تاريخ للعائلات، خصوصا تلك العائلات التي أصبحت عابرة للقارات والدول والشعوب والعصور. وهو تاريخ ما يزال محفوفاً بالكثير من الغموض والأسرار، ويخضع إلى قوانين أصحابه الصارمة، سواء في صناعته أو كتابته أو إدارته. سلالة «آل روتشيلد» هي واحدة من أبرز السلالات والعائلات في التاريخ الحديث، إن لم تكن أبرزها بالفعل، التي وصفها أحد كتاب سيرتها معجباً «بروعة بقائها وسرّ نفوذها وقوته»، بأن ذلك يعود إلى معرفة مبكرة بـ«علم الوراثة، وعلم الأساطير، والتدريب المدروس، ?الفرص المؤمّنة من خلال الثروة والصلات»، ما أوصل العائلة إلى الموقع الأسطوري، الذي تحتلّه الآن في العالم.
 
ثمّة قول مشهور لمؤسس السلالة وعمدتها وشيخها «مائير روتشلد»، جاء فيه: «اسمحوا لي أن أسيطر على مال الأمة، ولا يهمّني بعد ذلك مَن يضع القوانين». وهي عائلة بدأ تاريخها في فرانكفورت في القرن الثامن عشر، مع بدء مناهضة العداء للسامية، التي انطلقت من فلسفات (كنت وفيخته)، لهذا، ولمنع العيون الفضولية من قراءة بريدهم، فإنهم كانوا يكتبون مراسلاتهم جميعها بلغة «الغودندويتش»، وهي لغة ألمانية مكتوبة بحروف عبرية. وقد مَنعت تلك الشيفرة الكثير الكثير من الباحثين من الفهم الواضح لطرقهم ومشاريعهم أو نواياهم. ومن قوانين الوراث?، التي حكمت تماسك عائلة روتشيلد حتى الآن، هو أن الابن الأكبر فقط، في كل جيل، يحق له أن يقود ويضبط ثروة العائلة، وقد بقيت العائلة متماسكة طوال القرن العشرين.
 
في أواخر التسعينيات، كان يمسك الفرع الفرنسي من آل روتشلد البارونان (غاي وإيلي). أما الفرع البريطاني، فكان يمسك به اللورد (جاكوب) والسير (إيفلين). وكذلك في الولايات المتحدة، حيث سيطروا على الشبكات المالية عبر عائلات: روكفلر، ومورغان، وهاريمان وغيرهم. فمن امبراطورية (ستاندرد أويل) النفطية، إلى (قطب السكك الحديدية)، إلى (قطب الفولاذ)، وصولا إلى نفوذهم المصرفي في اليابان عبر (آل نومورا). وعلى الرغم من انفتاح آل روتشلد، نسبياً، على وسائل الإعلام، إلا أنهم ما زالوا يمسكون بأسرارهم. ففي العام 1998، سُمح لأستاذ ال?اريخ في أكسفورد (نيال فيرغسون) بنشر سيرة ذاتية مفصلة عن العائلة، غير أنها كانت سيرة تغطي تاريخ العائلة حتى العام (1848) فقط(!). وقد اعترف (فيرغسون) بأن بحثه قد تم اختزاله، إذ تمّ الاتفاق معه، منذ البداية، وبشكل رسمي، أن بإمكانه أن يقتبس بحرية من أية مادة في أرشيف عائلة روتشيلد في لندن للفترة ما قبل آذار 1915(!)، وكذلك من أي أرشيف آخر للعائلة يريده. وعلى الرغم من تلك الشروط والمحددات، فقد اكتشف (فيرغسون) في الأرشيف فجوات وتفاوتات وتفويضات وسلطات ممنوحة وتكليفات، خصوصا بالنسبة للسنوات السابقة للحرب الأهلية ا?أمريكية(!).
 
وقد وصل (فيرغسون) إلى أن العائلة نجحت في بناء أسطورتها عبر شبكة من العلاقات بين عائلات أميركية وأوروبية، من خلال نسيج معقد من المنظمات السرية والشركات، التي ما تزال تحتفظ بصلات وثيقة، خصوصا خط العلاقات (البريطانية–الأميركية). لم يخدش هذا التاريخ المغلف بالأسرار لآل روتشيلد إلا الانتحار الغامض لرئيس الامبراطورية المالية للعائلة (آمشل روتشيلد) في العام 1996 عن عمر (41) عاما. فعلى الرغم من الظروف الغامضة والمريبة لموت (آمشل)، وموقعه في عالم البنوك، فبالكاد كانت هناك أية كلمة أو خبر في وسائل الإعلام تشير إلى م?ته، ومرّت رواية انتحاره،، وأنه شنق نفسه، من دون أيّ تساؤل أو تعليق..!!
 
أما نصيب بلادنا، المعروف والمعلن حتى الآن على الأقل، من هذه السلالة، فهو وعد بلفور الشهير، الذي أعطي إلى اللورد (ليونيل روتشيلد 1917)، وكذلك خطّ النفط البحري بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، لنقل النفط الإيراني في الخمسينيات لإسرائيل، الذي أسسه البارون (إدموند روتشيلد)، بالإضافة إلى تأسيسه لـ(بنك إسرائيل العام)، حيث لُقّب حينها بـ«والد إسرائيل الحديثة..».