عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jan-2021

هل قامت الحكومة بتهديد الناس بالحظر ؟!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

بداية؛ عليّ التأكيد بأنني لم أستمع شخصيا لأي تصريح حكومي «منذ زمن»، لكنني ربما وبسبب قلة الاهتمام، أصبحت كغيري، تداهمني بلا رغبة مني ردود أفعال الناس حول موقف أو قرار أو تصريح ما، يتناقلونه بطريقة تخلو من المهنية، وفيها «لوثة» عاطفية تنزع بل تعبر عن عدم الثقة بكل ما يجري، وهذه قضية نتحدث فيها دوما، وربما تجاوزنا الحديث العادي حولها، وأصبحنا لا ننتقدها، رغم أنها سبب البلاوي كلها، فالناس حين تسيطر عليهم عدم الثقة، تصبح إدارة الشأن العام وتحقيق رضى الناس أو إرضاء الناس، تصبح حقا غاية مستحيلة .. ولن أحمل الناس المسؤولية ولا الإعلام المهني، ولا حتى الحكومات، فنحن اليوم نقف في زاوية حرجة للغاية، يصعب معها حتى رصد علاقة سلسة أو مقبولة بين أطراف معادلة الشأن العام.. الوضع مزعج بصراحة.
موجة عارمة من السخط «الفيسبوكي» وغيره، اجتاحت الناس حول تصريحات منسوبة للحكومة، يتناقلها الناس باعتبارها تهديدا أطلقته الحكومة، في وجه الذين لم يلتزموا بمتطلبات منع انتشار وتفشي الوباء، وذلك قبل أن أقول التزاما بأوامر الدفاع، لأنني لا أريد التحدث عن الموضوع من ناحية قانونية، بل من ناحية منطقية عادية، فكل شخص بل كل «مخلوق» يشعر بخطر ما، يقوم بحماية نفسه بلا تفكير كثير، فالذي تشتعل النأر أمامه يهرب ويبتعد، والذي يسير ويتفاجأ بسيارة مسرعة أو ببئر ماء مفتوح، يتحاشاهما ويبتعد عن الخطر، ولست أعلم إن كان الناس قد اقتنعوا حقا بأن لا وجود لفيروس كورونا، ليمارسوا نشاطهم المعروف بلا تحفظ أو وقاية أو التزام أو شعور مع الآخرين.. ولو كنت مسؤولا وطلبوا مني التعبير عن حالة «الانفتاح» الذي «يقال» بأن المطاعم والمحلات التجارية وبعض الأسواق الشعبية شهدته يوم الجمعة الماضي، لغضبت على الناس، وحاولت تذكيرهم بأن الخطر ما زال قائما، ولم ينته خطر الوباء، وما زال بعض منا معرض للفيروس القاتل، فهل يقبل أحدنا أن يكون قاتلا أو ناقلا لوباء قد يقتل أقرب الناس إليه، ويحيل حياتهم جحيما؟!
التصريحات «التي لم أسمعها»، ويقال بأن بعض الوزراء والمسؤولين أطلقوها «مهددين» الناس بالعودة عن قرارات فتح بعض القطاعات، ورفع الحظر يوم الجمعة، والتراجع عن البرنامج المتدرج الذي أعلنته الحكومة..الخ، لست أعلم كيف تقوم الحكومة بالتهديد، إن قامت بذلك فعلا، ولست أعلم أيضا كيف يرفض المواطن المحترم أن يكون سليما معافى هو وأهله ومن يعرفهم؟.. أنا في الواقع لا أعلم من الخاسر الفعلي من إغلاق الحياة العامة وتعطيل الدنيا، هل هذا شأن مواطنين وحدهم؟ أم هو شأن دولة وحكومات وحدها؟..منذ متى أصبحت المصلحة العامة شأنا لطرف واحد في الدولة الأردنية!.
الخسائر التي وقعت علينا أفرادا وقطاعات ودولة بسبب كورونا وإجراءاتها، تؤثر علينا جميعا، وتحتاج منا لسنوات لنتجاوز أثرها السيء، فأي حديث عن إغلاقات من جديد هو الجريمة، لكن أيضا موت الناس جريمة أكبر، ولو أردنا أن نطبق قانونا نحاكم فيه ناقل الفيروس باعتباره شارك في جريمة، لوجدنا أنفسنا مدانين بأكثر من جريمة من النوع نفسه، لأننا لم نلتزم ونقلنا الفيروس للناس فماتوا، وخربنا بيوت أهاليهم.
ليست هكذا طبيعة العلاقة بين المواطن ودولته، ولا هذا هو الانتماء بين مجموعة من الناس يتقاسمون الحياة ومواردها، فكيف يكون انتماء لوطن ودولة وشعب وعشيرة؟.. نعم؛ من حقي أن أدافع عن صحتي وحياة وصحة أهلي وأقاربي، فكيف حين أكون مسؤولا مكلفا بهذه المهمة، لحماية الجميع؟!
يجب العودة الى أصل العلاقة بين الناس ودولتهم، والعودة الى ألف باء الوفاء والولاء البشري لأية فئة أو جهة، فهناك بديهيات مهمة، ويبدو أن كثيرين منا قد تجاوزوها، والسبب انعدام الثقة..