عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jan-2020

قرار مخيب للآمال - بقلم: زلمان شوفال

 

معاريف
 
بعد جدالات وتأخيرات استمرت ثمانية اشهر نجحت الاغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الاميركي في أن تجيز أخيرا قرار 326 الذي يدعو الى استمرار “غير مشروط” للمساعدة الامنية في اسرائيل بمبلغ 38 مليار دولار لعشر سنوات. وبذلك وفقا لاتفاق بدأ في 1998 واعيدت المصادقة عليه مع بعض التعديلات في عهد ادارة الرئيس اوباما.
لقد ادخلت عبارة “غير مشروط” الى القرار لمنع جهود المجموعة المناهضة لاسرائيل في مجلس النواب، والتي تؤيد الـ “بي دي اس”، (والتي تسميها الصحافة الاميركية لسبب ما “المجموعة التقدمية”) لاشتراط المساعدة الامنية بتنازلات اسرائيلية للفلسطينيين. ولكن في ذلك وردة وشوكة فمن اجل الحصول مع ذلك على موافقة قصوى للقرار، وافقت القيادة الديمقراطية في الكونغرس على عنونته بعنوان “دعم مجلس النواب للجهود الاميركية لحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني من خلال المفاوضات لحل الدولتين”، بل واضافت لصيغة القرار “الايضاح” التالي: “لما كانت الولايات المتحدة سعت دوما لضمان مستقبل عادل ومستقر للفلسطينيين، لإنهاء الاحتلال، بما في ذلك معارضة اعمال الاستيطان وخطوات الضم من طرف واحد في المناطق الفلسطينية” (لا يوجد اي ذكر للرفض الفلسطيني الدائم لكل حل وسط سياسي ما لم يمنع عضوات مجلس النواب المناهضات لاسرائيل، الهان عمر، رشيدة طليب، الكسندريا اوسكيو كورتيز وايانا بارسلي من التصويت مع ذلك ضد القرار. ولماذا؟ لان هذه المجموعة تعارض ليس فقط المساعدة الامنية لاسرائيل بل حتى مجرد وجود اسرائيل (اي انها تعارض صيغة الدولتين ايضا).
وعلى اي حال، فان تراجع الاغلبية في الكتلة الديمقراطية لم يفوت فقط الهدف الاساس للمبادرين للقرار، اي تأييد المساعدة الامنية لاسرائيل – وذلك، كما هو مهم التشديد، بخلاف موقف بعض المرشحين الديمقراطيين للرئاسة مثل السناتورين وورن وساندرس اللذين اعلنا انهما اذا انتصرا في الانتخابات سيشترطان استمرار المساعدة بوقف المستوطنات وبموافقة اسرائيلية مسبقا على اقامة دولة فلسطينية – بل وايضا جعل القرار بقدر كبير غير ذي صلة من ناحية الواقع في الشرق الاوسط، والذي وصف رئيس الاركان كوخافي الاسبوع الماضي دون اي رتوش تعقيداته الخطيرة ومع مراعاة ذلك فان المجنون او المنقطع عن الواقع تماما وحدهما، حتى لو كانا مؤيدين مبدئيا لانفصال سياسي عن الفلسطينيين، يمكنهما ان يؤيدا اقامة دولة فلسطينية الآن.
لقد صوت اغلبية اعضاء مجلس النواب الجمهوريين ضد القرار لانهم فهموا بانه رغم انه كانت فيه في الاصل فضائل الا انه في ظل ارفاقه بموقف سياسي غير ذي صلة، بات ضرره اكثر من نفعه. صحيح أن القرار غير ملزم، لا للادارة ولا للكونغرس نفسه بل يعرب فقط عن “روح المجلس”. ولكن حتى هكذا يوجد فيه مثابة تثبيت حقيقة سياسية معينة، ولكن وكنتيجة للغموض في الصيغة، ليس واضحا على الاطلاق ما هي هذه الحقيقة.
وكما كان متوقعا، فقد اثار القرار جدالا في اوساط الجمهور اليهودي حين أيدته منظمة “جي ستريت” اليسارية و “ايباك”، التي تمثل جملة الاراء في اوساط مؤيدي اسرائيل، فضلت الامتناع عن الاعراب عن رأي رسمي. وحده المجلس اليهودي الديمقراطي الاميركي، وهو المنظمة التي تجمع في داخلها اساسا الجناح اليساري من اليهود مؤيدي الحزب الديمقراطي، اعلن عن تأييده غير المتحفظ بل وشدد على الحاجة لمنع “امكانية ضم اسرائيل للضفة الغربية من طرف واحد”.
أصوات اخرى، وليس فقط في اليمين، أبدت ملاحظة بان صيغة القرار تقيد قدرة اسرائيل على خوض مفاوضات للسلام دون شروط مسبقة وتحاول التدخل في حرية عملها السياسي، ولكن هذه الخلافات الداخلية في اوساط الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، والتي تتأثر بالطبع ايضا من الموقف السلبي لقسم كبير منها تجاه الرئيس ترامب، تشدد أكثر فأكثر الخطر الذي يحدق سواء باسرائيل أم بيهود أميركا، من شق الوحدة اليهودية ولا سيما في ضوء تعاظم اللاسامية هناك، سواء من اليمين العنيف أم من اليسار الساحق، وتوزيع المناشير اللاسامية في ولاية فيرموند، ولاية السناتور اليهودي بارني ساندرس، تشكل لها تذكير.