عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jun-2019

الید الخفیة في الشرق الأوسط - بقلم: تسفي برئیل
ھآرتس
العاصمة الجدیدة التي یقوم ببنائھا الرئیس المصري عبد الفتاح السیسي قرب القاھرة حظیت في
السابق بصفة ”الفیل الأبیض“ الذي فقط یشفط ملیارات الدولارات ولا یضمن أي مقابل. وقد حظیت
باحتفالین فاخرین للتدشین، الأول في ذكرى بناء الكنیسة الأكبر في القاھرة، والثاني عند افتتاح
المسجد الكبیر في المدینة. ولكن بناء الشقق السكنیة لمئات آلاف المصریین ما یزال یسیر ببطء.
ولكن المبالغ الكبیرة تصل بالتحدید من مصدر غیر متوقع.
الصین وعدت باستثمار 20 ملیار دولار في العاصمة الجدیدة، وحتى الآن حولت قرضا بمبلغ 3
ملیارات دولار بھدف بناء الحي التجاري في المدینة.
منذ تبنت الصین سیاسة ”الحزام والطریق“ في العام 2013 ،الخطة التي ھدفھا الدفاع عن سیطرة
الصین الاقتصادیة في المنطقة التي تقع بین شرقھا والبحر المتوسط، قسمت دول الشرق الاوسط
(وشرق آسیا) الى خمس مجموعات. المجموعة الاھم والاشمل تضم دولا تعتبر حلیفات استراتیجیة
كاملة تطمح الصین إلى اقامة شراكة اقتصادیة معھا في المجال الاقلیمي والدولي. في ورقة مخطط
سیاستھا في الشرق الأوسط عرضت الصین مفھوم ”المراسي الثلاثة“ الذي بحسبھ التعاون في
مجال الطاقة سیكون حجر الاساس، اقامة علاقات تجاریة واستثمارات في البنى التحتیة ستشكل
وسیلة مساعدة لمجال الطاقة، والاساس الثالث سیتركز في مجال التكنولوجیا المتطورة والتعاون في
مجال الذرة والفضاء.
من اجل دفع مسار السیطرة على دول الشرق الاوسط قدما، اقامت الصین منتدى تعاون بینھا وبین
الدول العربیة الذي یعقد مرة في السنة على مستوى وزراء الخارجیة. ھذا المنتدى الذي اقیم في
2004 حظي في السنتین الاخیرتین بزخم كبیر لیس فقط بسبب خطة ”الحزام والطریق“ بل بسبب
تقدیر الصین بأن العقوبات التي تقف أمامھا في الغرب، وبشكل خاص أمام الولایات المتحدة،
تجبرھا على ایجاد بدیل. كجزء من الخطة الرئیسیة تخصص الصین جزءا كبیرا من استثماراتھا
في توسیع وبناء موانئ واقامة مناطق صناعیة قرب ھذه الموانئ لانشاء خطوط ربط فعالة بین
المصانع ومسارات النقل البحري.
سیاسة الصین المعلنة تقول إنھ لیس لھذه الاستثمارات أھداف سیاسیة وجمیعھا موجھة لتحقیق
اغراض اقتصادیة لصالح الصین والدول التي تقوم بالاستثمار فیھا.
إن عدم التبجح الذي یمیز النشاطات السیاسیة للصین في المنطقة مقابل تمددھا الاقتصادي منفلت
العقال یمكنھا من المناورة بشكل جید بین النزاعات بدون أن تجلب الیھا النار من أي طرف. ھذه
الدولة العظمى الكبیرة والغنیة تنسحب من المشاركة في مؤتمرات ھدفت الى انھاء الحروب وحل
المواجھات، وھي لیست شریكة في الخطوات السیاسیة في سوریة أو لیبیا، ولا توجد لھا رغبة في
الانشغال بالنزاع بین إسرائیل والفلسطینیین، ویبدو أنھ لا موقف لھا في قضیة النزاع الأمیركي –
الروسي. ولكن الصین في الحقیقة لا تغیب عن ھذه الساحات. فھي تلاحظ الفرص وتقوم باستغلالھا. جنودھا لا یتم وضعھم في دول الشرق الأوسط، وبدلا منھم تضع الصین شبكات اتصالات تمكنھا من الوصول عمیقا الى كل مجالات الحیاة في ھذه الدول، وھي تستخدم القوة الناعمة عبر تطویر السیاحة وتشجیع السیاح على الوصول الى دول المنطقة، وبذلك تزید تعلق ھذه الدول بھا. وھي تقیم تعاون في مجال التعلیم والفنون وفي نفس الوقت تعتبر نفسھا ”دولة محایدة“ لیس لھا أجندة سیاسیة. ھذا التصنیف یمنحھا دعم الشعوب في الدول العربیة التي مواطنوھا یكرھون أمیركا أو یخشون من التدخل الروسي في شؤونھا. سیكون من الخطأ فحص تمدد الصین الاقتصادي وكأنھ لا یوجد فیھ نفوذ سیاسي.