عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2021

من يكبح جماح القتلة الجوالين؟* رمزي الغزوي

الدستور - 

 
لدي سؤالٌ افتراضي خفيف: ماذا لو أن كلَّ من أُصيب بالكورونا حَجَرَ نفسه بشكلٍ حقيقي في منزله، وضمن القواعد الصحية المعروفة والموصوفة. هل كانت أعداد الإصابات ستتفاقم لدينا بهذا الزخم المؤلم المصحوب بموت أسود؟. وماذا لو أن كل واحد منا تصرف في تعامله مع الآخرين وكأنه مصاب أو خائف من الإصابة. هل كنا سنرى هذه القوافل من الراحلين بسبب هذا الفيروس اللعين؟
 
نسمع قصصاً تقشعرُّ لها الأبدان، وتُندى لها الجباهُ عن أولئك الذين يخرجون إلى الحياة الطبيعية عن قصد وتعمد وهم يعرفون أن الكورونا في أنفاسهم، وفي كلامهم، وفي قربها، وعلى أياديهم وفي دموعهم وعلى ثيابهم. هم جسور سريعة ومعابر واسعة وأنفاق واسعة للمرض يدفقون به إلى الآخرين. 
 
نسمع عن ذلك الذي يعرف أنه مصاب، ومن المفروض ألا يغادر غرفته لكنه دخل عيادة طب أسنان وأصاب ممرضتين وطبيبا وعائلته، وآخرين كثرا كانوا بالقرب. ونسمع عمّن تسبب بموت إنسان عقب أن التقاه عن قرب بعد صلاة الفجر، ونقل إليه ما يحمل. ونسمع عن أصحاب مهن أبوا أن يفصحوا عن إصابتهم وجعلوها طي الكتمان، وظلوا على قيد العمل في مخابزهم ومطاعمهم ومحلاتهم جسوراً لهذا الفيروس. 
 
قبل يومين قال محافظ جرش إن 26 شخصا خالفوا إجراءات الحجر المنزلي خلال الأسبوع المنصرم في جرش، تم تحويلهم إلى المستشفى الميداني في عمّان، وسيصار إلى تحويلهم إلى القضاء، بعد الانتهاء من الحجر في المستشفى الميداني.
 
وهذا فيض من غيض. هذا قمة الجبل الجليدي الطافي التي نراها فقط، ولكن العدد الحقيقي للجوالين المصابين الذي يمنحون بركتهم للآخرين أكبر من أن يحصى ولكننا نرى أثرها بالتزايد الكبير الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه.
 
أنا أسميهم بالقتلة الجوالين. فهم قتلة حقيقيون مع سبق الإصرار. قتلة يعرفون أن هذه الكورونا قد تقتل من يصاب بها، ومع هذا فهم يمدون أجسادهم جسرا للفيروس ليعبر إلى الآخرين. 
 
لدينا ما يزيد على 80 الف حالة نشطة مصابة بالكورونا. وبضعة آلاف منهم فقط في المستشفيات والكثرة الكاثرة في الحجر المنزلي. فكيف نسيطر عليهم؟ هل تنفع فتوى دينية في كبح جماحهم عن الخروج؟، أم هل ينفع معهم أن نضع على رأس كل منهم شرطيا. أو نقيدهم باسوارة إلكترونية؟
 
ربما أن كل هذا لن يجدي، ما لم يكن ضمير هؤلاء حيّاً، وليس جلود صخر ينحط على رؤوس العباد. الضمير هو الفيصل.