عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Apr-2019

النخب المرعوبة وأردن المئوية - د. حسن محمد المومني

الراي - النخبة هي مجموعة شخوص قيادية تبرز إما بشكل مؤسسي في سياق تنافسي ديمقراطي أو من خلال عملية انتقائية ضمن فضاء محتكر من قبل مجموعة تجمعهم مصالح شخصية. هذه النخب بشقيها تحتل وتسيطر على مواقع قيادية في مختلف الجوانب في الدولة والمجتمع ويكون لها تأثير في تكوين الفضاء والخطاب العام. وان الكثير منهم خاصة من يتسم بالنزاهة العالية والأداء القيادي الذي يخدم الدولة والمجتمع يحتل مكانة ويصبحوا منقوشين في الذاكرة الجمعية للناس. أما من يفتقرللنزاهة والأرضية الأخلاقية ويحكمهم سلوكهم الاحتكاري الذي يؤمن بإعادة التدوير بعيداً عن الصالح العام، فإنهم يصبحوا عبئاً على الدولة.

ونحن في الأردن، على أعتاب المئوية الثانية من تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية حري بنا أن نستذكر ونعزز ذاكرتنا الجمعية الوطنية بكثير من النخب القيادية التي بنت وعززت دولتنا. والأمثلة كثيرة ابتداءً من قيادتنا الهاشمية التي أسست مدرسة من الحكم ترتكز على أرضية قيمية ومشروعية تاريخية دينية عمادها الانجاز. كما أن هنالك من النخب القيادية الأردنية التي نتوق لنزاهتهم في خدمة الصالح العام لدرجة الادمان المقرون بالتمني على أن يتم انتاج مثل هذه النخب الأردنية خاصة في ظل هذه التحديات التي تعصف بالوطن ابتداءً من فقدان الثقة العميق ما بين المواطن وكثير من النخب الحالية وانتهاء بإقليم ملتهب وعالم تعصف به نزعة تغييرية من الصين إلى الولايات المتحدة.
أن بعض من النخب الحالية التي سيطرت على المشهد العام مازالت مصرة على احتكار الفضاء العام بخطاب عفا عليه الزمن يتسم بالعجز وعدم القدرة غلى اعادة انتاج رؤى تساهم بحل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما أنه بتقديري الخاص أن واحدة من أهم مشكلات الأردن الرئيسية هي هذه النخبة المتخفية خلف أقنعتها والمرعوبة من مواجهة الحقيقة والانفتاح على الناس. ولقد دأبت كثير من هذه النخب على إظهار قدراً كبيراً من رعب الانفتاح واستيعاب الناس على اشتراط أن لا تكون هنالك تغطية اعلامية أو تسجيل المداولات وفي بعض الحالات اقامة هذه المناقشات في قاعات مغلقة ومحتكرة. فلا أدري كيف ستكتسب هذه النخب الثقة والمصداقية في الوقت التي هي مرعوبة من الانفتاح على الناس واكتساب ثقتهم وتقديم رؤى تتناسب مع أردن المئوية الثانية، كيف لنا أن نواجه تحديات المئوية الثانية في ظل هذا الخطاب المرعوب والذي يفتقد للشجاعة وادراك أن الزمان غير الزمان. وإن هذه النخب لم تواكب اندفاع القيادة وانحرفت عن المسار الملكي فأصبحت عبئاً على الدولة والقيادة والشعب.
ان أردن المئوية الثانية بحاجة إلى نخب ذات رؤى واستبصار ينتج معرفة نقدية قادرة على خلق فضاء عام تشاركي يتم الحديث فيه عن القضايا الوطنية للوصول لتوافق وخطاب عام جازم وتنويري سابقاً للأزمات والتحديات يعزز العقل الجمعي الأردني لا خطاب ردة فعل. نحن بحاجة ماسة إلى نخب أرضيتها والأخلاقية عالية استشرافية قادرة على فهم واستيعاب ملك اصلاحي تنويري لطالما عمل جاهداً على خلق فضاء عام بوسائل وأفكار كثيرة وما الأوراق الملكية النقاشية إلا غيض من فيض.