عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Nov-2019

جريمة جرش لا يقبلها عرف ولا دين - نيفين عبدالهادي

 

الدستور- لنبتعد عن لغة العواطف، ونقترب من لغة العقل والمنطق، ما حدث أمس في محافظة جرش، من اعتداء على رجل أمن ودليل سياحي وعدد من السياح، مرفوض جملة وتفصيلا، مرفوض ومستنكر، دينيا واجتماعيا وأخلاقيا، فهو أمر لا يكفيه الإدانة، كونه يبتعد تماما عن جوهر قناعاتنا وخلقنا.
ما حدث أمس من إعتداء بواسطة سكين في محافظة جرش، مسألة مرفوضة، ليس هذا فحسب، إنما أيضا تضرّ في قطاع السياحة الذي بدأ يتجه بخطاه نحو التعافي المتواضع، فقد تجاوز من قام بهذا الإعتداء الخطوط الحمراء في بلد يعدّه العالم أيقونة للأمن والسلام، وبات جاذبا للسياحة والإستثمارات، ليضع الوطن في مكان ليس له بالمطلق ويبتعد عن حقيقته بشكل كامل.
هذه الأعمال، لا يمكن أن نجد لها أي وصف، هي أعمال غريبة عن مجتمعنا لا تمت لنا بصلة، تتناقض مع تعاليم ديننا الإسلامي الذي يأمر بإكرام الضيف، وصون الدماء، وحفظ حرمة النفس الإنسانية، كما وصفته دائرة الإفتاء العام للمملكة، ووصفت جريمة الاعتداء بالبشعة، مما يلخّص حقيقة ما حدث، ويجعل منه جريمة مدانة ومستنكرة.
جريمة جرش، لا يقبلها عرف ولا دين، ولا صلة لها بأخلاقنا الإسلامية العربية الأصيلة في وطن لم يعرف يوما لغة للحوار وللرأي والرأي الآخر سوى لغة العقل والإتزان، فكانت كلمة الحق حقيقة أزلية بثقافة التعامل مع الآخر، مهما اختلفت الآراء وتعددت، كونها تقود لطريق مظلم على مرتكبها وعلى الوطن.
لا يمكن المرور عن ما حدث مرور الكرام، أو حتى رفضه بالكلام، فلا بد من وقفة جادة لعدم تكرار ما حدث، لا بالهجاء والبكاء على الأطلال، وإنما بتعزيز ثقافة الحوار السلمي، واجتثاث أي فكرة أو توجه من شأنه أن يبعدنا ويبعد شبابنا عن هذا النهج الذي نشأ عليه الأردنيون، فأن تقول رأيك وتعبّر عنه أمر متاح، على أن يكون التعبير ومهما بلغت درجة سلبيته تعبيرا مسؤولا، بلغة العقل بعيدا عن العنف ومبدأ الجريمة.
الحقيقة لا تتجزأ، لذا فإن واقع جريمة جرش مرفوضة، ولا يوجد أي مبرر لها، ولا تبتعد عن كونها عملا فرديا لا يمثل ولا يشبه مبادئ الأردنيين واخلاقهم، كما أنه لا يمثل وطنا عرفه العالم بأنه واحة للأمن والاستقرار، فبدلا من نسيّج الوطن بسواعدنا جميعا لحمايته من الظروف المحيطة به، يخرج مثل هذا العمل الفردي ليسيء لمسيرة لم تعرف للحوار طريقا سوى لغة العقل، لذا يجب أن يحاسب مقترفها، وأن يسعى الجميع للتنبه لأي متربص بالوطن ونغلق الباب أمامه.